المغرب : فضيحة وتصفية حسابات في “بريد المغرب”: إدارة متهمة بالتستر والانتقام من الأصوات المعارضة

يعيش “بريد المغرب” هذه الأيام على وقع سلسلة من الأزمات والاحتقان غير المسبوق، نتيجة ما يصفه عدد من المتابعين بـ“سوء التسيير واستشراء منطق المؤامرات”. أجواء ملوثة بالصراعات الداخلية دفعت أطرًا عليا إلى تقديم استقالاتها أو التقاعد نسبيًا، هربًا من بيئة توصف بأنها موبوءة بتصفية الحسابات وتكميم الأفواه.

في قلب هذه العاصفة، يطفو على السطح ملف رئيس مصلحة سابق بمقر الرباط، يُعرف اختصارًا بـ“ع. ح”، الذي أدانته المحكمة بالسجن سنة ونصف بتهمة “الاختلاس”. حكم أثار وقتها موجة استغراب واسعة، خاصة بعد تسرب معطيات جديدة تهدد بنسف الرواية الرسمية.

“ع. ح”، وبعد الإفراج عنه، خرج عن صمته مؤكدًا أنه كان ضحية مباشرة لرفضه الانخراط في منظومة الفساد المستشري داخل المؤسسة. بحسب تصريحاته، فإن نزاهته كانت التهمة الحقيقية التي كلّفته حريته ومساره المهني.

المثير في القضية أن إحدى الجهات المرتبطة بالملف، وهي مصحة أكدال، سبق أن تسلمت مستحقاتها كاملة بموجب شيك بنكي موثق، وهو ما يطرح علامات استفهام خطيرة حول الأسس القانونية للحكم الصادر.

ورغم بروز هذه الوقائع، فضلت إدارة “بريد المغرب” التزام الصمت و التماطل في تحريك آليات المتابعة الإدارية والقضائية، ما زاد من الشكوك حول احتمال وجود تواطؤ أو إرادة لطمس الحقائق.

اليوم، قرر “ع. ح” العودة إلى القضاء عبر شكاية جديدة أمام المحكمة الاستئناف بالرباط، و إلى مؤسسة الوسيط المملكة لتدخل في الجانب الاداري ، هذا و يطالب المعني بالامر بفتح تحقيق شامل واستدعاء جميع المسؤولين الحاليين والسابقين، بهدف كشف ما يصفه بـ“شبكة تلاعبات منظمة”.

في المقابل، يطرح مراقبون تساؤلات محرجة: كيف يمكن لمؤسسة عمومية بهذا الحجم أن تستمر في تجاهل معطيات موثقة قد تقلب مجريات القضية؟ ولماذا يُترك من يعتبر نفسه بريئًا وحيدًا في مواجهة آلة إدارية يُقال إنها لا تتسامح مع الأصوات المزعجة؟

يطالب “ع. ح” بإنصافه وإعادة الاعتبار إليه، داعيًا القضاء إلى تسريع التحقيقات وتحميل المسؤولية لكل من ساهم في “تشويه سمعته وإبعاده ظلمًا”.

في ظل غياب الشفافية، يبدو أن “بريد المغرب” يختار مجددًا سياسة التعتيم، لتبقى الحقيقة معلقة في انتظار سلطة قضائية تملك شجاعة فتح الملفات المسكوت عنها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *