الكاتب بوسلهام عميمر في حوار”الحجر الصحي بالمغرب وأزمة تفشي كورونا”

الوطن 24/ حاوره: عبد الهادي العسلة (مدريد)

كعادتها تواكب الوطن 24 ما يقع في العالم جراء تفشي “جائحة كورونا” وتداعيات ذلك على المغرب، لتنقل لكم إنطباعات كتاب وباحثين وفنانين وفاعلين سياسيين وحزبيين وجمعويين حول فيروس كورونا وكيف تفاعلوا مع زمن الحجر الصحي…

الكاتب بوسلهام عميمر

وفي هذا السياق، حطت جريدة “الوطن24” رحالها، في عاصمة الغرب للمملكة المغربية مدينة القنيطرة، وأختارت هذه المرة إبن مدينة الزهور والملح، ومياه الدعادع، والتربة والفلاحة، سوق أربعاء الغرب، السيد بوسلهام عميمر، كاتب، وأستاذ التعليم الإبتدائئ لما يناهز31 سنة، من مواليد 15-12-1960، حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها، من جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس دورة ماي 1988، ومن أهم الأعمال التي قام بها:

قصص  للأطفال سبق طبعها:

*تفاحة نيوتن *المشاغب *وراء لقمة *غابة في قفص الإتهام (سنة 2003) *القطة الجريحة *ماسحة الأحذية  (سنة 2005 ).

كتب للشباب:

  • فلسطين.. قصة مأساتي  ( سنة 2012 )
  • صحرائي في عيوني    ( سنة 2015 )

مساهمات في مجلات الأطفال:

 -براعم الإيمان الكويتية

-مجلة فارس لبنان (روايات عالمية للأطفال: رواية الشيخ والبحر و تاجر البندقية).

أنشطة ثقافية:

 – زمن الكتاب الدورة الثانية من البرنامج الوطني بمدينة مكناس (لقاء مع الأطفال حول الإصدارالأول: تفاحة نيوتن).

– توقيع كتاب “فلسطين قصة مأساتي” بمجموعة من الفضاءات (غرفة التجارة بالقنيطرة، الخزانة البلدية سوق أربعاء الغرب، دورالشباب بمجموعة من المدن، مؤسسات تعليمية…).

– عرض ومناقشة كتاب “صحرائي في عيوني” على القناة الثانية المغربية (برنامج الناقد الحلقة 2 اكتوبر  2012).

– توقيع كتاب صحرائي في عيوني على الهواء مباشرة بالإذاعة الوطنية المغربية.

–  توقيع الكتابين بمجموعة من الفضاءات بمجموعة من المدن المغربية (دورالشباب، ثانويات، دور الطالبة…).

المشاركة في ندوة حول الصحراء المغربية نظمها “معهد الشرق للابحاث والدراسات” بمدينة كرسيف+ قراءة في كتاب “صحرائي في عيوني ” د .محمد الحسني.

مداخلة بورقة في ندوة “وهج التصوف وألق الإبداع” من تنظيم الجمعية المغربية لخدمة اللغة العربية فرع القنيطرة 25 ماي 2019 الورقة كانت بعنوان “معالم التصوف لدى الإمام الجنيد”

ندوة حول مناهضة العنف ضد المرأة والفتاة

إسهامات صحفية بمجموعة من الجرائد الوطنية ورقية وإلكترونية في مواضيع مختلفة.

   ضيف الحلقة (17) من سلسلة حوارات “الوطن 24”.

 

 [box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* السلام عليكم بخير سي بوسلهام عميمر

بداية لا يسعني إلا أن أشكرك أستاذ عبد الهادي على مبادرتك غيرالمسبوقة هاته أن فتحت نافذة في جريدتكم المتميزة ليطل من خلالها أبناء منطقة الغرب عموما وأبناء مدينة سوق أربعاء الغرب خصوصا ليعبروا عن آرائهم ومواقفهم بمختلف تخصصاتهم، فمن جهة إحياء الصلة بمدينتهم التي ولدوا فيها وشبوا في أحضانها وتعلموا بمدارسها، ومن جهة ثانية ليتعرف عليهم من لم يكتب له التعرف عليهم عن قرب، ومن جهة ثالثة ليكونوا قدوات للأجيال الطفولية والشبابية للاقتداء بهم والسير على منوالهم و لم لا إدراك ما حققه هؤلاء و أكثر وأرقى.[/box]

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* كيف كندوز الحجر الصحي؟

ككل المغاربة الالتزام التام بكل الإجراءات المتخذة. فخطب هذه الجائحة بتعبير منظمة الصحة العالمية جد لا هزل فيه، وللإشارة فالجائحة غير الوباء فالجائحة يكون انتشارها كبيرا على مستوى المساحة الجغرافية و كذا عدد الإصابات التي تكون بالملايين. ومما يحز في النفس حقيقة هو استهتار البعض وخاصة بعض الشباب يستسهلون أمره، ويتصرفون كما لو أن الأمر مزحة معرضين أنفسهم وذويهم للخطر.

ومن حسن الحظ فأعدادهم قليلة مقارنة بمن ينضبطون للقرارات ويلتزمون ببيوتهم فلا يغادرونها إلا للضرورات القصوى كالعمل أو التطبيب أو أغراض لا غنى عنها.

ثم ما المانع حياتنا كل واحد وعمره سنين أوعقود والإنسان يعيش بشكل طبيعي، ما المانع إذا التزمنا بيوتنا لأيام معدودات حفاظا على أرواحنا؟ ثم لم لا نستثمرها فيما يفيدنا وهناك الكثير ما يمكن فعله؟[/box]

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* شنو الحويجات الزوينة لي استفدت من الحجرالوقائي الصحي؟

أولا نسأل الله أن يعجل برفع هذه الجائحة المدمرة، ولكن بما أنه كما يقال “شر لا بد منه”، فلا يسع كل واحد فينا ومنا إلا أن يسعى ليحول الألم إلى أمل لو لا؟

لم لا يكون الحجر الصحي مناسبة لمراجعة شاملة؟

مراجعة علاقة الإنسان مع ذاته في إطار نوع من المصالحة، وإصلاح ما يعتريها من كسور ومثبطات، علاقة الإنسان مع محيطه الأسري والأقرب فالأقرب، إذ في خضم الحياة العادية مع وتيرة الحياة المتسارعة ناذرا هي الفرص التي تتاح لنا لرتق الفتق فيما يتعلق بكثير من القضايا التي عليها يكون الاستقرار الأسري ومن تم معالجة كل ما من شأنه تهديد البناء. فكم من مشاكل أسرية تكون بسيطة لو تم تناولها في بدايتها بالمعالجة، لكن إهمالها فتكبر ككرة الثلج فتستعصي على الحل. مناسبة أيضا لتعميق النظر في الأسئلة الوجودية ليكون الإنسان على بينة من أمره بخصوص أصله وفصله وحياته وما بعد موته، أي متعلم لا يمكن أن يكتفي بالموروث في هذه القضايا الكبرى. فلا مجال فيها ل”بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ”. مناسبة لمراجعة علاقتنا بغيرنا لإنزال الناس منازلهم. أعتقد لو قمنا فقط بهذه المراجعة في شموليتها خلال هذا الحجر الصحي لكفتنا.

مسألة ثانية إيجابية بين قوسين، إنها مناسبة ليبحث كل واحد منا في ثنايا غرز ذاته، مما لا تسمح زحمة الحياة في الأيام العادية، لعله يعثر على شيء لم ينتبه إليه. فكم من مهارات وقدرات وهوايات قد تكون لدى الإنسان فلا ينتبه لها، وقد يدفنها معه لا قدر الله. مناسبة أيضا لنفض الغبار عن كم مشروع ظل في قاعة الانتظار، قراءة كانت أو كتابة أو تعلم مهارة مما لم يتيسر القيام به في غمرة كثرة الحركة. إنها مناسبة أيضا لعودة الدفء للعلاقات الأسرية التي مع إيقاع الحياة السريع يصبح من الناذرالإجتماع حتى على مائدة واحدة. إنها مناسبة أيضا للتواصل مع عدد من الأصدقاء إحياء لصلة الرحم بهم طبعا وسائل الواصل. إنها مناسبة لمناقشة مشاريع ثقافية لما بعد هذه الجائحة. فكيفما كان الحال فدوامها من المحال. جوائح مدمرة سبقتها أودت بحياة الملايين ولكن في النهاية يحسم العلم جولته ضدها بإنتاج لقاح يوقف زحفها. وهنا لا بد من فتح قوس للإشادة بقطاع الصحة بكل مكوناته، وبنوعيه المدني والعسكري بالمستشفيات الميدانية التي أنشئت في وقت قياسي.

