التعاونيات والتعاون ..التربية على التعاون كمدخل للإصلاح

الوطن 24/ بقلم: كمال الخزان

التعاون هو مشترك إنساني مذ كان الإنسان يعيش في الطبيعة، وقد أسس لمفهوم التعاون جميع الفلسفات الدينية واللادينية والتي جعلت منه أساسا للعيش المشترك. وكان تأسيس الفكر التعاوني مبني في بداياته على فكر يوتيبي مثالي رأى في المجتمع الأول للتعاونيات مخرجا من مآزق الرأسمالية.

في العالم بأسره وخاصة في بعض المجتمعات الشمال أمريكية خاصة كندا، أكد هذا النمط الإنتاجي على نجاعته وقدرته على إعطاء نموذج تنموي في مختلف المجالات، من الفلاحة إلى اليد إلى مجال المال والأبناك.

هنا في المغرب عبرت مجموعة من النماذج على رصانة الاختيار التعاوني وعلى مدى قدرته على الانتاج والتسويق وإعادة توزيع الثروة المنتجة بشكل يمكن أن نقول أنه شبه عادل (وسنرجع في مقلات أخرى لشرح هذه العبارة). إلا أن النموذج التعاوني المغربي لا يزال متعثرا في مجمله، إذ يفوق عدد التعاونيات 20000 ولا نرى لها أثرا كبيرا على الناتج المغربي ولا على مستوى التشغيل اللهم في بعض المجالات الفلاحية.

من هنا يأتينا تساؤل نريد أن نطرحه مع محاولة للتأسيس فيما بعد وفي عدة مقالات لمجموعة مداخل يمكن أن تنهض بالمجال التعاوني بالمغرب. هذا التساؤل الأول سنلخصه في كلمتين. أين المشكل؟

نقصد بالمشكل هنا ليس المشكل الذي يطرحه العاملون بالمجال من قبيل مشكل التسويق ومشكل التمويل و العديد من المشاكل التي نراها تقنية محضة يمكن تجاوزها على الأمد المتوسط. بل المشكل الذي نراه نحن هنا هو مشكل التأسيس لفكر وفلسفة تعاونية مغربية. هذه الفلسفة التي نرى أنها تستلهم أسسها من بعض المظاهر التعاونية التي سبقت في رأيينا الأشكال التعاونية المعاصرة، مثل عملية “التويزا”[1] أو مباني “تكاديرت”[2]، هذه الأشكال التعاونية المتجذرة في الثقافة المغربية للبادية تشكل في رأينا حجر الأساس في البناء الفكري للتعاون بالمغرب.

عمدنا في عنوان المقال إلى طرح عبارة “التربية على التعاون” التي تكل في رأينا المدخل الحقيقي للنهوض بالتعاونيات. نحن هنا لا نتكلم عن التكوينات التي تقوم بها الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني لصالح التعاونيات. بل نتحدث عن هيكلة لمشروع تربوي كبير يهم الناشئة والعاملين بالمجال. هذا الموضوع الذي سنخصص له المقال الثاني لنبين ما هي السبل التي يمكن من خلالها العمل على تسويق فكر وفلسفة تعاونية مغربية محضة تزاوج بين الموروث الثقافي المغربي والموروث الفلسفي العالمي للفكر التعاوني.


[1]  هذه العملية لمن لا يعرفها هي عملية تشاركية تعاونية قديمة لا توال تستعمل بالبوادي حيث تقوم “جماعة” بالتعاون على القطع الأرضية في عمليات الحرث والزرع والحصاد، وتعمل المجموعة هنا على شكل تعاونية إنتاجية تعمل بجميع الأراضي بشكل متساو والإنتاج يعود لصاحب الأرض’

[2] هذه المباني عرفت بمنطقة سوس وهي عبارة عن أبراج لتخزين الطعام الكافي للقبيلة بنفس منطق تعاونيات الاستهلاك نوعا ما.