المغرب: انتقل آخر فرصة مولاي علي الفلالي إلى الرفقة الأبدية

الوطن24/ بقلم: عبد القادر العفسي

بسم الله الرحمن الرحيم (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور) صدق الله العظيم
إن الحزن، أضحى سمة عامة لمفارقة الأحبة والرفاق والإخوة والأصدقاء… كأنها عادة يومية بحيث نفجع كل لحظة وحين، بالتالي لا تريد مفارقتنا ولا تفسح لنا مجالا للبكاء والتأمل في زمن صعوبة العيش وقتل المجال بكل تصنيفاته، فها هو الأب والصديق “مولاي علي الفلالي” ينتقل إلى رحاب البقاء الأبدي .

بقلوب ملؤها الحزن والأسى العميق والإيمان بقضاء الله وقدره ننعي اليوم الأب والصديق الأستاذ “مولاي علي الفلالي” الإطار البنكي (بنك المغرب) والناشط المدني والكاتب السياسي الذي وفته المنية يوم الأربعاء 2023/08/30، متوجا بناشين البطولة والنضال والمسيرة الطيبة حافلة بالعطاء والغنى الفكري والمطارحات الجادة متحرر من كل أشكال الفساد السياسي والخضوع له مُدافعا عن بلاده وعن مدينة العرائش التي أحبها حبا حتى أصيب لأجلها بتعب شديد، متميزا عن بعض المخلصين بالاستمرارية في المجابهة والصمود ساعيا للشمل وتوحيد الكلمة والتصدي للانهيار الكلي للدولة بهذه المدينة والإقليم، ونتيجة هذه المواقف الوطنية ورباطة الجأش والنفس الطويل وهذه العنوانين العريضة لم يجامل أحد بل قدم مصلحة الوطن و المدينة على حياته العامة والخاصة.

قال رسولنا الأكرم ص: “لا خير في جسد لا يصيبه أذى” صدق رسولنا الكريم، إن الفقيد هو من طراز المثقفين باللغة العربية والفرنسية في نثر الثقافة التقدمية والولاء للعرش والعائلة ” العلوية ” الكريمة بتشربه لتاريخ هذه الأمة المجيدة، فرغم تموج عدة تيارات فكرية غازية للمجتمع (الليبرالية، الاشتراكية…) كان ضلعا متينا للهوية المغربية ومناضل صلب يقارع بالحجة و البيان باعتباره أن التحرر من الاستلاب (القهر وإفساد الحياة…) هي أقدس القيم لضمان تقدم الوطن واستمراريته وتنمية الفضائل بإشعال القلب بشعلة الوعي بدل الطبيعة الذي اكتسبوها معظم السياسيين والإداريون ومسؤولي الدولة بهذا الحيز التي افتقدت إلى الإنسانية وتحولها عبارة عن قرود صعدت سلم التطور واحدث شكل أكثر همجية من التوحش والأقنعة الأكثر قتامة تسقط عند بروز الحاجة و الرغبة البدائية الغريزية، والتي تتجلى في أبهى حلتها لدى هؤلاء! لأن الفقيد رحمه الله وسنوات المعرفة العميقة التي جمعتني معه كان يضع فرقا دائما بين المناضلين والمتناضلين (المغامرين، من قطر بهم السقف)، فالمناضلين (برأي الفقيد) من أجل الإنسان وهذه الأمة العريقة خاضعون لقانون الحركة بالمقاومة ومنطق الفكر، أما الصنف الثاني المتناضلين/ المغامرين لهم مميزات الحماس والتخابر فقليل من المال والنفوذ ينفلت ويلحس العقل بالتالي  يقفزون إلى التآمر والفساد والخيانة… وهناك الكثير من الدلائل الحية حتى أصيب بأذى نفسي لكنه كان يردد “لا خير في جسد لا يصيبه أذى” .

إن الفقيد “مولا علي الفلالي” فارقنا لينظم إلى الرفيق الأعلى وإذ نعتز به لأنه قامة نضالية وشخصية سياسية ملتزمة وجسورة سواء من حيث نظافة اليد كموظف أو من خلال تحمله للمسؤولية بجماعة العرائش كباقي الذين ساروا في درب الجلجلة وقضوا إلى ربهم بصفحة بيضاء، وسيبقى حيا في وجداننا والذاكرة الجماعية … إني حقا أكتب عن الفقيد العزيز الشهم ولن أفي بالكتابة الواجبة كقدوة لنا وكل صادق ومحب لوطنه بالرغم أن خلافي العميق مع الفقيد في الآونة الأخيرة كانت ذات طبع عميق أدت الى القطيعة بيننا، لأنه كان يرى ويؤمن بنظرية ” قص الأجنحة” وسرعة الرد الكاسح على الفسدة والعملاء في عدة كتابتنا الساعية إلى وحدت الهدف الكفاحي، بدل ما كنت ولازلت  أنهجه من توجيه الضربات إلى “مركز الثقل” وتشتيت الخصوم المرتكزة على الهدوء واختيار الزمن واللحظة المناسبتين تجنبا لأي قراءة سيكولوجية أو ترك مجالا للخصم أو لأي انتصار زائف وهمي …

لقد رحل الفقيد قبل أوانه وعزائنا فيه أنه بقي شامخا مدافعا عن الحق المبين وقد خسره العرائشين والشرفاء والأحرار، حقا إن قلوبنا تعتصر برحيل الفقيد لكنه رحل بالجسد وسيبقى خالدا وتستمر المعركة لأجل استنشاق هواء نظيف مهما كانت الخسائر والأضرار والمتآمرين، لأنها معركة يتقرر فيها حسم للوطن وإظهار مستقبله ومستقبل الأجيال … ندعو للفقيد بالرحمة والمغفرة ويسكنه فسيح جنانه ويلهم أهله وأبنائه وكل الأصدقاء  بالصبر والسلوان الى جانب الأنبياء والصديقين والشهداء .

إنا لله وإنا إليه راجعون، وداعا يا أخر فرصة العرائش