التكييف الفقهي والقانوني لنازلة إلزام الزاني بالنفقة على المولود الناتج عن العلاقة غير الشرعية إلى أن يصل السن القانوني، -مقاربة فقهية قانونية-

الوطن24/د. حمزة النهيري 

أثارت الكلمة التي ألقاها السيد وزير العدل والحريات بالمملكة المغربية الشريفة حرسها الله، الاستاذ المحترم عبد اللطيف وهبي، ردودا متباينة من الآراء الفقهية بين علماء المغرب، واخص بالذكر العالمين الجليلين والاخوين الصديقين الدكتور أحمد كافي والدكتور الحسن بن علي الكتاني حفظهما الله ورعاهما، وقد بينا في مقالاتهم المحررة مايظهر لهما في هذا الراي الذي اثاره الوزير مقررا لصحته، و ملوحا بنيته تفعيله في قانون مدونة الاسرة، و الذي يعد-اي هذا الرأي- في الدرس الفقهي من نوازل فقه الأسرة المعاصرة، وهو ماجر الخلاف فيه بين الاخوين الكريمين، حيث بدأ الدكتور حسن بنقد كلام الوزير من خلال شريط صوتي، لتبدا الردود والمناقشات لقول الدكتور حسن سلمه الله، وقد احسن الدكتور أحمد كافي حفظه الله في مقاله الاخير حين وصف الدكتور حسن الكتاني بالمغريي، ردا على سفيه من سفهاء العلم، الذي قرر ان يحشر نفسه وانفه كعادته في مالايحسنه من امور الفقه والشريعة، وذلك حين وصف الدكتور الشريف الحسن بن علي الكتاني بالنجدي نسبة إلى نجد التي ورد فيها الحديث “نجد قرن الشيطان” تهكما بشخصه الكريم ، هذا مع كونه مغربي الاصل والنسب، وهو ايضا من اهل العلم والشرف الاسري النبوي، الذي يعد امرا معظما عند المسلمين، فحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دين وقربة، عند جميع المسلمين، وقد اطلعني بعض الفقهاء على رد هذا الدعي في العلم، فلم نجد في مقاله المتهافت المليء بالامراض والعقد النفسية مايصلح للرد، فاعتذرت لصديقي عن ذكره، واكتفيت بالاشارة إلى سوء ادبه وقالته في الدكتور الحسن الكتاني، وهو مادعى شقيقه الدكتور العالم د. حمزة الكتاني الذي جمع بين علوم الشريعة وعلم الصيدلة، الى الرد على الدكتور احمد كافي، ومامنا إلا راد ومردود عليه.
وهما اخوين كريمن يجمعهما هم العمل للإسلام والاخوة الايمانية.
وساشرع في مناقشة الدكتور حسن الكتاني والدكتور أحمد كافي، مع مخالفتي لهما في بعض مايطرحونه من آراء.
ولابأس ان نشير إلى ان الرد الأول للدكتور احمد كافي قد شابته شائبة تم استدراكها من قبله – جزاه الله خيرا- وهو ماينم عن أخلاقه الفاضلة وحسن ادبه وذبه عن اعراض إخوانه في غيبتهم، وهذا ماعرفته منه حفظه الله مع طول الصحبة والصداقة.
ومثله الدكتور حسن الكتاني الذي تتميز ردوده بالأدب والعلم على طريقة فقهاء اهل الاثر، وله من المعرفة الفقهية ماتمكنه من النظر المقاصدي لكنه بميل إلى تغليب قواعد المدرسة الاثرية التي تبالغ في سد الذرائع حفاظا على كليات الشريعة كمايرى ويعتقد، بارك الله فيهما وبهما.
وكل فقهاء الاسلام بشتى مدارسهم ومناهجم تريد الحفاظ على الاسلام، لكن اصول وقواعد مجاري النظر وسعتها في الشريعة تقضي بوجود الخلاف الفقهي واستمراره، ولايرفع الخلاف الفقهي مهدي منتظر ولا قاض معتبر.
وغني عن البيان ان يفرق السادة القراء بين طريقين في النظر، طريق ساداتنا أهل الحديث والأثر وطريق سادتنا اهل الفقه والمقاصد وكلاهما على ثغر عظيم من ثغور الاسلام.
