المحامي الهيني يلتحق بحزب “الإتحاد الإشتراكي” وهذه رسالته
الوطن 24/ مدريد: عبد الهادي العسلة
أعلن المحامي والقاضي السابق “محمد الهيني” عن إنضمامه رسمياً لحزب ‘الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
وكتب الهيني، في رسالة توصلنا بنسخة منها بعنوان “الإنتماء للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية” معددا دواعي هذا القرار في رسالة مطولة هدا نصها:
في إطار سداد التواصل مع عموم الراي العام إجمالا، والمهتمين خصوصا، والأصدقاء / الرفاق والخصوم تحديدا. ومن أجل تيسير سيولة القناعة الحاصلة، عن قناعة راسخة. وحتى يتسنى لنا، توطيدا لعرى التواصل البناء والإيجابي، ولأن المساهمة في مشاركة الراي العام كل ما يتجدد من معطيات؛ يشكل مدخلا لتجويد طبيعة العلائق في أبعادها الفكرية والسياسية، كمنطلق لتحديث آليات اشتغال التواصل، بعيدا عن مختلف تمظهرات الأزمة في الفهم على أساس الشخصنة في بناء الإستنتاجات وفي خلق توصيفات غير سوية. فإن اللحظة التاريخية الدقيقة تملي علي إصدارهذا الكتاب؛ تنويرا للراي العام، وتفاعلا مع مختلف ما يكتب، هنا وهناك، تحت دواعي موضوعية حينا، وبسيكو – ذاتية ظرفية جامحة أحيانا آخرى . ولا جرم إن دواعي هذا المثن تعزى إلى ما أسيل من حبر بخصوص ما جد من تموقع سياسي حزبي من لدن عبد ربه المذنب. و بناء على ما سلف، أود أن أتفاعل كتابة، تقديرا للتعليقات التي ولدت من رحم السؤال؛ في هكذا مضمار سياسي يخصني قناعة شخصية، وتنزيلا لإحدى أهم حقوق الإنسان المكفولة دستوريا، والمؤكدة بمقتضى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان؛ كمصدر من مصادرالتشريع مغربيا. وتفاديا للغة الحشو والإستطراد، وإحتراما للرأي العام المغربي إجمالا. أسجل بعض الملاحظات بخصصوص إلتحاقي بصفوف حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية. ولذلك، وباديء ذي بدء، اؤكد، والتاكيد لا يختلف فيه إثنان، أن الحق في ممارسة السياسة؛ من أسمى حقوق الإنسان. ولأن السياسة فعل نبيل مرتبط بالأدوارالطلائعية المنوطة بالأحزاب السياسية، كمؤسسات دستورية تناط بها مهام التاطير والمواكبة؛ وذلك بمقتضى المثن الدستوري الذي تعاقد عليه المغاربة عام 2011 . ولا مندوحة إن ما حصل من وعي سياسي بخلفية علمية / أكاديمية طيلة سنوات من التحصيل المعرفي الأكاديمي، كان له التاثيرالمباشر في البحث عن توصيفة مناسبة للمساهمة المؤسساتية في التفكير الجماعي لصالح المصلحة الفضلى للشعب. وعليه، فما حصل من إنخراط رسمي في حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية؛ يعزى إلى كل هذه الدواعي، وإن كان الإنخراط في سلك القضاء، وتحت محددات واجب التحفظ، قد أجل الإنضمام الرسمي للسياسة، من مدخل التحزب، كحق من حقوق الإنسان المكفولة، دون ادنى شك. ويبقى السؤال المشروع هو لماذا الإنتماء إلى حزب الإتحاد الإشتراكي؟؟ ولماذا الآن دقة وتحديدا ؟؟ وما الغايات والأهداف المتوخاة خلف هكذا قرار؟؟
ابدأ تفاعلا بسؤال لماذا الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية؛ كخيارموقع، وعن قناعة ويقين. و ومن باب تحري الموضوعية والحياد، وإعترافا بقامات سياسية شامخة؛ كان رجالات الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية من بين الرعيل الأول المؤسس لممارسة سياسية رصينة ومؤمنة بالتراكم الإيجابي، عبر مدخل دمقرطة الدولة والمجتمع، من خلال المشاركة الايجابية و البناءة في بناء المؤسسات، دون السقوط في متاهة تاويل عدمي متشنج للسلطة. ولذلك، فشخصيا، كنت متابعا يقظا لمسارالإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، إيمانا مني بأهمية اليسارالديموقراطي كرافعة لبناء دولة ديموقراطية قادرة على إنضاج شروط الإنتقال الديموقراطي نحو ديموقراطية ناضجة ومتمكنة من التداول الديموقراطي للنخب، لصالح دولة ديموقراطية يليق بها الألتحاق بنادي الدول الصاعدة .
وتحت دواعي الإيمان بنبل الهوية اليسارية في توطيد لبنات الدولة الديموقراطية، على قاعدة الايمان بالمؤسسات، شاءت القناعة الحاصلة ان يكون حزب الاتحاد الاشتراكي باحة للإستقرار من اجل ممارسة فعل عمومي نبيل تجسده السياسة الفاضلة. وعلى الرغم مما يقال حول هذا الحزب الذي مربمنعطفات، كغيره من المؤسسات الحزبية، تفاعلا مع رجات موضوعية. ومهما يكون النقد لاذعا أحيانا حيال هذا الحزب. فإن الفهم عندنا يبقى سديدا، ببساطة لان حجم تطلعات المواطنين مرتفعة، وهو ما ينعكس على حجم الدفوعات التي توجه سهام النقد إزاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وشخصيا، وبعد قراءة متأنية للمشهد الحزبي، فكرا و ايديولوجيا وممارسة. وبعد ضبط دقيق للخطوط النظرية وللخلفيات الايديولوجية المؤطرة لواقع الممارسة الحزبية في الحقل السياسي المغربي. اعتقد، واعتقادي راسخ ، إن اللحظة التاريخية تؤكد إلحاحية الفكر اليساري الديموقراطي .
إن الإتحاد الإشتراكي، بناء على ما سلف، مدرسة للقيم الإنسانية النبيلة، والتي ناضلت ديموقراطيا، وفي مختلف المحطات، من أجل المساهمة في بناء الدولة الديموقراطية المنشودة من لدن مختلف الفاعلين وطنيا. وأمام هذا التميز، ومن أجل المساهمة المتواضعة، من موقعي، حصلت القناعة في الإنضمام لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية؛ مستحضرا زخم الارث الاتحادي المتراكم، بعد عقود من البناء و التأصيل، وتحت تاثيرات وخيمة تتجلى على ضوء الوطني و الدولي / الخارجي والداخلي. ولأن حزب الإتحاد الإشتراكي كان، و ما يزال ، ارثا فريدا وتراثا سياسيا نزيها، حتى إن أدب السجون حرر بحبر أقلام يسارية إتحادية منتصرة لماهية الشعب ولشموخ الوطن، كما تلك المساهمات الايجابية من لدن فطاحل الاتحاد من الذين أرخوا لمرحلة الإنصاف والمصالحة، كمدخل لطي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، من خلال تجاوز واع لخلافات الماضي الأسود، الموسوم بالجبر والرصاص، لصالح عهد جديد قوامه بناء مرحلة جديدة، على انقاض ويلات الماضي الموشوم في الذاكرة السياسية اليسارية الإتحادية. و لكل ذلك، وقع الاختيار على الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لما قدمه ولما زال يقدمه من تضحيات جسام من اجل وطن شامخ متسع للجميع. ومن كبار هذا الحزب منذ لحظة التأسيس، الى لحظة اغتيال الشهيد عمرمن لدن الآيادي الأثمة، نحو الرفاق الذين التفتوا لنا في خضم الصراع الذي خاضته ضدنا قوى القمع النكوصي المتخصصة في تكميم الافواه، عبر مبررات واجب التحفظ ؛ كقول حق أريد به باطل. وإنصافا للرجال؛ أنحني، إجلالا وإمتنانا، لكل من سجل تضامنه معنا، في سياق موسوم بتجبرفكرأغلبي يمتطي صهو الديموقراطية لشرعنة ممارسات غير ديموقراطية جملة وتفصيلا .
وللتأكيد؛ أسجل أن دواعي الإنضمام لعرين الإتحاد تعزى إلى ما يشهده الوطن من رجات حاصلة هنا وهناك، ولأسباب متعددة، وإلى ضرورة مساهمة كل الضمائر الحية و كل القوى الديموقراطية من أجل حماية المشروع المجتمعي الديموقراطي الحداثي؛ والمهدد بما يحصل من إمتداد الفكر النكوصي / الارتكاسي في مختلف بنى المجتمع . و لأن الديموقراطية قضية كل الديموقراطيين، فأنني لست أدعي بطولة واهمة و زائفة . بالاحرى، وانما أروم فقط المساهمة المتواضعة، الى جانب كل الشرفاء، من أجل خدمة الوطن من مدخل الممارسة الحزبية النبيلة.
فكيف لا أستعجل الإنضمام إلى ممارسة السياسة، لربما ننجح، بمعية رفاقنا، كل من موقعه، في التاسيس لممارسة سياسية نوعية وفاضلة تتسامى على التأويلات السياسوية المجسدة للبؤس السياسوي من خلال خطابات شعبوية منمطة بخلفيات العقيدة الأرثوذوكسية المعادية للفكرالسياسي النقدي. وبالمناسبة، اؤكد أن اللحظة التاريخية تسترعي انخراط كل الشرفاء في العمل السياسي؛ لعلنا ننجح جميعا في ترميم ما لحق بالسياسة من تصدعات مكشوفة بأيادي الشعبوية و التفاهة والرداءة التي استئسدت على أشلاء نبل السياسة. ولست أدعي، ها هنا، شرف البطولة ، مهما كان ومهما سيكون. بل فقط مجرد رغبة صادقة في الانتصار للقضايا العادلة للوطن والشعب من منطلق الانخراط المؤسساتي الايجابي في حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية.
وتحقيقا للصدق وللاخلاص في تقدير الموقف ؛ اؤكد ان اية تاويلات ضيقة لمواقفنا، ودون روية او تمحيص، لن يكون سوى تمظهرا لسوء تقدير. فمعركتنا جميعا تبقى هي بناء دولة فاضلة بوطن شامخ، من خلال خلق جبهة يسارية وطنية صادقة أصيلة ومتجددة دوما شهدت بتميز رجالات يساريين مغاربة من طرازعبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي، في إتجاه كل الضمائراليسارية الحية، لأن هدفنا هو بناء وطن شامخ قائم على إنجاح الطفرة، بتوافق مع الفهم المؤسساتي للإصلاح، لصالح حسم الإنتقال الديموقراطي تحصينا للإستثناء المغربي .
وختاما، اترفع عن اية اهداف ضيقة تنتصر للذات، بمنطق فرداني جامح، ولست مسؤولا عن أية تأويلات فجة تسيء قراءة التراكم الحاصل لدينا قناعة فلسفة ومنهجا. إذ بالمقابل، اؤكد على سلامة الفهم وعلى سداد الإيمان . فما يؤطرالقناعة ليس سوى خدمة الوطن والشعب. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وختاما أقول ما جاء في محكم الذكر الحكيم { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } صدق الله العظيم، وبه الشكر والسلام .
حرر بتطوان على هامش أشغال المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين الإتحاديين