ففي الوقت الذي نلتزم فيه نحن في بيوتنا فهم يشتغلون ليل نهار للحد من آثارهذا الوباء المدمر معرضين أنفسهم للخطر. إنهم في الصف الأمامي وجها لوجه مع هذه الجائحة.[/box]

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* هل سيتجاوز المغرب هذه الأزمة؟

في الواقع فقد أبان المغرب عن قدرات هائلة لمواجهته، ففي وقت مبكر توالت المبادرات بشكل متسارع لكي لا يعيد خطأ بعض الدول التي استهانت به في بداية الأمر وسرعان ما خرج عن السيطرة، ليتجاوز لديها عدد المصابين قدرات المستشفيات الاستيعابية، فكان الضحايا بالآلاف. بتوجيهات ملكية صارمة أعلنت حالة الطوارئ وفرض الحجر الصحي مع التشديد في الالتزام به، فأحيانا كما في الأثر ” إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.

من هنا كانت العقوابات الحبسية والغرامات المالية ضد المخالفين لمقتضياتها. كان ذلك مع حزمة من الإجراءات أهمها إنشاء صندوق للتضامن في وقت قياسي ضُخّت فيه الملايير خصصت لدعم المنظومة الصحية بتوفير المعدات اللازمة، وكذا دعم المتضررين من الحجر أفرادا كانوا ممن يتوفرون على بطاقة راميد، والدراسات اليوم جارية للقطاع غير المهيكل علاوة على الشركات الصغرى والمقاولات الفتية، كما أبان المغرب عن ذكاء كبير بخصوص توفير >الكمامات التي أصبحت عملة عالمية ناذرة تتهافت عليها الدول العظمى، وذلك بتوجيه معامل النسيج بدعم من صندوق التضامن لإنتاجها بوفرة مباشرة بعد إلزامية وضع الكمامات، حرصا أن تبقى الجائحة تحت السيطرة.

هذا مع تحية السلطات من جيش و درك و شرطة وقوات مساعدة وغيرها على تجندها المستمر ليل نهار لتنفيذ كل ما يتعلق بإجراءات حالة الطةارئ والحجر الصحي وكذا وضع الكمامات وغيرها. وفي هذا السياق لا بد تحية أطر رجال التعليم ونسائه الذي أبانوا عن روح تضامنية كبيرة رغم ظروف الاشتغال وضعف الوسائل و الإكراهات التي تعترضهم في سبيل أداء رسالتهم التعليمية، وإن كان لا يزال الإشكال مطروحا بالعالم القروي.[/box]

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* شنو النصيحة لي ممكن تقدمها للناس فهاد الوقت ؟ خاصة وأنت تتواجد بمدينة القنيطرة عاصمة الغرب، وهي من المدن التي سجلت بها أرقام في المصابين بفيروس كوفيد 19؟

النصيحة التي يمكن أن أقدمها لنفسي أولا ولغيري هو الاإدراك أن أي تشديد في تطبيق مقتضيات حالة الطوارئ سواء المتعلق بالتزام البيوت إلا في حالات الضرورة القصوى أو بوضع الكمامات هو في مصلحة الجميع سواء بالنسبة لنا نحن في بيوتنا أو بالنسبة للأطقم الطبية والسلطات الأمنية. فالحجر الصحي، المفروض أن نلزم أنفسنا به حتى بدون رقابة خارجية من أي نوع كانت. النقطة الثانية ليكن جلوسنا بالبيوت فرصة للتكوين بكل صنوفه. الثالثة الحفاظ على طمأنينة النفس وهدوئها واليقين بأنها محنة وتفوت، كما فاتت غيرها. الرابعة إنها مناسبة ذهبية لتصحيح عاداتنا بخصوص وجباتنا الغذائية.

الخامسة لم لا لكون مناسبة لتصحيح مجموعة من المغالطات حول مكوث الرجل بالبيت.

