القضية الوطنية والحراك الجزائري
الوطن24/ محمد الإدريسي*
تحت إشراف أممي ينعقد هذه الأيام بمقر الأمم المتحدة بجنيف إجتماع بين أطراف النزاع حول الصحراء المغربية وذلك تفعيلا للمساعي الدولية الحثيثة لايجاد حل لهذا المشكل المفتعل منذ القرن الماضي و يأتي هذا الإجتماع في سياق إقليمي ومحلي جد معقد أهم مميزاته الراهنة الحراك الدي تعرفه الشقيقة الجزائر وما صاحبه من غليان في الشارع الجزائري و إحتجاجات مطالبة بوضع حد للنظام السائد بالجزائر وتحسين الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية التي ما فتئت تزداد سوءا جراء إستفحال الفساد ونهب ثروات البلاد وتفقير غالبية الشعب وهو ما جعل الشقيقة تحتل المراتب الدنيا في سلم التنمية البشرية.
ولا شك أن هذا الحراك الشعبي الذي ينهل من روح ثورة المليون شهيد والذي وحد القرى والمدن تحت مطلب سياسي واحد تغيير النظام وتحقيق المواطنة الكاملة للجزائريين سيكون له تأثير بشكل مباش أو غير مباشر على الوضع السياسي والإجتماعي في المحيط الإقليمي والعالم العربي ومنها ملف الصحراء المغربية .
وكما يعرف الجميع خاصة المهتمين بقضايا المغرب العربي فإن المغرب بكل مكوناته السياسية والمدنية والشعبية قد أسس لموقف إستراجي مبذئي ومتوازن مستوحى من الحقائق التاريخية والمعطيات الإجتماعية والروابط الدينية والجغرافية تمثل في مشروع الحكم الذاتي خاصة بعد دستور 2011.
هذا الموقف الناضج والحكيم والثابت للسياسة المغربية من هذه القضية يسرله إستقطاب تاييد جل الدول المحبة للسلام والسلم و الإستقرار وكذا المنظمات الدولية والإقليمية المستقلة. ومع ذلك ظلت الشقيقة الجزائر تسبح ضد التيار مستعملة جميع الأسلحة إقتصادية كانت أو ديبلوماسية وجميع أشكال المناورات السياسية وبحسابات ضيقة في دعم كيان وهمي لا سند شعبي له ولا إمتداد تاريخي يتكىء عليه في مشروعه الواهم. كيان يفتقر لأبسط مقومات الحركات السياسية فبالآحرى مقومات دولة.
لا يخفى على المبتدئين في العمل السياسي أن الحكومة الجزائرية وطوال حياة هذا الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية قد وظفت هذه القضية في تصريف مشاكلها الداخلية وتكميم جميع الأفواه المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية أو الإصلاحات السياسية و الإجتماعية ومحاربة الفساد. ان الحراك الذي تعيشه الجزائر اليوم هو إستمرار لثورة المليون شهيد وإحياء للربيع العربي الذي هب على جل الدول العربية وقد يشكل لحظة مفصلية في تاريخ الجزائر بين عهدين عهد بائد جامد انهك الشعب الجزائري وافقره وعهد يؤسس لجزائر ديمقراطية منفتحة بمؤسسات ديمقراطية مدنية بدون مراوغات سياسية أو مزايدات التي لن تتسير بالبلاد الا إلى النفق المسدود.
وهذا ما يدعو حكام الجزائر ونخبه النافذة أن ينصتوا بامعان قبل فوات الأوان إلى صوت الشعب ومطالبه المشروعة والعادلة والعمل على الإستجابة لها من أجل الإنخراط في بناء جزائر جديدة جزائر الأمل والمستقبل تتسع لكل الجزائريين والجزائريات لتسترجع مكانتها الطبيعية نظرا لثرواتها الوطنية بين الدول المتقدمة كما كانت تحتلها في حركات التحرر العالمية لقد عبر الشعب الجزائري في تظاهراته السلمية وبشكل عفوي ومنظم عن مطالب أساسية كفتح الحدود بين المغرب والجزائر وبناء المغرب العربي و تمثين الجبهة الديمقراطية وبناء نمودج دولة حديثة وتجسيد العيش المشترك في إطار إقليمي مفتوح يسوده السلم والسلام والتكامل الإقتصادي بين جميع مكوناته .
وهي مطالب تعبر عن نضج وعي الجزائريين والجزائريات بمشاكلهم الحقيقية التي تمس حياتهم ومستقبلهم ولا أحد طرح مشكل الصحراء المغربية لأنه مشكل مفتعل وهو مشكل الطغمة الحاكمة فقط. لقد كشف حراك الشعب الجزائري أن حكام الجزائر في واد والشعب في واد آخر وأن وزير خارجيتهم ما زال يغرد خارج السرب في جنيف.
وعليه فالآحرى به أن يتواجد الآن بالشوارع الجزائرية التي تصدح حناجر أبنائها بالمطالب الحية وأن يصطف إلى جانبهم في هذا الحراك بدل السفر إلى جنيف ليحشر نفسه في ما لا يعنيه ويدعي المساهمة في حل مشكل هو جزء منه.
*رئيس فيدرالة الجمعيات المغربية بإسبانيا