المغرب: عندما تتعارض الطموحات الرياضية مع حقوق المواطنين

الوطن24/ بقلم: مراد السعداوي
بينما يستعد المغرب لاستضافة بطولة كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، ويستثمر مبالغ ضخمة في تجهيز الملاعب والبنية التحتية الرياضية، يظل مشهد آخر أكثر حدة ووقعاً يطفو على السطح، حيث تعاني العديد من المناطق النائية، مثل الحوز، من أوضاع إنسانية مزرية. في خضم التحضيرات لهذه الفعاليات العالمية، يعيش سكان الحوز في خيام مهترئة مع اقتراب فصل الشتاء القارس، مما يطرح تساؤلات ملحة حول أولويات الحكومة ومدى التزامها بالعدالة الاجتماعية.

التناقض الصارخ بين الإنفاق الضخم على المنشآت الرياضية وبين الظروف المعيشية القاسية التي يواجهها مواطنو هذه المناطق، يُثير الكثير من الجدل. ففي حين تُبذل جهود كبيرة لضمان بريق ملاعب كرة القدم لاستقبال المباريات الكبرى، يُترك مواطنون بدون مأوى مناسب أو حماية من البرد القارس. هل يُعقل أن يُخصص جزء كبير من الميزانية العامة للبنية التحتية الرياضية، في حين يُهمل السكن اللائق والرعاية الأساسية التي يحتاجها المواطنون؟

تُظهر هذه الحالة الفجوة العميقة بين طموحات الدولة الرياضية ومتطلبات الحياة اليومية للعديد من المواطنين. إنها دعوة صريحة للحكومة لإعادة التفكير في أولوياتها والتأكد من أن الإنجازات الرياضية لا تأتي على حساب حقوق الإنسان وكرامة العيش.
بدلاً من التباهي بالملاعب والمرافق، يجب على الحكومة أن تولي اهتمامًا أكبر للمواطنين الذين يعانون في مناطق نائية مثل الحوز. فهم بحاجة إلى حلول فورية تتعلق بالسكن، والرعاية الصحية، والحماية من الظروف المناخية القاسية، لا سيما مع اقتراب فصل الشتاء.

إن مسألة التوازن بين طموحات الدولة الكبرى والاحتياجات الأساسية للمواطنين ليست قضية ثانوية. بل هي جرس إنذار يدعو جميع الأطراف المعنية، سواء الحكومة أو المجتمع المدني، إلى العمل معًا لضمان أن التنمية في المغرب شاملة ومستدامة، وأن لا يُترك أحد خلف الركب.

في نهاية المطاف، الإنجازات الرياضية لا قيمة لها إذا كانت تُبنى على حساب احتياجات المواطنين الأساسية. على الحكومة أن تتبنى سياسات تراعي أولويات شعبها وتوفر الحماية والدعم للمجتمعات الهشة، كي تتحقق العدالة الاجتماعية إلى جانب النجاحات الكبرى في الساحة الرياضية.