مجموعة من الأقوال يتناقلها الناس من قبيل “الرجل فالداربحال الدمانة فالظهر” فيديوهات تصوره وكأنه يقعد على الجمر، وأنه من شدة الفراغ يتدخل في كل صغيرة وكبيرة حتى تهدده زوجته بساطور، وأخرى تطلب منه أن يخرج من البيت وهي تؤدي عنه الغرامة وغيرها مما يستغرب له. فلم لا تكون مناسبة ليكون وجوده بالبيت إضافة نوعية يضفي على البيت نكهة خاصة؟  

مرة أخرى أحييك أستاذ عبد الهادي على هذه البادرة المتميزة نأمل أن تعقبها أخرى تخدم مدينتنا المهمشة، التي نأمل أيضا أن تكون فعلا مدينة الزهور كما كانت سابقا.[/box]

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* كلمة مفتوحة بغيت تقولها بهاد المناسبة ؟

أعتقد أن هذه الجائحة مناسبة لإعادة النظر في تعليمنا عامة ليس فقط فيما يخص المواد العلمية ليكون لدينا خبراء في مثل هذه الجوائح فهذا مطلوب وأطباء في المستوى، وتجهيزات وكل ما يلزم لمواجهة الكوارث ولكن أيضا خبراء في علم الاجتماع وفي علم النفس وفي المسرح وفي فنون القول بصفة عامة وفي المجال الديني أيضا. فقد رأينا كيف أنه بمجرد الإعلان عن إمكانية فرض الحجر كيف اندفع الناس إلى الأسواق الممتازة بالمدن وكأننا مقبلين على مجاعة، حتى وجدنا من يؤدي فاتورة قيمتها آلاف الدراهم. أين التضامن المفروض أن يسود في مثل هذه الفترات الحرجة؟ وبخصوص الحجر الصحي وحالة الطوارئ فهل من الضروري فرضه بقوة العقوبات الزجرية من حبس وغرامات. أليس من المفروض أن يفهم الناس ويتفهموا أن الأمر يتعلق بصحتهم وأرواحهم. إذن فهي مناسبة لدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بوعي من يستهتر بروحه أولا وبأرواح من يحتك بهم. أيضا تكون هذه الجائحة مناسبة لتكون لدينا خيارات وبدائل في كل القطاعات حتى لا تعطل عجلة أي منها.[/box]

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]

* ماهو أول عمل ستقوم به بعد انجلاء هذه الجائحة؟

طبعا أول عمل العودة للعمل مصدر الرزق. فقد اشتقنا لمتعلمينا. إنهم جزء منا لا تتصوروا أستاذ عبد الهادي كم يحز في النفس لما تجد البعض بما يتوفر عليه  من الإمكانيات تيسر له سبل التعليم عن بعد على علاته، بينما يحرم البعض الآخر ممن لا هواتف ذكية لهم ولا انترنت ولا قدرة مادية على التعبئة كل يوم في حالة وجود الهاتف. أمر ثان يمكن القيام به بعد الحجر استئناف جلساتي بمقهاي الأثيرة في وقت فراغ من العمل صحبة حاسوبي وأوراقي وأقلامي إذ معظم ما أكتبه لهذه الجلسة نصيب فيه، فضلا تكون مناسبة للانفراد بالذات فلابد من الإنصات لنبضها ومحاورتها، وتكون مناسبة لمجالسة بعض الأصدقاء ممن نقتسم نفس الهموم الثقافية وما يعتمل في واقعنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من مستجدات وأحداث، ومناسبة أيضا للعودة إلى قاعة الرياضة التي نكون قد حرمنا منها طيلة مدة الحجر الصحي وإحياء صلة الرحم بروادها من مختلف الحرف والمهن. هذا فضلا عن إمكانية زيارة بعض الأقارب وحضور مناسباتهم التي تأجلت بفعل جائحة (كوفيد.19) نأمل أن تذهب بغير رجعة بحول الله. وأيضا استئناف الأنشطة الثقافية بالمؤسسات التعليمية و الندوات والمحاضرات.

 

مرة أخرى أحييك أستاذ عبد الهادي على هذه البادرة المتميزة. مناسبة لإبراز ما تزخر به من طاقات في كل المجالات. نأمل أن تعقبها مبادرات أخرى من شأنها أن تعيد لها زهورها التي تعرف بها ولا نجد لها اليوم أثرا على أرض الواقع.[/box]