أحمد أحنصال المقاوم الأمازيغي الذي زرع الرعب في صفوف المستعمر الفرنسي.

من بين الجبال، زأر أسد من أسود الأطلس، الذي خلق الرعب في صفوف المستعمر الفرنسي، نال منهم لكن في الأخير نالوا منه. إنه المقاوم الشرس “أحمد الحنصالي” الذي أطلق صرخته الأولى في العشرينيات من القرن الماضي، بمنطقة “زواية أحنصال” إقليم أزيلال. عاش ظروف اجتماعية صعبة، ولم يكتب له أن ينعم بحنين الوالدين في طفولته، إذ وافتهم المنية في سن مبكرة بعد ولادته، ليعيش تحت عطف الأقرباء حتى اشتد ساعده.

انتقل إلى منطقة أيت حبيبي قيادة تاكزيرت إقليم بني ملال، حيث تمكن من الحصول على فرصة شغل في ضيعة فلاحية تعود إلى أحد الاقطاعيين، وكانت مهمته السهر على رعاية الأغنام، المهنة التي امتهنها لمدة ثمان سنوات، ليضمن قوته اليومي، وسيكون هذا الإقطاعي هو من سيشعل شرارة المقاومة في قلب الشهيد أحمد الحنصالي، عندما أخلف وعده معه في منحه مستحقات عمله السنوي، مما دفعه إلى طرق باب السلطة المحلية، غير أنه لم يجد آذان مصغية، بل تعرض للطرد، نظرا للتزاوج الذي كان في تلك المرحلة بين السلطة المحلية المتعاونة مع المستعمر الفرنسي والمتواطئة مع الاقطاعيين، ليكون “أسعيد أوخلا” المخزني الذي طرد الحنصالي أولى الرؤوس التي أسقطها، ومن تم سيبدأ بشكل فعلي في تنفيذ العمليات الفدائية ضد المستعمر والخونة المتعاونين معهم من خلال الوشاية بالمقاومين أو مساعدة الشرطة الفرنسية أثناء المداهمات.

توغل أحمد الحنصالي في الغابات الواقعة ما بين أفورار وبين الوديان مختفيا عن أنظار الفرنسين، أصبح الأسد الذي يظهر ويختفي، مقتفيا أثار الفرنسيين، ففي سنة 1951 اعترض سيارة كان على متنها أربعة فرنسيين أطلق عليهم النار، متسببا في قتل اثنين منهم، واستولى على أسلحتهم، وهي الغنيمة التي سيستخدمها في العمليات الفدائية اللاحقة والمتكررة التي سببت ازعاجا كبيرا للفرنسيين، مما جعلهم يطلقون عليه عددا من الألقاب من قبيل “سفاح تادلة” و”اللص المسلح لتادلة”، حيث كثفوا عمليات البحث عنه، من خلال القيام بحملات تمشيطية في المناطق التي دلهم الوشاة عليها.

في يوم 23 يوليوز من سنة 1951 ألقي القبض على أحمد الحنصالي، بعد ما يقارب سنتين من الكفاح ضد المستعمر بمنطقة بين الوديان والمناطق المجاورة، كانت عمليات فردية لكنها استطاعت أن تزعزع الكيان الإمبريالي الفرنسي.

بعد مرور سنتين من التعذيب حكمت عليه المحكمة العسكرية الفرنسية بالإعدام، ليجد نفسه يتقاسم الزنزانة مع المناضل الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد، الذي وصفه “بالثائر الهادئ”. وفي الـ26 من نونبر 1953 نفدت السلطات الفرنسية حكم الاعدام في حق الشهيد لأحمد الحنصالي، بالثكنة العسكرية “العنق” بالدار البيضاء، ليدون إسمه إلى جانب شهداء الكفاح الوطني ضد المستعمر.