المغرب: توزيع أشجار مثمرة على مجموعة من الفلاحين بإقليم مراكش- الحوز في إطار عملية تشجير واسعة، مع تدشين نظام جديد للري بمنطقة أقريش.

الوطن24/ بقلم: كادم بوطيب (مراكش)

في حفل كبير احتضنه ضريح القديس اليهودي رفاييل كوهن دفين منطقة أقريش جنوب مراكش الحوز، وبحضور أعضاء الطائفة اليهودية بالمغرب وعلى رأسهم الدكتور يوسف بلماير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير، والسيد مولاي الحسن العدلوني المدير الوطني للمؤسسة، والسيدة أمينة الحجامي مديرة المشاريع بالمؤسسة، والسيد علي الحارثي رئيس الفيدرالية الوطنية للطاقة بالمغرب والمدير العام لشركة fenelec بصفتها الممون والداعم الرئيسي للمشروع، وبحضور وسائل اعلام وطنية ودولية، ثم تدشين نظام ضح المياه بالطاقة الشمسية في مشتل أقريش الواقع بمقر الضريح.

وفي دات الحفل استفاد مجموعة من الفلاحين بمنطقة اقريش من دفعة أخرى من الأشجار المثمرة، وذلك في إطار عملية تشجير واسعة تشرف عليها السلطات المحلية بإقليم مراكش ومؤسسة الأطلس الكبير والطائفة اليهودية بمراكش بالمغرب.

وأشرف على توزيع هذه الأشجار، يوم أمس الأحد 28 فبراير الجاري، عدد من أعضاء مؤسسة الأطلس الكبير وممثلين عن وزارة الفلاحة وممثلين عن ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز، وممثلين عن الطائفة اليهودية في المغرب.

وتم إنتاج هذه الأشجار المثمرة داخل مشتل أقرياش، الواقع جنوب مراكش، والذي أنشئ من قبل مؤسسة الأطلس الكبير على أرض معارة من قبل الطائفة اليهودية في مراكش.

وستكون الأراضي متاحة لجميع الأطراف المعنية (الأفراد والهيئات الحكومية والبلديات والمؤسسات التعليمية والجمعيات التعاونية والجمعيات النسائية والمنظمات الثقافية).

وحسب السيد رشيد المنتصر عضو مسؤول بمؤسسة الأطلس الكبير تهدف هذه العملية إلى زراعة أشجار الفواكه والأشجار المثمرة من قبيل الزيتون والتين والرمان والليمون والخروب والكركاع … وسيتم توزيع 30 ألف من الأشجار التي يتجاوز عمرها سنتين وبذور على صغار الفلاحين، الذين سيستفيدون أيضا من تثمين أنشطتهم الفلاحية بالمنطقة مع دعم مستمر ومواكبة من طرف المؤسسة.

وتعد هذه المبادرة، حسب القائمين عليها، تفعيلا لروح مبادرة إعادة تأهيل مقابر اليهود بالمغرب “بيوت الحياة”، الذي أطلقت سنة 2010 بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي استفاد منها 167 موقعا في 14 منطقة بالمملكة خلال أربع سنوات.

ويندرج هذا المشروع في إطار الحملة العالمية “مليار شجرة”، وهي مبادرة تم طلاقها سنة 2006، من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وتروم هذه العملية تحسيس الساكنة المحلية بأهمية غرس الأشجار وأثرها على المجال البيئي، وتطوير الاقتصاد المحلي عبر خلق أنشطة مدرة للدخل. وقد لاقت العملية، التي تعبأ لها مختلف الفاعلين ب 170 بلدا عبر العالم، نجاحا كبيرا منذ إطلاق الحملة سنة 2006.

وعلى الرغم من الانتكاسات التي تعرفها بلادنا والعالم بسبب وباء كورونا (كوفيد-19)، تواصل مؤسسة الأطلس الكبير (HAF) مجهوداتها الجمعوية والتضامنية الرائدة بتحقيق هدفها المتمثل في غرس مليون شجرة مع الساكنة المحلية في المغرب مند حلول عام 2021، وهي حاليّا ً في مرحلة التقييم لموسم زراعة الأشجار لهده السنة.

ومنذ بداية عام 2020 تم زرع 1.38 مليون بذرة في 11 مشتلًا جماعاتيا تابع لمؤسسة الأطلس الكبير (HAF) في ست اقاليم من البلاد. ومن بين هذه البذور سوف ينمو حوالي 80 في المائة (ما لا يقل عن مليون شتلة) ويمكن نقلها للزراعة من قبل المجتمعات الزراعية والمدارس ابتداء من شهر دجنبر من هذا العام. هدفنا المشترك مع الشركاء هو زراعة ما مجموعه 2.5 مليون من الأشجار في المغرب بحلول عام 2022.

ويقول السيد سعيد بناني مدير المشاريع وعضو مؤسسة الأطلس الكبير تتمّ زراعة الشتلات عادة من المشاتل وتوزيعها وزرعها من شهر دجنبر حتى شهر مارس ويبدأ التقييم في شهر أبريل. يلتقي موظفو وشركاء المؤسسة (HAF) بالمزارعين داخل قراهم ويقيمون ورش عمل ويقيّمون نمو الأشجار. إلا أنه في هذه السنة، كانت عملية المراقبة أبطأ لأنه من الصعب مقابلة المزارعين والتعاونيات بسبب جائحة كورونا، في الوقت الدي لا تزال فيه بعض الاقاليم في المغرب تبلّغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا.

وحسب السيدة سناء بنعظيم مسؤولة بمشاتل المؤسسة، فإن شتلات مؤسسة (HAF) التي توزعها على الفلاحين تشمل شجر الأرغان، اللوز، الخروب، الكرز، التين، الزيتون، الرمان، والجوز، كلها عضوية، خالية من المواد الكيميائية وذات قيمة عالية مقارنة بمحاصيل الذرة والشعير التقليدية. وتضيف السيدة سناء أن هده الأشجار المثمرة تساهم في الأمن الغذائي والوعي البيئي وفوائد أخرى مثل الهواء النقي وتقليل تآكل التربة. وتبيع المؤسسة شتلات للمزارعين بسعر منخفض (أو رمزي) مما يوفر خيارًا للمزارعين لتنويع مصدر دخلهم.

وتشرح حجيبة بومسمار مسؤولة مراقبة الأشجار بالمؤسسة، قائلة: إنهم “يريدون تغيير حياتهم وحالتهم”. فبالنسبة لبعض المزارعين، تكمن المشكلة في نقص الإستثمار المالي أو عدم وجود مشاتل قريبة. وبالنسبة للآخرين، فإن المشكلة أكثر تعقيدًا مثل نقص البنية التحتية للري. وتقول: “يعاني الكثير من الناس من مشكلة المياه”. “ونحن في المؤسسة [HAF] ندعم المجتمع من خلال تزويدهم بنظام الري، مثل الأنابيب أو المضخات الشمسية.

وقال رئيس مؤسسة الأطلس الكبير جايسون يوسف بن ماير، إن النموذج الجديد للتنمية الجهوية للأقاليم الجنوبية ومختلف الجهات بالمغرب، الذي جاء مفصلا في الورقة التأطيرية التي قدمت في وقت سابق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس يعد “مبادرة تقدمية” تروم تسريع مسلسل الإصلاحات، الذي انخرطت فيه المملكة تحت قيادة جلالة الملك.

وأعرب بن ماير، في تصريح صحفي أدلى لنا به، عن اعتقاده بأن “النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية يعد خطة تقدمية، بالنظر إلى كونه يستجيب لحاجيات التنمية المستدامة للسكان المحليين وفقا لرؤية تشاركية واسعة النطاق تحترم خصوصيات المنطقة”.

وبالنسبة إلى هذا الباحث في علم الاجتماع، والعضو السابق في المعهد الأمريكي للدراسات المغاربية٬ فإن المخطط يتوفر على كافة مقومات النجاح، والمتمثلة في “مشاركة نشطة للنسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة”، و”تثمين الثروات المحلية لفائدة سكان الأقاليم الجنوبية”، أو “تنفيذ مشاريع محددة تستجيب لخصوصيات وحاجيات المنطقة

ويبقى مشروع الأطلس الكبير في المغرب – مساعدة الناس على مساعدة أنفسهم وهو مشروع رائد يعمل على تحسين البيئة وحياة الناس المعيشية بزراعة ذات إنتاجية تسويقية مستدامة. مفتاح نجاحه يكمن في إشراك القرويين وتمكينهم من تحقيق استقلالية الإدماج الاقتصادي والاجتماعي بأنفسهم.