المغرب/ العرائش: السياسة وزمن التيه؟
الوطن24/ بقلم: عبد القادر العفسي
إذا كانت السياسة من حق العموم فإنّ فهم مطابخها تبقى حكرا على أشخاص محدودين، خاصة إذا التهمت بعض المنابر الإعلامية الأحداث العامة ولم تُحسن هضمها!
مناسبة هذا الكلام، هو تهجم مجموعة من الأفاقين وعدمي الضمير على أحزاب وطنية كُبرى وركوبهم موجة التطبيل خدمة لأجندة اللقط والريع دون احترام لأخلاقيات المهنة الإعلامية، ومتحولين إلى متحورين ووكالة لتصريف مواقف سياسية وشخصية أقل ما يقال عنها أنها الغباء بعينه، ومساهمين بذلك عنوة في تميع الحقل السياسي وضرب مفهوم السياسة والصراع السياسي المبني على المطارحات في البرامج والتصورات.
إنّ هذا الاصطفاف إلى جانب مهندسي المرحلة والذين أخرجوا لنا ممارسات وهياكل فارغة واستعراضية، كشيء طبيعي! لأنّ أصحاب الحال الذين صنعوا ما صنعوا بأيدهم لم يكن لهم طيلة مشوارهم أي تكوين سياسي أو إداري خارق إلا في ركاب أَكَلةِ الأكتاف وحاملي الأظرفة الثقيلة …
غابت الحقيقة إذن عن الشعب العرائشي! لولا بعض الأصوات الكادحة والتي تُحاول ايقاضنا من الخدعة لَكُنا نظن أننا نعيش في الجنة، وإذا كان لكل مناسبة شرط فإنّ شرط كلامي هذا هو تلبية لنداء صديق عزيز مُختص في الغذاء والتغذية وأحد أقارب مسؤول جماعي لمجلس جماعة العرائش طلب مني أن أكتب وأدلي برأي في نقاش عمومي حول “أزمة الحكامة والتدبير بجماعة العرائش” ولدلك فله مني كل هذه الكلمات وهذه الحروف الناطقة “بِلطف” وبلسانه قبل أن يخطها قلمي ‘ صُبحا ‘.
إنّ المغرب_الوطن الذي يُسابق التاريخ من أجل المستقبل لا يُمكن أن يترك ذوي الأهواء الشخصية أن يتحكموا في مسيرته نحو التقدم والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والكرامة، كما أنّ المغرب العميق لا يقبل واسطة و الحمد لله بين الملك وشعبه، وهو ما يمكننا من تسجيل شيء أساسي وهو أن في المغرب أشخاص وجهات مُخلصين للوطن ومصالحه ويقومون بواجبهم ولا أدّل على ذلك من الإدانة القضائية الأخيرة لإقليم “الحسيمة” عبر إسقاط أربعة برلمانين، وهي رسالة واضحة على منهجية الدولة في توازن القوى داخلها! كما أنّ تقلص الأغلبية بمجلس جماعة العرائش في دورة ماي 2022 وتحول الأغلبية العددية لصالح المعارضة هو كذلك إدانة لمدبري هذه الانتخابات الجماعية بالعرائش وواضعي هذا التطبيق الذي سقط في أول منعرج ما دام خرج من خيمة المُقيم مائلا.
وحتى نجهر بما يتداول سرا بين النخب وبين صفوف الشعب العرائشي فإنّ نُهمة هذا المجلس ليست الفساد والريع أو غياب الشخصية أو الأغلبية أو المعارضة …بل أنّ تهمته أنه من إنتاج جهات لها قُفزات حريرية استعملتها في ولادة قيصرية سرية وخارج مؤسسات التعاقد، وكأنه ابن غير شرعي لعملية غير شرعية وغير أخلاقية … هذا ما يُقال.
وحتى نفهم موقف ” الأغلبية المعارضة ” وهي أسقطت (معارضة) مجموعة من النقط كي ترسل رسالتها المباشرة ليس إلى السيد رئيس المجلس فقط بل إلى الجهات التي سهرت على غرفة العمليات، والتي لا زالت ترعى الطفل التي تفرقت به السُبل وهو لم يبلغ بعد الفطام.
ان رئاسة المجلس لجماعة العرائش توجد في موقف محرج، فلا هي قادرة على قطع حبل الصُرة مع الحاضن وإثبات شخصياتها ولا هي قادرة على تجاوز منطق الحلقية والتخطيط التناقضي لجماعة العرائش وسياسة فرق تسود وكأننا أمام تنظيم سري! لكن يُمكن فهم ذلك ما دام أن أصابع أحد الأذرع السياسية والتي لا تُخفي دعواتها للجمهورية ولتقرير المصير للأقاليم الجنوبية وتنشر خرائط المغرب المُقسم عن جنوبه، أصبح لها أي هذه الأصابع تأثير كبير في تدبير شؤون الجماعة والتدخل في كل المستويات والملفات والأدونات والقرارات، وهذا ما يؤكد ما سبق أن قلناه على ضرورة رجوع العرائش إلى جادة صوابها وإلى السياسة العامة التي تُقررها الدولة وليس الخضوع لأهواء وتحالفات لوبيات تخدم مصالحها.
إنّ المغاربة بالوطن المغربي الكبير و “دياسبورا ” تربطهم رابطة خاصة مع العرش المغربي، رابطة روحية قبل أن تكون مادية، ورابطة حب قبل أن تكون رابطة حُكم، وكما قال السلطان العظيم “الحسن الثاني” جلل الله روحه في إحدى خُطبه: “والله لو علموا أنني أسيرهم كما يُسير بعض القادات شعوبهم كالأكباش، والله ما أطاعوني”، إنها العبقرية المغربية الممتدة عميقا بجذورها في تاريخ الإنسانية والمشرئبة بطموحها نحو المستقبل والرفعة والسؤدد.