الصين و مسلمي الإيغور
الوطن24/ بقلم : جلال عويطة
لست في مستوى سيدي أحمد العبادي لمناقشته في موضوع الصين والمستويات التي بلغتها بفضل اجتهادها، اقتصاديا، تعليميا، عسكريا .. لكن ما أحب الإشارة إليه ههنا تذكيراً وتوضيحاً هو أن الرابطة المحمدية التي يرأسها سيدي أحمد تأسست لبث المعرفة أساسا ونشر الوعي، وكذا مناصرة الشعوب المظلومة والمجتمعات المقهورة ولحفظ الهوية الإسلامية وبثها وترسيخها ونشرها .. تصريح سيدي أحمد بخصوص التعامل الوحشي للصين مع المسلمين الإيغور لا أراه صائبا نهائيا لأنه ينِمُّ أولا عن انسلاخ هوياتي، وينم ثانيا عن انهزام نفسي، هذا من الجانب المرجعي والعاطفي، أما من الجانب العملي، فتعليقكم يبرز التباين بين ما تتصورونه من مسار يحقق التطور التنموي والأمني، وبين المسار الذي ارتسمته الصين لتحقيق ذلك، فهي قد آمنت والتزمت بمرجعيتها الدينية والثقافية والعرقية التي على أساسها قامت بما قامت بمنطق القوة لا بمنطق الحوار والتوعية والمشترك الإنساني، تحت ذريعة سد الذريعة، فأين الحافز على التنويه والتطبيع، خاصة وأن المقصود بالإبادة هو اعتبار لك فيه انتماء (الإسلام) ؟!! ..
إن دور العلماء سيدي أحمد هو التبليغ والتوقيع عن الله وقول الحق وتبيانه للناس، وتصويب ما يرونه خاطئا، بالتزام الوفاء للمرجعية التي تؤسس وحدة البلد وهويته، أما تزكية الجريمة ضد هذه المرجعية تحت مسميات وهمية وافتراضات عرضية، فهو لا يعدو أن يكون إما نرجسية في احتكارها (هي لي والبقية إلى الجحيم) أو يكون إنحراف شديد تزكي المرجعية داخل الوطن وتزكية الجريمة ضدها خارجه .. لم يكن أبدا دأب العلماء المغاربة تبريرُ أفعال الظلمة ومداهنة السياسيين والتاريخ شاهد على ذلك .. يوم اضُطهِد اليهود في أوروبا ما كان من العلماء إلا أن فتحوا مساجد المسلمين في باريس لحمايتهم بإعطائهم هويات مسلمة، العلماء من يحقنون الدماء ويسعون لبث السلام وينصرون القضايا العادلة مهما كانت مواقعهم ويبذلون أرواحهم من أجل دماء الأبرياء والمستضعفين ..
سيدي أحمد مارست الصين، كافة الانتهاكات القمعية والعنصرية ضد أقلية الإيغور، ومنها هدم المساجد، ومصادرة المصاحف، ومنع إطلاق اللحية، وارتداء النقاب، والصيام، أو التسمية بأسماء إسلامية، ومعاقبة من يرفض متابعة قنوات التلفزيون الرسمي، وإلغاء مدارسهم الإسلامية الخاصة، وإجبارهم على الالتحاق بالمدارس الحكومية، وما إلى ذلك .
سيدي أحمد الرواية الصينية غير دقيقة، ولا يمكنها دحض التقارير الأممية التي تؤكد واقع الإيغور المؤلم ولو كانت الرواية الصينية صحيحة، لفتحت المجال لوسائل الإعلام، والمنظمات الحقوقية، للاطلاع عن قرب على حقيقة أوضاعهم .. الوضع كارثي وهناك إبادة لكل ما يتعلق بالإسلام .. تقبل سيدي أحمد العبادي مني هذه الكلمات وأرجو من الله أن تُتدارك مثل هذه التصريحات حتى لا يلقى الإنسان بها ربه.