المجلس الوطني لحقوق الإنسان .. من الخيمة “خرج مايل”

الوطن  24/ بقلم: الشرقي الحرش

الشرقي الحرش

 بعد إنتظار طويل، أعلن يوم الجمعة 19 يوليوز2019، عن تشكيلة الأعضاء الجدد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان. ورغم الأهمية الكبيرة التي تكتسيها هذه المؤسسة الدستورية في صغيتها الجديدة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، ورصد الإنتهاكات، وكل ما له علاقة بالوقاية من التعذيب وضروب المعاملة القاسية، إلا أن خبر الإعلان عن التشكيلة الجديدة مر كغيره من أخبار المنوعات ولم يحظ بأي نقاش أو تحليل، اللهم من قبل بعض القلة القليلة، الذين سارع بعضهم إلى تهنئة أصدقائه المعينين، فيما عبر البعض عن انزعاجه من تعيين بعض الأسماء التي لا يجمعها شيء بحقوق الإنسان.

ربما يعود عدم الإهتمام بخبر تعيين الأعضاء الجدد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى فقدان فئة عريضة من المواطنين للثقة في المؤسسات عموما، وإعتقادهم أن السلطة لاتزال ممركزة في يد فاعل واحد وأوحد، وربما لعدم تفاعل وسائل الإعلام مع الحدث.

 شخصيا، سجلت عددا من الملاحظات التي جعلتني منذ البداية لا أطمئن للتشكيلة الجديدة، ولا أطمئن لمستقبل المجلس برمته.

 أولى هذه الملاحظات تتعلق بوجود خرق قانوني على مستوى تعيين رؤساء اللجان الجهوية، حيث حددت المادة 45 من القانون 76.17 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مسطرة تعيين هؤلاء الرؤساء .

 إن المادة 45 نصت بوضوح على أن رؤساء اللجان الجهوية يعينون بظهير من قبل الملك، وبإقتراح من رئيس أو رئيسة المجلس بعد إستشارة الجمعية العامة.

والحاصل أن تعيين رؤساء اللجان الجهوية تم في نفس اليوم الذي تم فيه تعيين الجمعية العامة، فمتى إجتمعت الجمعية العامة، ومتى تمت إستشارتها؟ إن الأمر في نظري لا يعدو سوى تسرعا من رئيسة المجلس، التي ربما كانت تخشى إعتراض أعضاء الجمعية العامة على بعض الأسماء.

 إن إنفراد رئيسة المجلس بإقتراح أعضاء اللجان الجهوية دون إنتظار تنصيب الجمعية العامة جعلها حبيسة خندق إيديولوجي معين، إن لم نقل خندقا حزبيا ضيقا، وهو ما يمكن أن نستشفه من بروفايلات رؤساء اللجان. في الوقت الذي كان ينبغي الإنفتاح على كفاءات أخرى، خاصة من داخل الجامعة المغربية. الملاحظة الثانية، وتتعلق بتعيينات رئيسي البرلمان، التي للأسف الشديد لم تتم وفق القانون.

 لقد كان المفروض، بحسب المادة 36 من القانون المذكورأن يتم التعيين بعد إستشارة الفرق البرلمانية، على أن يتم إقتراح المرشحين لعضوية المجلس من لدن الجمعيات والمنظمات الوطنية غير الحكومية الفاعلة والمشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان، لاسيما العاملة منها في ميادين الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية، وحقوق المرأة والطفل والشباب والأشخاص في وضعية إعاقة وحقوق المستهلك، لكن الذي حدث هو إقصاء جمعيات المجتمع المدني من حق الإقتراح، بحيث طلب رئيس مجلس النواب من الفرق النيابية تقديم أسماء ممثليها مباشرة، مما جعل الأحزاب السياسية تحل محل جمعيات المجتمع المدني، وهو نفس الأمر الذي سارعليه رئيس مجلس المستشارين، الذي كان قد أعلن في البدتية عن فتح باب الترشح في وجه جمعيات المجتمع المدني، لكن العملية أجهضت في مهدها ولم تكتمل.

 إن غلبة منطق الوزيعية على منطق الكفاءة في هذه التعيينات جعل كثيرين يتساءلون عن جدوى وجود شخص مثل السنتيسي في مجلس حقوق الإنسان، وما الذي يمكن أن يقدمه؟ كنا نتمنى أن يشكل الإعلان عن التشكيلة الجديدة للمجلس لحظة مفصلية في حاضرومستقبل هذه المؤسسة، خاصة أن الوضعية الحقوقية في المغرب لاتبشر بخير، لكن يبدو أن هناك تواطئا جماعيا على دفع المواطنين نحو فقدان الثقة في المؤسسات.