الرشوة الجنسية محور دورة تكوينية جهوية جديدة لاتحاد قاضيات المغرب بمراكش
الوطن 24/ متابعة
في إطار الدورات التكوينية الجهوية نظم إتحاد قاضيات المغرب – فرع الجمعية الدولية للقاضيات – عشية الجمعة 12 أبريل 2019 دورة تكوينية جديدة لفائدة قاضيات وقضاة الدائرة الإستئنافية بمراكش، تمحور موضوعها حول الرشوة الجنسية.
استهلت أشغال الدورة بكلمة إفتتاحية للمستشارة مينة السكراتي رئيسة إتحاد قاضيات المغرب أكدت فيها أن “الرشوة الجنسية” مصطلح يبدو للوهلة الأولى مستحدثا وغريبا، كما قد يحدث نوعا من الإلتباس، وهو مصطح من إبتكار الجمعية الدولية للنساء القاضيات التي تنبهت لوجود هذه الظاهرة في شتى المجالات وفي جميع بقاع العالم، وقد ساهم في إستفحالها حاجز الصمت الذي لطالما يحيط بها نظرا لإرتباطها بطابو الجنس.
وركزت المستشارة مينة السكراتي على أهمية الإحاطة بالمقاربة القانونية لموضوع الرشوة الجنسية كنوع من أنواع الفساد الذي يقع في مفترق الطرق بين الفساد والإستغلال الجنسي، مؤكدة أن تأطير هذه الظاهرة قد يتم من خلال عدة نصوص قانونية متفرقة في منظومة القانون الجنائي سواء تلك التي تجرم العنف أو التمييز أو الإستغلال أو التحرش أو الرشوة، لتتساءل في نهاية مداخلتها حول مدى مراعاة القانون الجنائي المغربي لمقاربة النوع الإجتماعي على نحو يأخذ بعين الإعتبار حساسية موقف المرأة حينما تقع ضحية جريمة الرشوة الجنسية؟
وقدم الدكتور أنس سعدون عضو نادي قضاة المغرب في مداخلته قراءة قانونية لجريمة الرشوة الجنسية، كموضوع أضحى حاضرا بقوة في وسائل الإعلام بعدما تمكنت الضحايا تدريجيا من كسر حاجز الصمت الذي لطالما ظل يلف بهذه الظاهرة، مذكرا في هذا الصدد بعدة قضايا هزت الرأي العام الوطني والدولي، من بينها الجنس مقابل النقاط، أو الترقية، أو التوظيف أو أي خدمات أخرى من الخدمات العمومية.
وتوقف في هذا السياق عند “دراسة حالة للرشوة الجنسية من خلال نماذج قضايا عرضت على المحاكم”، مؤكدا وجود إختلاف بين المحاكم في تكييف هذا الفعل بين التحرش أو إستغلال النفوذ أو هتك عرض أو فساد، أو إغتصاب، وهو أمر مبرر نظرا لأن الرشوة الجنسية جريمة مركبة، تقوم على أساس مكونيين:
مكون جنسي : يتجلى في طلب الإنخراط في نشاط جنسي بمفهومه الواسع، الذي لا يتوقف عند الجماع أو اللمس، وانما يشمل أي شكل من أشكال النشاط الجنسي غير المرغوب فيه، مثل الكشف عن أجزاء خاصة من الجسم، التقاط صور جنسية، المشاركة في كلام جنسي عبر الهاتف، التعرض للمس غير المناسب، أو أي خدمات جنسية أخرى.
ومكون الفساد : الذي يعني إساءة إستعمال السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة. وهو التعريف المعتمد من طرف منظمة الشفافية الدولية. وغالبا ما يقوم الفساد على مكونات ثلاثة تتمثل في إساءة إستعمال السلطة وإستغلالها، المقايضة، والإكراه النفسي بدل العنف البدني.
في نفس السياق أكدت القاضية سليمة روحي الكاتبة العامة لإتحاد قاضيات المغرب ضحايا الرشوة الجنسية غالبا ما يخترن الصمت، خوفا من الوصم الإجتماعي، وهو ما يزيد من حدة الضغوطات النفسية التي يتعرضن لها، والتي تكون لها نتائج مدمرة تعصف بإستقرارهن الإقتصادي والإجتماعي .
داعية في ختام مداخلتها إلى أهمية توظيف المستجدات التي جاء بها قانون العنف ضد النساء، ومبدأ حرية الإثبات الذي يميز المادة الجنائية من أجل محاربة الإفلات من العقاب.
أشغال الورشة التكوينية عرفت مناقشات مستفيضة همت بالأساس إشكالية تكييف فعل التحرش الجنسي، وحدود التمييز بينه وبين أفعال جرمية متعددة وعلى رأسها الإتجار في البشر؛ خاصة وأن التكييف قد يؤثر على إختصاص المحكمة التي يعود لها النظر في القضية؛ فضلا عن إشكالية شرعية الدليل الجنائي الذي قد يستعمل في إثبات جرائم الرشوة الجنسية التي تتم غالبا داخل فضاءات مغلقة، في ظل نصوص قانونية تجرم التقاط تسجيلات أو صور لأشخاص دون إذنهم في فضاءات خاصة.
ودعا المشاركون إلى تشجيع ثقافة التبليغ عن فعل الرشوة الجنسية، وحماية الضحايا والشهود والمبلغين، وتعزيز قدرات المتدخلين في محاربة هذه الآفة عن طريق التحسيس بخطورتها وخصوصياتها، ودعم التكوين المستمر لكل الجهات المكلفة بإنفاذ القانون، والحرص على تطبيق المقتضيات الجنائية العامة الواردة في صلب القانون الجنائي، ولا سيما الفصل 251 منه الذي يجرم الرشوة، ولا يشترط المقابل المادي، في إنتظار تدخل تشريعي واضح ينه الجدل حول هذا القانون .
وتجدر الإشارة إلى أن الورشة التي نظمتها جمعية إتحاد قاضيات المغرب مؤخرا بمراكش تندرج في إطار سلسلة من الورشات التكوينية التي تنظمها الجمعية لفائدة القاضيات والقضاة بتعاون مع الجمعية الدولية للنساء القاضيات وترانسبرانسي المغرب، وتشمل طنجة، مراكش، بني ملال وأكادير.