فالدكتور الكتاني حسن وفي لمدرسة الاثر واهل الحديث، كما أن الدكتور احمد كافي وفي لأهل الفقه والمقاصد، وقد جرت المناظرات الفقهية الطويلة بين الفريقين في تاريخ الفقه الإسلامي، كما يلفى ذلك في الكتب المخصصة لتاريخ المذاهب الفقهية الاسلامية(انظر تاريخ المذاهب الفقهية، لاحمد تيمور باشا بتقديم العلامة أبي زهرة) .. وللكاتبين الجليلين كتب في الفقه الاسلامي طالعناها، لاتوجد عند صعاليك الكتبة اليوم و ادعياء الفقه الذين يحشرونه انوفهم في كل صغيرة وكبيرة من غير تبصر ولاعلم، صم بكم عمي فهم لايفقهون ولايعقلون بل يسبون ويشتمون.
… ولندع هذه المقدمات لندلف إلى مقدمات أخر، اراها مهمة لفهم حيثيات الموضوع وفقه النازلة.
الفرق بين نظر الفقيه والسياسي
او ضرورة التفريق بين نظر السياسي ونظر الفقيه
السيد وزير العدل هو رجل دولة وسياسة تقلد منصبا له مكانة كبرى في كل رئاسات الدول، وهو قبل ذلك محامي مارس مهنة المحاماة التي من خلالها يتمكن المحامي من معرفة وقائع الناس وحوادثهم بما قد لايعرفه الفقيه، اللهم إن كان الفقيه يمارس مهنة القضاء، كما كان القضاة عليه من قبل، ولذلك فهو يتحدث بمنطق فقه القانون الذي يحاول جهده حفظ حقوق الصالح العام للمواطنين ودرء الاضرار الواقعة عليهم، من خلال التقارير التي ترفع إليه في الحوادث والنوازل وهي التي يتم النظر فيها وإصدار الاحكام والقوانين حولها .
وينبغي الالماع إلى معرفة شيء مهم ايضا، وهو ان سن القوانين والتشريعات يمر بمساطير قانونية إدارية ومشاورات فقهية وقانونية، وهذا يعرفه من اطلع على الفقه الدستوري والقوانين المنظمة لسن التشريعات والقوانين.
وماقاله السيد الوزير ينزل منزلة الراي الذي يطرح على النقاش العمومي وليس قانونا صودق عليه.
فهو في طور النظر والغربلة..
اما الفقيه فهو ينظر من جهتين، جهة موافقة القول لنصوص الشريعة قرءانا وسنة و إجماعا وقياسا، كما ينظر إليها من جهة المقاصد الشرعية ومرتبتها في ميزان المصالح والمفاسد مع عرض واستدعاء نصوص ارباب المذاهب الفقهية واقوال المجتهدين ليخلص إلى تبني رأي من الآراء، بل وتفعيل الاجتهاد إن اقتضى الامر الاحتهاد والنظر.
ولذلك ينبغي للناظر في هذه النازلة أن ينظر إليها من جهتين:
جهة صدورها من قبل السياسي ومن في يده سلطة القضاء والتشريع، و ينظر إليها كذلك من جهة صدورها وتناولها من قبل الفقيه، الذي عمله القياس والنظر والاجتهاد وإعمال القواعد وتحريرها وإفتاء المستفتي بها من غير إلزام، لان الالزام من عمل القاضي وليس من عمل الفقيه المجتهد.
ولذلك فالأصل في التكييف القانوني الذي يعتمده السياسي في دولة إسلامية كالمغرب – مثلا- التي يدين أهلها وسلطتها الحاكمة بالاسلام، أن يكون منسجما مع التكييف الققهي الشرعي، وهو المعمول به بحمد الله في بلادنا اليوم والأمس، والقاعدة القانونية اصلها القاعدة الشرعية، كما بين اساطين فقهاء القانون (عبد الرزاق السنهوري المصري والفقيه القانوني بلعقيد المغربي) وغيرهما، اللهم ماتعلق بالقوانين المستحدثة في زماننا كقوانين مدونة السير وغيرها من القوانين المستحدثة، او ماتعلق بتوقيف العمل ببعض الاحكام كما جرى عليع فعل عمر عام المجاعة، حين الغى العمل بحد السرقة في تلك الفترة والحقبة الزمنية.
ويجوز قياس الاستضعاف على عام المجاعة بجامع معتبر..
ولأنني بفضل الله تعالى اشتغلت بالفقه الاسلامي مدة من الزمن ومازلت بحمد الله تعالى، وشاركت منذ سنوات في تحقيق شرح توضيح ابن الحاجب للعلامة خليل ، و اشتغلت بدراسة مداخل فقه القانون، واجتزت بنجاح الامتحان الكتابي ل مباراة خطة العدالة سنة 2006، وكتبت بفضل الله تعالى منذ سنوات عديدة دراسات في فقه النوازل-لم يتيسر لها النشر بعد-، فقد تبلور في ذهني مجموعة من القواعد الفقهية والقانونية، يمكن ان نستدعيها في نقاشنا حول هذه النازلة.
…. ولذلك ينبغي مراعاة المقصد الحسن للسياسي الذي يحاول ان يصلح بمنظوره القانوني مشكلة اجتماعية تمس حاجة كثير من الناس وقع الضرر عليهم فيها، كما ينبغي مراعاة الفقيه الذي يحاول ان يحافظ على معالم الشريعة ويدافع عن حياضها بكل ما يملكه من عدة فقهية ومكنة علمية وثقافة شرعية.
… تحرير محل النزاع
لقد اكسبنا النظر في المدونات الفقهية والاصولية اهمية تحرير محل النزاع في الخلاف الفقهي، وهوامر مهم في تحقيق مناطات الاحكام المختلف فيها، ومن أجال النظر في مصنفات أيمتنا في الفقه كالبداية لابن رشد، وتحفة الفقهاء للسمرقندي، والمغني لابن قدامة، ونهاية المطلب في دراية المذهب للجويني، والقواعد النورانية لابن تيمية، ونيل الاوطار للشوكاني، وغيرها من دواوين الفقه واسفار الفتيا سيدرك ذلك بجلاء.
وبمناسبة الحديث عن نهاية المطلب للجويني فقد اثنى ابن تيمية عليه كثيرا في كتبه، واشاد به في كتاب التسعينية، وهو مطبوع طبعتين أحسنها طبعة العلامة عبد العظيم الديب رحمه الله تعالى.
ولاباس ان نشير إلى ماقرره الفارابي في إحصاء العلوم، وابو الحسن العامري في كتابه الاعلام بمحاسن الاسلام، من قدرة الكلامي والفقيه والفيلسوف على المشاركة في العلوم بشرط امتلاك القواعد وتحرير الادلة.-وهما كتابان مهمان لاغنى للباحث عنهما-.
والقاعدة انه لايغني كتاب عن كتاب وفي كل خير
اي ان الفقيه والقانوني يشتركان معا في النظر في هذه النازلة.
…… وتحرير محل النزاع ان نسال سؤالا فنجيب عنه وهو:
ما هو ماقول الشرع والشريعة فيما قاله وزيز العدل محاورا المجتمع المدني وذلك فيما فيما يتعلق بتغريم الزاني بان ينفق على مولوده طيلة حياته حتى يبلغ السن القانوني لرشده وزوال صفة القاصر غير الراشد عنه؟ .
هل القول بإلزام الزاني النفقة على المولود من الزنى إلى ان يبلغ سن البلوغ له وجه في الشريعة قرءانا وسنة يدل عليه.
فإن كان يوجد فما هي نصوص الفقهاء في الأمر؟
وإن كانت غير موجودة في مدونات الفقه فهل يصح الاجتهاد في هذه النازلة وإلزام الزاني بالنفقة على مولوده ولو لم يعترف به-يستعمل الفقهاء مصطلح الاستلحاق-؟
فالاستلحاق هو طلب الزاني إلحاق المولود له والاعتراف بنسبه إليه ولو من طريق غير شرعي..
والالحاق هو إجبار الزاني الاعتراف بالمولود قسرا وجبرا.
وهل القول بإجباره له وجه في الشريعة ام هو محض افتراء عليها والقول على الله بغير علم وتشريع مالم يأذن به الله وافتئات على شريعة رب للعالمين؟ .
إن – من وجهة نظري- مما يمكن ان ينتقد على كلام الدكتور أحمد كافي في مقاله الاول الذي بعثه الي وطلب رايي فيه، هو خروجه عن محل النزاع، وذلك بإثارته لمسالة إلحاق ولد الزنا بابيه وإسهابه فيها، وهي غير محل النزاع وإن تعلقت بها من خارج ومن جهة غير مباشرة ، وهي على كل حال مسالة خلافية معروفة ذهب الجمهور إلى منعها، وخالف بعض الايمة فيها فقرروا جوازها نظرا لظتية دلالة حديث “الولد للفراش وللعاهر الحجر” فالفراش كناية عن المرأة، والكناية هي استعمال اللفظ في لازم مدلوله مع جواز قصد المعنى الاصلي، ولأجل ذلك فإن دلالة الفراش قد تحمل ايضا على صاحب الفراش الذي هو الاب، ولاتقصر على الام كناية فقط، ما هي حجة الجمهور في استدلالهم، فقول الجمهور ليس حجة يقينا في الشريعة، فمن اولها على هذا التاويل ألحق الولد ذكرا كان أم أنثى باييه، بل إن دلالة الحديث عند تقدير هذا المقدر توجب الحاق الولد بابيه مطلقا سواء كان ابا شرعيا أم غير شرعي.(امادلالة وللعاهر الحجر فإما ان تحمل على الرجم فتكون العقوبة في الزنا رجما مطلقا، سواء كان الزاني محصنا أم غير محصن، وهو محل خلاف اليوم ونظر بين الفقهاء..)
-الابوة، والبنوة، مصطلحات شرعية يلزم عنها أحكام وآثار فقهية، فالابوة الشرعية تلزم الاب بالنفقة على الابناء والاعتراف بنسبهم إلى غير ذلك من اللوازم، كما ان الابوة غير الشرعية توجب عند جمهور الفقهاء، عدم ترتب الاثار المتعلقة بهذا العقد غير الشرعي، ومن تعجل الشيء قبل آنه عوقب بحرمانه.
وكلام الفقهاء في باب الزنى طويل معروف فلا نطيل بذكره ونكتفي بالاحالة على مظانه من كتب الفقه.
وقد تعرض ابن القيم في المنار المنيف إلى حديث ولد الزنا شر.الثلاثة، ولايدخل الجنة ولد زنا. . وهو ضعيف، ومال رحمه الله إلى تحسينه وتاول الحديث، والتاويل فرع عن التصحيح، وهو غير سديد.
وانا لا اخفي سرا أنني اميل إلى راي شيخ الاسلام في هذا الموضوع ومخالفته لجماهير الفقهاء وهي جراة علمية فقهية مقاصدية محمودة تنم عن فقه وشجاعة في القول بمايترجح، وهو عمل المجتهد الممتلك لأدوات الاجتهاد، وانا اميل إلى هذا القول لاسباب اذكرها بعد حين بحول الله تعالى، فماذنب ولد لم يرتكب جرم ابويه، فيؤخذ بجريمتهما، والله تعالى يقول “ولاتزر وازرة وزر أخرى”.
نحن نتفهم جيدا ماقاله النبي الاكرم “ولدت من نكاح ولم اولد من سفاح” وهو مايقتضي بدلالة التصريح والتلويح فضل النكاح على السفاح، وقوله تعالى: “أدعوهم لآبائهم”، وغير ذلك مما يجب ان تكون عليه المجتمعات الاسلامية، ولذلك فالنظر الشرعي المقاصدي ينبغي أيضا ان يراعي ايضا حالة الاطفال الذين ولدوا من زواج شرعي غير معلن او بغير ولي -مثلا- شابته شبهة الزنا او ما اصطلح عليه الفقهاء بشبهة التكاح. كما يراعي شعور الاولاد الناتجين عن سفاح وكان امر الله قدرا مقدورا.. ، حيث يلوح ويشار إلى وثائقهم بانهم أبناء غير شرعيين، فهل الشريعة متشوفة لإيلام هؤلاء ليؤخذوا بجريرة جرم آبائهم وخطئهم، ولذلك فرق ابن رشدعند كلامه عن الزنا يين شبهة النكاح والمتعة والزنا..(انظر البداية المجلد الثالث)
فاي جرم نقوم به، لم يتنبه إليه اهل الاثر الظاهريين والفقهاء الجامدين، اعظم من ان نجعل في المجتمع صنفا من المسلمين المكلفين غير شرعيين مرضى نفسيبن، وهم بذلك بلا شك مشروع إنشاء الفاسدين في المجتمع.
فنكون افسدنا حين اردنا أن نصلح
وانا ادعو الدكتور حسن الكتاني إلى النظر في هذا الامر والتفكير فيه مليا ولسنا نلزم احدا بقولنا.
يتشوف النظر السلفي الأثري الذي يمثله الدكتور حسن الكتاتي إلى وجوب إقامة الحدود، وكانها مقصد أساسي اولي من مقاصد الدين وليست مقاصد كلية تبعية، فالحدود والتعزيرات والعقوبات ظرف استثنائي في الشريعة، والشريعة متشوفة لاقامته عند حدوث الجرائم والانحرافات حفظا لكليات الدين، وليست الشريعة تريد إيقاع العقوبات اصلا و لاجعلها غاية مقصدية اولية.. ، وهذا الأمر مضلة افهام سبق الكتابة فيه وتحرير مقالة فبه، ولاجل ذلك تدرؤ الحدود بالشبهات، فالشبهة وعدم اكتمال البينات في الجرائم كفيل بإبطال العقوبات، فالشريعة الاسلامية شريعة السماحة واليسر وليست شريعة العقوبات والتعزيرات، وهذا موضوع آخر سبق ان افردت له مقالا يمكن الرجوع إليه.
إن نظر الدكتور حسن الكتاني يتجه الى قواعد تغليب قواعد سد ذرائع الفساد الذي هو معتمد مالك والايمة في الفقه والفتيا بلاشك، لكنه غفل عن ان كون فتح ذرائع المصالح معتبر ايضا كاعتبار سد الذرائع، وهو ماينبغي أن يتوجه إليه نظر الفقيه المقاصدي في فتاوى النوازل.
واعتقد ان معضلة المبالغة في سد الذرائع، والجبن عن فتح ذرائع المقاصد والمصالح المعتبرة خوفا من البدعة وغير ذلك، يشكل عقبة في عملية تطوير التفكير عند المسلمين.
وحاجة الفقيه والقانوني إلى ان يتعاونا في جلب المصلحة المحققة ودرء المفسدة المتوهمة واجب شرعي، وهذا نظر النوازلي و الفقيه القانوني.
ويرى الدكتور حسن وفقه الله ان التماهي مع هذا القول المخالف للنصوص يسير في خطة الحرب على الشريعة، ويلوم مخالفه الدكتور احمد كافي المسارعة في تسويغ وتبرير ماقاله الوزير من غير ماموجب، وقد ختم الدكتور كافي قوله بأنه لامانع شرعا من إلزام الزاني النفقة على مولوده، والجواب عن ذلك ان يقال بان المانع موجود و هو كون هذه الحوادث وقعت في زمن التشريع المحمدي، وقواعد التروك معمول بها إذا وجد المقتضى للترك فيعتبر، وفي هذه النازلة وجد المقتضي وقد ترك التشريع النبوي إلزام الزاني، فلايجوز حينئذ إلزام الزاني بمالايلزمه شرعا، فهو ليس بأب شرعي كي تترتب آثار الابوة ومقتضياتها.
ويمكن الجواب عن راي الدكتور حسن بان يقال، بان الفتوى تتغير بتغير الازمنة والامكنة والعوائد، وقد لاحظت معي ان نص الحديث، ليس قطعيا في كون الفراش كناية على المرأة، كما ان القران تحدث عن عقوبة الزاني وهي الجلد وليس في كتاب الله الرجم، ولايمكن معارضة حديث آحاد بنص آية قطعية، لانه لو كان الرجم موجودا في القرءان لما امكن انتصافه عند ارتكابه من الاماء، وهذا موضوع ءاخر، ولذلك فقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، تحدث للناس أقضيات بقدر مااستحدثوا من الفجور ينبغي استحضاره في هذا الباب ومثله.
ولما ان تبين لنا ان هذه النازلة ليس فيها نصوص قواطع، فإن باب الاجتهاد والنظر فيها متاح وعلى السيد وزير العدل فتح حوار علمي بين فقهاء الشريعة وفقهاء القانون لتفعيل باب الاجتهاد الفقهي، والنظر المصلحي المقاصدي الذي لا يخالف شرعا ولا يفسد واقعا، ولايقصي رايا او مذهبا.. فالآراء لن ترفع… لسنة الله القدرية في وقوع الخلاف بين الامة ولكل وجهة هو موليها، وكل من رسول الله ملتمس، وللحديث بقية إن شاء الله.
وفق الله الاخوين الكريمين الدكتور احمد كافي والدكتور حسن الكتاني على إثارة النقاش العلمي الجاد في هذا الموضوع، وادعوهما إلى النظر فيما قررته في هذا المقال المقتضب، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
واجدد شكري لهما على رحابة صدرهما في النقاش والحوار، وانصحهما بعدم الالتفات او التماهي مع اصوات بعض المشاغبين الناقدين من جهلة الشريعة والمتكلمين فيها بغير علم، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
والله ولي التوفيق…