المغرب أمام اختبار سياسي جديد: وزيرة الأسرة تُفجّر أزمة داخل حزب الاستقلال.

في الوقت الذي يعزز فيه المغرب صورته كقوة صاعدة في شمال إفريقيا من خلال إصلاحاته الاقتصادية والانفتاح الدولي، تنفجر من الداخل أزمة سياسية حادة تُهدد تماسك الأغلبية الحكومية، وتحديدًا داخل حزب الاستقلال، أحد أبرز مكونات التحالف الحاكم. بطلتها: وزيرة التضامن والأسرة والإدماج الاجتماعي، نعيمة بنيحيى.

الوزيرة التي كانت تُعوّل عليها الحكومة المغربية لتقود واحدًا من أكثر القطاعات حساسية اجتماعية، تواجه اليوم تمردًا صريحًا من داخل حزبها، بعد أن عبّر عدد من نواب حزب الاستقلال عن استيائهم مما وصفوه بـ”سياسة الأبواب المغلقة” و“الفردانية في اتخاذ القرار”، في ملفات تستدعي التشارك والتشاور، حسب تعبيرهم.

وتؤكد مصادر من داخل البرلمان المغربي أن أداء الوزيرة لم يرتقِ إلى مستوى انتظارات الحزب ولا الشارع، خاصة أن وزارتها تُعنى بملفات استراتيجية مثل التماسك الاجتماعي، والنهوض بوضعية الأسرة والمرأة، والحماية الاجتماعية للفئات الهشة. كما نبهت نفس المصادر إلى أن الوزيرة “تغيب عن النقاشات التشريعية، ولا تتفاعل مع الأسئلة البرلمانية، ما جعل العلاقة بينها وبين الفريق الاستقلالي تمرّ بمرحلة برود سياسي غير مسبوق”.

الأزمة لا تقف عند حدود البرلمان، بل امتدت إلى الإعلام الوطني، حيث اشتكى صحافيون مغاربة من “التعتيم” و”ضعف التواصل” داخل الوزارة، وهو ما ينعكس سلبًا على صورة الحكومة المغربية ككل، خاصة في زمن أصبحت فيه الشفافية والمساءلة معيارًا رئيسيًا في تقييم الأداء الحكومي، سواء محليًا أو من قِبل الشركاء الدوليين.

تجدر الإشارة إلى أن الوزيرة نعيمة بنيحيى سبق أن تم إعفاؤها من منصب مديرة مؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية التابعة لوزارة الشباب والرياضة، بسبب ما وُصف حينها بـ”الإخفاق في بلوغ الأهداف”، ما يثير تساؤلات جدية حول معايير التعيين في المناصب العليا داخل المغرب، ومدى مراعاتها للكفاءة والمردودية.

ويرى مراقبون دوليون أن هذه الأزمة تعكس الحاجة الملحة لإعادة النظر في طريقة تدبير القطاعات الاجتماعية في المغرب، خاصة مع التزامات الرباط الدولية في مجال التنمية المستدامة، وتموقعها كبلد مرشح لاحتضان التظاهرات الكبرى مثل كأس العالم 2030، حيث أصبحت العدالة الاجتماعية ركيزة أساسية في تقييم الدول من طرف المؤسسات العالمية.

من جهتها، تتابع منظمات دولية مثل UN Women وUNDP عن كثب أداء الوزارات المعنية بالقضايا الاجتماعية في المغرب، وسبق لها أن أشادت بإطلاق برامج الحماية الاجتماعية الشاملة. لكن هذه البرامج، حسب خبراء، قد تفقد فعاليتها إن لم تكن مدعومة بقيادة قوية وذات رؤية استراتيجية من داخل المؤسسات الحكومية.

وبينما يُنتظر من القيادة الحزبية لحزب الاستقلال التدخل للحسم في هذا التوتر الداخلي، يبقى السؤال الأهم معلّقاً: هل يستطيع المغرب أن يحافظ على صورته الدولية كنموذج في الاستقرار والإصلاح، إذا كانت بعض مفاصله الحكومية تعاني من اختلالات بهذا الحجم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *