السلطة القضائية ومحنة المحاماة

الوطن24/ بقلم: حسن حلحول*
اعلم أن الفرق بين من يبني صرحا ومجدا لنفسه وبين من يهدم ويسوء إلى سمعته ومجده جريا وراء سراب الشهرة بسيط جدا، وهو أن الاول لا ينساق وراء خلق العداء مجانا مع ذويه، ولا يعتقد أنه وصل إلى حد الكمال، والثاني ينساق وراء الغرور واختلاق مشاكل يعتقد أنه لا يقهر وأنه وصل إلى حد الكمال.
قل لمن يعمل ويساهم في انهيار ماهية المحاماة، فإنه يعمل في انهيار منظومة العدالة في ذاتها، أي انهيار الجوهر والعرض، الجوهر موجود لا في الموضوع ،والعرض موجود في الموضوع، فاليستوعب الوزير هذا إذا هو فهم مفهوم المقولتان الفلسفيتان
إن على السلطة القضائية وكذا رئاسة النيابة العامة التي تعتبران الركن الرحى للعدالة، أن تقول كلمتها في ما يحاك ويعمل في إضعاف المحاماة واستهدافها، وأن من شأن إضعاف هذه المؤسسة هو إضعاف لمنظومة العدالة برمتها. يجب عليها أن تتحمل المسؤولية التاريخية في إبداء رأيها وأن تضع مشاكل المحاماة في صلب مشاكلها، وأن مقتضيات الدستور 2011 يعطي لها هذا الحق وأن تجهر بالحق وتصدع به، فإذا كانت المحاماة دافعت يوما عن استقلالية القضاء ،فقد جاء دورها أن تبرز وتفعل تلك العلاقة العضوية والوظيفية التي تربط بين هذه المؤسسات الحيوية.
إن الجوهر والعرض لا يمكن أن ينفصلان، وان في انفصال بينهما هو بمثابة الحكم بالموت على أحدهما الآخر، لأن العلاقة الجدلية التي تربط بينهما تكاملية لا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر كتكامل بين الروح والجسد.
فقد رأينا كل القوى عبرت عن موقفها ولم نسمع أي موقف من هذا الصنو الذي نتقاسم معهم كثير من الأشياء مشتركة دستوريا وقانونيا.
وباعتبار المحاماة وفق القانون 28/08 في الفصل الأول منه ينص على أنها ” جزء من أسرة القضاء”، قطعا أن مقالات الكل والجزء مرتبطان لا ينفصلان، من أسرة القضاء من حرف جر دلالتها اللفظية كما جاء في الفية ابن مالك، بعض وبين وآبتدئ بالأمكنة… بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة.
من هنا تفيد بيان مكانة المحاماة داخل أسرة القضاء .
وأسرة: اسم مجرور وهو مضاف والقضاء: مضاف إليه وعلاقة بين المسن والمسند اليه هي علاقة أسرة واحدة والمحاماة جزء لا يتجزأ منها. ولقد نجد هذا التداخل بين المحاماة والقضاء بين في المحكمة كل واحد يكمل الآخر من أجل الوصول إلى العدالة الحقيقية،فالنيابة العامة يطلق عليها القضاء الواقف ،لانها تدافع عن المجتمع واقفة، والقضاء الحكم قضاء جالس أما المحامي فإنه يوجد بين المنزلتين فهو يساهم مع القضاء الجالس في المسطرة الكتابية في القضايا المدنية بصفة عامة التي تغني عن حضوره، ويكون واقفا في القضايا الجنايات والجنحية.
وقد نجد هذا التداخل أيضا في القانون إذ أن مسك الختام للقضاة هو التحاقهم داخل أسرتهم لممارسة المحاماة بعد التقاعد أو تقديم الاستقالة دون قيد أو شرط، وكذلك تفتح ابواب للمحامين للالتحاق بالقضاء ليمارس القضاء داخل أسرتهم أيضا، فهذه العلاقة الأسرية والأخوية في الرضاعة، يفرض على السلطة القضائية وكذا اطاراتها الودادية الحسنية ونادي القضاة والمرأة القاضية، أن تعبر بالضرورة عن قول الحق للدفاع عن المحاماة من جراء ما يطالها من حيف واجحاف من ذوي القربى ،ان التاريخ سيشهد لكم بذلك كما يشهد للمحاماة أنها دائما تقف معكم في خندق واحد وفي صف يوحد بيننا، فلا نطلب منكم غير التعبير الحقيقي والاعتباري لما يمكن أن تكون عليه مستقبل المهنة التي هي مقامكم الثاني وداركم مسك الختام.
**إلغاء مجانية التقاضي مقابل التقاضي بالضريبة.
إن المواطن المغربي كل يوم في شأن، يصبح ويمسي على رفع مستوى وانزال مستوى آخر، بين الناسخ والمنسوخ، نص في صيغة الوجوب يرفع من تكاليف المعيشة ونص اخر في صيغة المباح يغرق جيب المواطن يثقل كاهلها بتكاليف الضريبة،
اين المفر يوم لا يفر المرء من وزارة التعليم ومن وزارة الصحة ومن وزارة العدل يومئذ فاليدع المساق ناديه الزبانية، خذوهم إلى جهنم الضرائب فغلوهم وبالرسوم المتحركة بين التسليف والتسبيق إلى يوم الحساب جحيمهم.
أنها ايام العجاف ترى فيها الصحيح باطلا والباطل صحيحا،انقلب الزمان كلمح البصر حتى سمعنا مناديا من وزارة ينادي لا عدل اليوم سوى عدل الوهبية، يقرر ويمرر وينفذ، “عاود المخكم”. فياحسرتاه على العباد يوم تصعد الى الكراسي تنكر لكل ذي الفضل فضلا، يوم لبست ثوبها الاسود ظن ذويها انك ناصرها،وإذا بك شعلتها حربا لتعلن عدوانك عليها بالصاخة الكبرى، إنا وقفنا لك وقفا بالمرصاد، وفضحنا لك فضحا بالاعلام، فيا ايتها النفس اللوامة ارجعي الى ربك مرضية مستغفرة بما اقترفته من ذنب، ويوم تنزل من كرسي الوزارة لن تجد من ينصرك يومئذ يفر منك كل من حولك، فترى أنك وحدك ويرجع بك الندم كرتين ولن تجد من يعذرك، فارجع قبل فوات الاوان ولا خير في تعنت مبني على الغرور والغطرسة.
*محامي بهيئة الرباط