العدالة والتنمية يتحدى الصعاب لإعادة رسم المشهد السياسي بالمغرب عبر مؤتمره التاسع!

الوطن 24/ خاص
في لحظة فارقة من تاريخ المغرب السياسي، يقف حزب العدالة والتنمية على أعتاب رهان مصيري، حيث يسعى عبر مؤتمره الوطني التاسع إلى تصحيح المسار واستعادة موقعه الطبيعي في الساحة الوطنية.
رغم الاختراقات الداخلية والأزمات المتلاحقة التي هزّت بنيته التنظيمية، أثبت الحزب قدرة نادرة على الصمود، وكأنه يولد من جديد بعد عملية قيصرية صعبة.
يحمل الحزب رؤية إصلاحية واضحة، تسعى إلى تعزيز الشفافية، محاربة الفساد، وتحديث النظام السياسي ضمن إطار الملكية الدستورية التي يرعاها جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
منذ تأسيسه، تمكن العدالة والتنمية من فرض وجوده بقوة في المشهد السياسي المغربي، معتمدًا على قاعدة شعبية واسعة داخل صفوف التيار المحافظ، وقاده أمناء عامون رسموا معالم مسيرته المليئة بالتحديات.
اليوم، في ظل الإكراهات المالية والتحديات المرتبطة بحكامة التدبير، يواجه حزب العدالة والتنمية مسؤولية جسيمة: تجديد قيادته، وإطلاق دينامية سياسية جديدة تكون قادرة على إعادة بناء جسور الثقة مع المواطنين.
تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، الذي رسّخ التعددية السياسية كخيار استراتيجي لترسيخ الديمقراطية بالمغرب، يجد الحزب نفسه أمام فرصة تاريخية للمساهمة الفعلية في تحقيق الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
الحاجة إلى حزب العدالة والتنمية أصبحت ضرورة وطنية تقتضيها المصلحة العليا للوطن، الذي يقدم نموذجاً سياسياً متميزاً وتجربة حزبية فريدة لا تحركها الاعتبارات الانتخابية العابرة، بل خبرة عميقة تتماهى مع التغيرات المجتمعية والإقليمية والدولية.
يقدم الحزب أجوبة ملتزمة بقضايا الوطن ومتطلبات المرحلة التاريخية الدقيقة التي يجتازها المغرب، مع مراعاة شروط التحولات الكبرى ومواكبة الخطاب الرسمي في تقاطع ذكي ومتوازن مع التحديات الداخلية والخارجية.
من هذا المنطلق، تعتبر الحاجة إلى العدالة والتنمية مصلحة وطنية حيوية، تتطلب من الحزب أن يتصالح مع مناضليه، صعوداً ونزولاً، وأن يقوم بعملية تصحيح واسعة ومراجعة شاملة لكل الأخطاء السابقة، تمهيداً لتدشين مرحلة جديدة أكثر ارتباطاً بالأهداف الوطنية والشعبية والعربية والإسلامية.
رغم الأخطاء التي ارتكبها خلال تجربته في التدبير، إلا أن الحزب يخطو نحو مرحلة جديدة من العمل السياسي بروح من التجرد والمصداقية، مدفوعاً بإرادة قوية للعودة إلى خدمة المغرب والمغاربة من موقع أكثر نضجاً وواقعية.
ما يميز العدالة والتنمية عن غيره من التنظيمات السياسية هو احتفاظه بقوة تواصل استثنائية مع الشارع المغربي، في وقت تراجعت فيه مصداقية العديد من الأحزاب الأخرى.
إن هذه القدرة التواصلية، إلى جانب رصيده السياسي الكبير، تجعل منه ركيزة أساسية في معادلة بناء مغرب حديث، ديمقراطي ومتجدد.
كل المؤشرات تؤكد أن المغرب، في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، يحتاج إلى أحزاب حقيقية قادرة على التأطير والمشاركة الفعلية في تحقيق تطلعات المواطنين.
نجاح المؤتمر التاسع لحزب العدالة والتنمية لن يكون فقط نجاحاً تنظيمياً داخلياً، بل رسالة قوية على أن المغرب يمتلك أحزاباً قادرة على تجديد دمائها والمساهمة بفعالية في مسار التنمية الشاملة.
العدالة والتنمية أمام امتحان حقيقي… فإما أن يثبت استعداده للمرحلة المقبلة بشجاعة وإبداع، أو أن يفسح المجال لجيل جديد يواصل الإصلاح تحت سقف المشروع الملكي الديمقراطي الكبير.