الفرق بين الفتحة والكسرة كالفرق بين القاضي والجلاد
الوطن 24/ بقلم:ملاك العرابي
تنقلب الموازين ويضيق العيش، في زمن يكذّب فيه الصادق ويؤتمن فيه الخائن، في بلاد يصبح فيها العمل الصحفي جريمة تودي بصاحبها إلى غياهب السجون أو التهلكة، بل وتمنحه لقب مجرم له سوابق في الإجرام على غرارالإغتصاب والقتل والسرقة الموصوفة وغيرها من الإنحراف، أما ناهبو المال العام والعابثين بمأساة المواطنين فيصبحون أسيادا يركبون السيارات الفارهة وإذا ما تجرأت أو حاولت النبش في ملفاتهم فإن مآلك السجن والحكم مُعدّ وجاهز قبل التفكير بالاعتقال.
والأشد غرابة إلقاء القبض على الألسنة الناطقة بالحق بحثا عن الحرية والتقدم والقضاء على الفساد ومسببيه، وما أحرص المعنيين بالأمر على فتح أوسع المجالات لمن يسمون أنفسهم صحفيين ولا يفقهون بالصحافة ألفها أو بائها، ولكنهم يتسيّدون الصحافة بدعم الذين أساؤوا حمل الأمانة بعيدا عن الرسالة الإعلامية الهادفة وفي ضرب صارخ لأخلاقيات المهنة وقواعدها المتعارف عليها إعلاميا، وفي كل مرة تصنع تفسّخا اجتماعيا تنشره هذه الفئة أو تلك من فئات الذين يدّعون أنهم صحفيون، لينشروا معه الكآبة وطمس الحقيقة بما لا يعود على البلاد إلا بالخراب والدمار، ويتجلى هذا العمل الصحفي المنافق المُرائي لدى أولئك الذين يقضون جل أوقاتهم على الانترنت وعلى اختلاف أعمارهم ومستوياتهم للأسف، ويؤمنون بمصداقية ما يقرؤونه وكأنه موثق وأصبح مرجعا ولا يمكن تكذيبه، ولا يهمهم تلك النتائج التي تضر البلاد، وليت ما ينشرونه بأسمائهم مما فكرت به عقولهم أو ثقافاتهم.
ولهذا نأسف على صحافة أصيبت بالإهمال والركود وتكالبت عليها أقنعة الفساد التي يصعب على أي جهاز ضبطها ومكافحتها، همها الوحيد وإهتمامها هو الإشتغال على تفريق المجتمع وخصوصيات الناس متناسية إذلال الدولة له وما تتخبط فيه من مشاكل فلا تجرؤ على مناقشة القضايا الكبرى والمصيرية التي تهم البلاد والعباد، وهذا طبيعي لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهم لا يعطون شيئا سوى التفاهات التي تشبههم.
كفوا عن هذا العبث للتضييق على حرية التعبير، ولا تتخذوا العبث سبيلا للحفاظ على المناصب والأماكن بلجم الصحفيين الأحرارالذين عليكم القيام بإطلاق سراحهم، وإلقاء القبض على التافهين المتلاعبين بعقول التافهين أمثالهم، ليبقوا هم بنظرهم تيجان الصحافة، وهذا اللقب الذي لن يحلموا به إلا ممن هم أدنى منهم بالعلم والفكر والثقافة والمعرفة، ولا يحق لنيل هذا اللقب إلا الصحفيين الأحرار الذين توكل لهم أمانات هم الأقدر على حملها والحفاظ عليها.