“التربية بين القانون والانثروبولوجيا”

الوطن 24/ بقلم: الأستاذ المختار الزو*

إذا كان من وظائف التربية تهيئة الفرد للإنسجام مع شروط الحياة داخل الجماعة والتوافق مع ما ارتضته من قيم وأطروأعراف فإن فعالية التربية لأداء هذه المهمة ستكون أقوى إذا ما كانت مسنودة بالنصوص القانونية والتعليمات. بل ثمة من يعتقد أن التربية كثيراً ما تضعف إذا لم يدعمها القانون، وقد يناوشها – في ظل غيابه – التضعضع، وبما يؤدي أحياناً إلى تهديد الأمن الإجتماعي،

وحـــتى الإنســـان المؤمـــن قــــد ينحرف قليلاً أو كثيراً حتى مع وجود التـربية، لذلك فحضـــــور القانون ضروري لــدعـــم إستمـــرارية الســــيرعلى الطريق الصحيح أما من وجهة الانثروبولوجية فالتربية تعالج على أساس أنها نسق إجتماعي له صفة الإلزام على أساس أن كل مجتمع في أي زمان ومكان اطره الخاصة في تربية النشئ.

إن التربية عامل مهم في إرساء قواعد العمل الجماعي وإحترام الآخرين، فالتعليم يقوي شخصية الفرد ويجعل منه فردا منتجا وفاعلا في مجتمعه.

ومن جهة أخرى، قد لا تفلح التربية تماماً حتى في ظل المجتمع الإسلامي من تحقيق التكيف أو الضبط أوتحقيق إحترأم الحقوق، هنا يأتي دورالقانون بصيغه الآمرة أوالناهية ليسد النواقص أو الثغرات حتى بالنسبة لسلوكيات بعــــض المؤمنـــــين ممـــن لا يكــــون بمنـــأى عن الأخـطـــاء أوالتجـــاوزات المحــــدودة أو الجزئية.

حيث أجمع علماء على أن الجريمة والعقاب المحدثين على خطورة دورالمجتمع في صنع المجرم بإعتبارأنّ الظروف الإجتماعية العامة من شأنها إمداد السلوك بالمثيرات والمنبهات، التي قد تدفع المرء نحو سبل الانحراف.

إنّ النظم الإجتماعية بما تحتوي عليه من أعراف وتقاليد وإتجاهات تمثل أحد أهم العوامل، التي تحدد وجهات السلوك، فقد تشجع على السلوك القويم وفعل الخيرات، وقد تشجع على السلوك الفاسد أو المنحرف.

وإذا كان الكثير من أوجه الإنضباط السلوكي، التي نراها في مستعمرات النمل والنحل تتم بنحو فطري، حيث لا يحتاج الحيوان إلى تربية إجتماعية، فإن الأمرفي حالة الإنسان غير ذلك، إذ يظل هذا الكائن بحاجة إلى الإخضاع القانوني والإدارة الرشيدة للكثير من شؤون حياته. علماً بأنّ القانون وحده غير قادر على الضبط السلوكي التام، وأقصى ما يستطيعه أن يأمر الناس بالتزام أحكامه من الناحية الشكلية، الأمرالذي تبرزمعه الحاجة إلى التربية، التي من شأنها توفيرإحترام القانون والإلتزام به.

*باحث في العلوم القانونية وعلوم التربية وديداكتيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *