الذكرى 19 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ألف يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا
الوطن24/ إعداد : عبد الواحد بلقصري*
تعد المبادرة الوطنية التي أعلن فيها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بتاريخ 18ماي 2005 مشروعا اجتماعيا تنمويا وورشا ملكيا خاصا خلاقا ومبدعا ومفتوحا باستمرار وفلسفة رائدة تهدف إلى معالجة اشكاليات الفقر والإقصاء الاجتماعي والهشاشة ضمن استراتيجية شمولية ترتكز على البعد التراثي والمقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين بالحقل التنموي، وقد جاءت المبادرة لتغيير أنماط العمل الاجتماعي في البلاد من خلال فتح أفق جديد يرتكز على تطوير القدرات البشرية، فبناءا على التجارب السابقة ومعرفة أفضل بظواهر الاقصاء والفقر، فإن هذه المبادرة تعكس إرادة سياسية على أعلى المستويات في الدولة لترسيخ سياسة سريعة وفعالة في مكافحة الهشاشة والفوارق الاجتماعية، وقد جاءت لتقدم أيضا تغييرا نوعيا في الاسلوب، لأنها ترتكز على مبادئ أساسية من قبل تحديد جيد للأهداف والمناطق والمستفيد ين أو ادماج سوسيواجتماعي للتدخلات والبرامج عبر مبادرة تستفيد من تمويل خاص ذو طابع مؤسسي.
وجاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كخطة تنموية استراتيجية مختصة من أعلى مستوى (ملك البلاد) لتجعل من تنمية العنصر البشري الهدف الاسمى من خلال أهداف استراتيجية نجملها فيما يلي:
– الحد من الفقر و الهشاشة؛
– تحقيق العدالة الاجتماعية عبر الرفع من مؤشر الدخل؛
يتمثل التوجه العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية استراتيجية كما ذكرنا سابقا في ما يلي:
– تقسيم ترابي متماسك؛
– تنمية البنيات التحتية؛
– التمكين الاقتصادي للمرأة؛
– خلق التقائية بين الفاعلين المحليين لبناء سياسات عمومية محلية معقلنة؛
وبالإضافة إلى هاته العناصر الاساسية هناك محاور فرعية تستند عليها هاته المقومات ولعل أهمها نجد
أ- التصدي للعجز الاجتماعي الذي تعرفه مختلف الجماعات الترابية المهشمة والجماعات الحضرية الفقيرة، عن طريق استفادتها من المرفق (الخدمات والتجهيزات الإجتماعية)*1*
ب- تشجيع الانشطة المدرة للدخل والمنتجة لفرص الشغل عبر الإدماج الاقتصادي للشباب
ت- بناء الرأسمال البشري عبر الاهتمام بالطفولة المبكرة وصحة الأم والطفل وتقوية دعائم الصحة المدرسية
هـ – تجويد العملية التربوية عبر تدعيم المنظومة التربوية بمختلف برامج الدعم الاجتماعي والتربوي
وجائت فلسفة المبادرة انطلاقا من قيم مركزية وهي:
– الكرامة
– الثقة
– المشاركة
– الاستمرارية
-الحكامة
وعلى مقاربة غير متمركزة تعتمد على المبادئ التالية:
– القرب
-التشاور
-التعاقد
-الشفافية
وأهدافا تعتمد على مايلي:
– دعم الانشطة المذرة للدخل
-تحسين شروط الولوج إلى الخدمات الأساسية
– إدماج المراة والشباب في التنمية
كماأن برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الأولى والثانية خلقت دينامية مهمة ساهمت من خلال إجراءاتها ومشاريعها النموذجية في خلق اقتصاد محلي بالإضافة إلى مجال تدخلها في المجال الاجتماعي عبر التأسيس لمجموعة من المراكز الإجتماعية مثل مراكز الرعاية الاجتماعية، ومدارس جما عاتية وبنيات تحتية، لكن بالرغم من ذلك كانت هناك مجموعة من النواقص نجد ها من جهة أولى أن العديد من المصالح الخارجية اعتبرت أن المبادرة سياسة عمومية تحل محل القطاعات وليست رافعة وهو على العكس من ذلك المبادرة هي مشروع اجتماعي يروم تحقيق الالتقائية ويعتبر رافعة لتحقيق التنمية المحلية والرفع من مؤشرات التنمية بالمغرب وتحسين مرتبة المغرب في هذا المجال ومن جهة ثانية بالرغم من العدد الاجمالي الكبير للمشاريع التي أنجزت إلا أن ضعف المواكبة والتعتيم أثرت على سير وتدبير هاته المشاريع، ومن جهة ثالثة اعتبر ضعف التكوين والتواصل لدى الفاعلين المحليين وكذا تسييس العديد من المشاريع حيث نجد باعتبار أن رئيس اللجنة المحلية في أجهزة الحكامة على المستوى المحلي كان هو رئيس الجماعة، حيث أن شرعية الانجاز كانت ذات نظرة سياسية وليست نظرة تنموية مما أثر على السير العادي للمبادرة، كما أن المرجلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله انطلاقتها يوم 19 شتنبر 2018 أشار الى أن هذه المرحلة ترتكز على مقاربة إرادوية متجددة تهدف إلى تحيصين وتعزيز المكتسبات مع إعادة توجيه البرامج سعيا للنهوض بالرأسمال البشري والعناية بالأجيال الصاعدة ودعم الفئات الهشة بالإضافة إلى اعتماد جيل جديد من المبادرات المذرة للدخل والمجددة لفرص الشغل.*2*
وترتكز هذه المرحلة على مقاربة ارادية ومتجددة تهدف إلى تحصين وتعزيز المكتسبات مع إعادة توجيه
البرامج سعيا للنهوض بالرأسمال البشري والعناية بالأجيال الصاعدة ودعم الفئات الهشة بالإضافة إلى
اعتماد جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل والمحدثة لفرص الشغل.
ولتفعيل هذه المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية يرتكز على أربعة برامج، ويتعلق الأمر ب:
البرنامج الأول: برنامج تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية، والخدماتالأساسية ،بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، ويهدف هذا البرنامج إلى مواصلة تنفيذ الشق التعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار برنامج
تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالعالم القروي، مع العمل على دعم الولوج للبنيات التحتية
والخدمات الأساسية بالمراكز القروية الأقل تجهيزا
البرنامج الثاني :مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة:
البرنامج الثالث: تحسين الدخل، والإدماج الاقتصادي للشباب
البرنامج الرابع: الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة*3*
ويعد البرنامج الرابع من البرامج المهمة والمبتكرة التي جاءت بها هاته المرحلة نجد البرنامج رقم 4 الذي يعنى بالدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة ويسعى هذا البرنامج إلى الاستثمار في الرأسمال البشري وذلك بالتركيز على المحاور التالية :
المحورالأول: تنمـية الطفولة المبكرة عبر تقوية نظام صحة الأم والطفل والمساهمة في محاربة سوء التغذية لدى الأطفال ودعم تعميم التعليم الأولي.
المحورالثاني: مواكبة الطفولة والشباب وذلك عبر تقوية الدعم المدرسي والنهوض بالصحة المدرسية وتدعيم الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية وتحسين المحـــــيط المدرسي وظروف التمدرس عبر فضاءات الإيواء والمطاعم المدرسية والنقل المدرسي.
وفي قراءة لحصيلة هاته المرحلة مابين 2019و2023ومكتسباتها نجد أنها حققت العديد من الإنجازات يمكن إجمالها فيما يلي :
1-أنها ساهمت في تعميم التعليم الاولي بجودة عالية واداء بيداغوجي لشركاء متخصصين في هذا الشأن كل هذا كان له وقع كبير على جودة العملية التربوية ومحاربة الهدر المدرسي والإدماج السلس للأطفال في منظومة التربية والتكوين .
2- أن الدعم الاجتماعي الذي باشرته برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (برنامج مليون محفظة، النقل المدرسي، الصحة المدرسية…… (ساهم في تحقيق مبدأالانصاف وتكافؤ الفرص لولوج التمدرس وحد من العراقيل السوسيو اقتصادية والمجالية التي حالت دون ولوج شريحة مهمة من التلميذات والتلاميذ لولوج المؤسسات التعليمية .*4*
3-ان المرحلة الثالثة بفضل هندستها الجديدة للنهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة ساهمت في النهوض بأوضاع الطفولة المبكرة باعتبارها عماد المجتمع وقاطرة للمستقبل .
4- أنها بفضل منصات الشباب التي أنجزت في إطار البرنامج الثالث المتعلق بالإدماج الاقتصادي للشباب حاولت تحسين الدخل والتي حاولت من خلاله ادماج الشباب في التنمية الاقتصادية وانعاش الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتثمين المنتوجات المحلية وتحسين قالية التشغيل عبر إداج الشباب في سوق الشغل .*5*
5- ساهمت في تعزيز العرض التربوي في العالم القروي عبر بناء العديد من الوحدات المدرسية والإعداديات والثانويات ووحدات التعليم الأولي مما ساهم في تجاوز الاختلالات التي يعاني منها العالم القروي وكان له أثر كبير على تحقيق التنمية الشاملة وساهم في مجال تدبير الدعم المدرسي ساهمت في الحد من محاربة الاختلالات التربوية التي عرفتها المنظومة التعليمية في المغرب ومن شأن استمرارية ذلك ان يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية ويساهم في تجويد العملية التربوية لكي تكون قاطلرة للتنمية .
6-أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعتبر رافعة لنواقص السياسات العمومية ومن شان التقارب بينها وبين السياسات العمومية القطاعية أن يحسن من رتب المغرب في تقارير برنامج الامم المتحدة للإنماء الاقتصادي والاجتماعي .
7-أن بـــــرامج المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بواسطة استهدفت جميع الفئات العمرية بدئ بالطفولة المبكرة والشباب والمراة والشيوخ، ومن شان الاهتمام بهم إلى جانب السيات العمومية أن يرفع من مراتب مؤشر التنمية البشرية في المغرب .
7-أنها استطاعت بشكل كبير الحد من الفوارق الترابية والاجتماعية في العالم القروي عبر تعزيز المسالك الطرقية وتدعيم منظومة الخريطة الصحية ومحاربة الإشكالات المرتبطة بالماء والكهرباء بالعالم القروي .*6*
وتحت شعار “ألف يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا”باعتبار أن الطفولة المبكرة وصحة الأم والطفل شكلت احدى المحاور الرئيسية لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة، حيث أن تجربة المرفق الصحي الجماعاتي لتحسين الوصول إلى خدمات صحة الأم والطفل والتغذية التي أجرتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية وبونيسف استطاع تحقيق رؤية موحدة للتغطية الصحية الشاملة، وقد تم إطلاق هذه التجربة في يناير 2020 واستمرت النمذجة الميدانية حتى يوليوز 2022 في خضم جائحة كوفيد 19واستهدف البرنامج النساء في سن الإنجاب والحوامل والنساء اللائي وضعن مؤخرا، فضلا عن الأطفال دون سن 5 سنوات في المناطق القروية والمناطق النائية والجبلية التي يصعب فيها الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية،بالضافة إلى نجد أن البرنامج الرابع الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة استطاع من خلال محوره المتعلق يصحة الأم والطفل أن ينجز العديد من المشاريع النموذجية كدور الامومة والولادة وسيارات النقل الصحي للمرأة الحامل وتدخلات في مجال التحسيس بالتغدية الصحية للأم والطفل والحملات التحسيسية السنوية للرضاعة الطبيعية، كل هذا استطاع أن يحسن ولو بشكل جزئي معدلات وفيات الأمهات الحوامل والاطفال الرضع ومن شانه زيادة الاهتمام بهذا المحور والتقائية السياسات العمومية في هذا الشأن أن يحسن من مؤشر المغرب في العمر المتوقع عند الميلاد ،بالاضافة الى ذلك تم انجاز العديد من المشاريع في مجال التعليم الاولي الذي يعد الركيزة الأساسية للرأسمال البشري وكما أكدت العديد من الدراسات يساهم بشكل كبير في تحقيق النمو الاقتصادي الذي بواسطته يمكن تحقيق الرفاه الإنساني عبر الرفع من مؤشرات التنمية البشرية.
ويشكل النهوض بالتعليم الأولي من أولويات إصلاح المنظومة التعليمية والتربوية بالمملكة، اعتبارا للإمكانيات التي يوفرها للأطفال في اكتساب كفاءات ذاتية وقدرات معرفية تمكنهم من النجاح في مسارهم الدراسي، وتجنبهم آفة الهذر المدرسي.
كما أن التعليم الأولي يساهم في تحقيق تكافؤ الفرص بين الأطفال، خصوصا في الوسط القروي، حيث يشكل عدم استفادة هؤلاء من التعليم الأولي في سن مبكرة، عاملا سلبيا يعوق مسارهم الدراسي ويحرمهم من إمكانات تنافسية هامة مقارنة مع الأطفال الذين سبق لهم أن استفادوا من التعليم الأولي.
و تتضمن الهيكلة التربوية الجديدة كلا من التعليم الأولي والابتــــدائي والإعدادي والثانوي والتعليم العالي، على أساس الجذوع المشتركة والتخـــصص التدريجي والجسور على جميع المستويات؛ وعندما يكون تعميم التعليم الإلزامي قد حقق تقدما بينا، ستحدد الروابط التالية، على مستويين البيداغوجي والإداري :
– دمج التعليم الأولي والتعليم الابتدائي لتشكيل سيرورة تربوية منسجمة تســـمى
“الابتدائي”، مدتها ثمان سنوات وتتكون من سلكين: السلك الأساسي الذي سيشمل
التعليم الأولي، والسلك الأول من الابتدائي، من جهة، والسلك المتوسط الذي
سيتكون من السلك الثاني للابتدائي، من جهة ثانية ؛
و يرمي التعليم الأولي والابتدائي إلى تحقيق الأهداف العامة الآتية :
– ضمان أقصى حد من تكافؤ الفرص لجميع الأطفال المغاربة منذ سن مبكرة، للنجاح في مسارهم الدراسي وبعد ذلك في الحياة المهنية بما في ذلك إدماج المرحلة المتقدمة من التعليم الأولي ؛
– اكتساب المــــعارف والمــــهارات الـــــتي تمكن من إدراك اللـغة العـربية والتـــعبير مع الاستئناس في البداية – إن اقتضى الأمر ذلك – باللغات واللهجات المحلية؛
– التواصل الوظيفي بلغة أجنبية أولى ثم لغة أجنبية ثانية وفق محتوى الدعامة التاسعة الخاصة باللغات؛
– استيعاب المعارف الأساسية, والكفايات التي تنمي استقلالية المتعلم؛
– التمكن من المفاهيم ومناهج التفكير والتعبير والتواصل والفعل والتكيف, مما يجعل من الناشئة أشخاصا نافعين, قادرين على التطور والاستمرار في التعلم طيلة حياتهم بتلاؤم تام مع محيطهم المحلي ، الوطني والعالمي؛
– اكتساب مهارات تقنية و رياضية و فنية أساسية مرتبطة مباشرة بالمحيط الاجتماعي والاقتصادي للمدرسة.
و يلتحق بالتعليم الأولي الأطفال اللذين يتراوح أعمارهم بين أربع سنوات كاملة وست سنوات، وتهدف هذه الدراسة خلال عامين إلى تيسير التفتح البدني والعقلي والوجداني للطفل وتحقيق استقلاليته وتنشئته الاجتماعية وذلك من خلال:
– تنمية مهاراته الحسية الحركية والمكانية والزمنية والرمزية والتخيلية والتعبيرية؛
– تعلم القيم الدينية والخلقية والوطنية الأساسية؛
– التمرن على الأنشطة العملية والفنية (كالرسم والتلوين والتشكيل، ولعـــــب الأدوار والإنشاد والموسيقى).
إن الأنشطة التحضيرية للقراءة والكتابة باللغة العربية خاصة من خلال إتقان التعبير الشفوي, مع الاستئناس باللغة الأم لتيسير الشروع في القراءة والكتابة باللغة العربية.
وقد أكد المجلس الأعلى للتعليم مجموعة من الاعتبارات كما هو مـــــــــــحدد في الإستراتيجية الوطنية لمنظومة التربية والتكوين تجعل من التعليم الأولي رافعة لنجاح منظومة التربية والتكوين :
إن التعليم الأولي عماد تحسين الثروة البشرية عبر زيادة متوسط عدد سنوات الدراسة وأمد الحياة.
أن البلدان التي استطاعت تعميم التعليم الأولي تمكنت من بناء منظومة تعليمية ناجحة ونموذج تنموي تنافسي .
أن البلـدان التـي لديهـا مسـتوى ضعيـف فـي التعليم الأولي، تعانــي مــن فــوارق كبــرى فـي تعلـم تلامذتها المتراوحـة أعمارهـم بيـن 15 و 18 ســنة، بنســبة 20 .%، ممــا يســاهم فــي اتسـاع الهـوة بيـن الأغنياء والفقـراء كلمـا تـم التقــدم فــي المراحــل اللاحقة من تعليم أجيال الغد.
إن الأطفال المتراوحــة أعمارهــم بيــن أربــع سـنوات إلى حدود اسـتيفاء خمس سـنوات، هم الأكثر حاجــة لـــتنمية بنياتهــم الذهنية-العصبيــة، والتـــــــــعلــم بطــرق معرفيــة وتربويــة تركــز علــى المهــارات، وصقــل إدراكا تهم الحســية-الحركية، وإبداعاتهــم، تفتحهــم، ذكائهــم، حســهم المجتمعــي، شـــــخصيتهم، أنمــاط سلوكياتهم ،قدراتهــم المعرفيــة والعاطفيــة والنفســية.
وقد وضع المجلس الأعلى للتربية والتكوين تصورات وتوجهات نوعيـة تضمـن ولـوج كافـة الأطفال المتراوحـة أعمارهـم بيــن أربــع ســنوات إلــى حــدود اســـــتيفاء الســنة الخامســة مــن العمــر، دون أي تمييــز، إلــى التعليــم الأولي، عصـــري وذي جــودة وجــذاب، وذلــك فــي أفــق العشــر ســنوات المقبلــة، وتمكيــن الطفــل مــن ولــوج الطــور الابتدائي وهــو يمتلــك كافــــــــة الشــروط المؤهلــة للإدماج والنجــاح.
مما سبق نستنتج على أنه بالرغم من نواقص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلا أنها على الأقل استطاعت أن ترســــــخ ثقافة المبادرة من خلال برامجها وثقافة المشروع والتربية على ثقافات التنمية المبنية على إعطاء الناس الفرص وتعزيز قدراتهم حيث نجد انه مع تأسيس المبادرة ازداد عدد الجمعيات وبحكم أن المجتمع المدني كان فاعلا أساسيا في تفعيل برامج ومحاور المبادرة ،وبالرغم مع أن العديد من الجمعيات فشلت في تدبير العديد من المشاريع بسبب ضعف حكامتها الداخلية وضعف التكوين وفق الحاجيات ،إلا أن العديد من الجمعيات حققت تراكمات إيجابية لمجموعة من المشاريع سواء في ميدان العمل الاجتماعي أو الأنشطة المذرة للدخل واستطاعت أن تخلق لنا مشاريع تنموية متميزة كان لها أثر اجتماعي مهم ،وبالرغم مع أنه في حديثنا عن مؤشرات التنمية البشرية نجد أن رتب المغرب مازالت لم ترقى إلى مصاف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة ،لأنه لايمكن أن نعتمد على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لأن المبادرة لاتحل محل السياسات العمومية إضافة إلى أن مسالة النواقص المرتبطة بالتشخيص الترابي ومعرفة الجغرافية الاجتماعية أثرت بشكل كبير على نجاح المرحلة الأولى والثانية ،كل هذا تم تداركه في المرحلة الثالثة،إلا إن الاختلالات الكبيرة التي انتابت السياسات العمومية والمخططات والاستراتيجيات التي عرفها المغرب المستقل كان لها أثر كبير على نجاح برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باعتبار ان العديد من المصالح الخارجية كانت تسعى الى معالجة برامجها بواسطة الدعم المخصص للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،كل هذا ساهم في وجود عدم الالتقائية والتنسيق والخلط والرغم مع أن أجهزة الحكامة ولجانها تعتبر نموذج للتنسيق الادراي والتلقائية يجب على جميع القطاعات الاستفادة بحكم مقاربتها التشاركية سواء في البرمجة والتخطيط والتتبع والتقييم .
نخلص في الأخير إلى الخلاصات التالية :
الخلاصة الأولى : يمكن اعتبار ان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بحكم الطابع الأفقي رودورها كرافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ،تعتبر فلسفة ونموذجا رائدا في تدبير الشأن المحلي كما أكد البنك الدولي في العديد من تقاريره .
الخلاصة الثانية: أن نجاح برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يقترن على التنسيق الترابي للسياسات العمومية على المستوى الترابي لأن من شأن هذا التنسيق أن يرفع من مؤشرات التنمية البشرية ويحسن من ترتيب المغرب في التقارير الدولية .
*باحث قي علم الاجتماع السياسي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة
لائحة المراجع والهوامش :
1- السعيدي مزروع (فاطمة),”الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب “, الطبعة الأولى , مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء , 2003.
2- محرم( صبحي)/ الخطيب( محمد فتح الله) , “اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي”, دار النهضة العربية
3- بنمير(المهدي) ,” التنظيم الجهوي بالمغرب”, دراسة تحليلية للقانون رقم 96/47 المتعلق بتنظيم الجهات, سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية, المطبعة والوراقة الوطنية, مراكش, عدد6, 1997
4- انظر الموقع الالكتروني لوكالة المغرب العربي للأنباء .
5- نفس المرجع السابق
www.indh.ma6-انظر الموقع الالكتروني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
child porn