المغرب: في سياق متابعة الفاسدين هل تمتد يد القضاء إلى كل مناطق المملكة..؟؟
الوطن 24/ بقلم: عبد الهادي العسلة
اختتمت السنة الميلادية 2023 بحدث وطني ذو قيمة قانونية سيفضي إلى تداعيات تنعكس إيجابا على الشأن المحلي الوطني. الحدث الوطني الهام في شكله قضاءي ذو صبغة قانونية لكنه في جوهره يختزل المنحى المستقل الذي أصبح ينزع إليه القضاء المغربي ليكرس الطابع السيادي للقضاء واستقلاليته الوطنية عن كافة أشكال الهيمنة أو التوجيه أو التأثير، هذه الاستقلالية لها عائد وطني ومردودية تتقاطع فيها كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية على المديات المتوسطة والبعيدة ستعود بالنفع على المستوى الوطني وكدا على سمعة المغرب ومصداقية مؤسساته إن سلك المغرب فيه مسارات الجدية والاستدامة.
لم يتعود المواطن المغربي إلا في حالات استثنائية أن تطال يد القضاء وقبضة العدالة شخصيات وازنة تتحصن بالمال والنفوذ وحماية الأحزاب، لقد جاء على حين غرة نبأ التحقيق مع برلمانيين ورؤساء جهات وجماعات في حالة اعتقال إذ أمر القضاء بإيداع المعنيين بالتهم سجن عكاشة بمدينة الدار البيضاء على ذمة تعميق البحث في قضايا تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات وتبييض الأموال واستغلال النفوذ والتزوير والإتجار في البشر وغيرها من التهم الثقيلة. وإنه بصرف النظر عن الأحكام المفترض توجيهها للمتهمين فإن قضايا كهاته تفاعل معها المواطنون المغاربة بشكل إيجابي بعد أن تسرب اليأس للمغاربة بأن هناك فئة لايشملها القانون ولا تطالها يد العدالة بسبب السلوك الإجرامي الذي تحترفه في التملص من التهم وتضليل القضاء أو التأثير عليه أو استغلال النفوذ بكل الوسائل غير القانونية في الإفلات من العقاب وإخفاء معالم الجريمة والاستمرار في سرقة المال العام وارتكاب كل المخالفات والاختلالات التي أصبحت الجماعات الترابية مرتعا لها دون حسيب أو رقيب.
لكن هذا الحدث أعاد الأمل وتلاحق المتابعات لكثير من المسؤولين في عدد كبير من الجماعات يمكن البناء عليه وافتراض تحولات منهجية تجعل قضية ربط المسؤولية بالمحاسبة ممكنة التحقق.
لقد تعالت أصوات من مواطنين ومتتبعين ومنظمات حقوقية ونخب وإعلام بأن هناك عدد من البرلمانيين ورؤساء جماعات محلية وإقليمية وجهوية لا زالت خارج المتابعة والادانة على الرغم من توارد تقارير المجلس الأعلى للحسابات وورود أسماء ذات صلة قوية بالفساء وجرائم نهب المال العام وبات المواطن يعرفها حق المعرفة ويراها صباح مساء في القرى والمدن تزداد ثراء ونفودا وخروجا عن القانون يعرفها لأنه قبل وقت قصير لم تكن تملك شيئا لكنها في غفلة من زمن قصير أصبحت تلك الأسماء من أصحاب الملايين والملايير والأملاك والضيعات والعقارات في الداخل والخارج، بل منهم من حصل على الجنسية الثانية أو في طريق البحث عنها مع ما يرافق ذلك من تهريب للأموال أو تبييضها، ويكفي إلقاء نظرة على بعض المناطق في المغرب ليتضح بالملموس أن المركز والمسؤولية قد نقلت البعض إلى الثراء الفاحش الذي لم يكن ليكون لولا أن تلك الأسماء قد أصبحت ترأس شؤون جماعة ترابية محلية أو إقليمية أو جهوية كما هو الحال في قضية الفقيه بن صالح ومنطقة الدار البيضاء والشرق ومراكش ومنطقة الغرب إذ ينتظر المواطنون ما ستسفر عنه الأبحاث المتعلقة بشبهات الفساد التي كانت مادة إعلامية وموضوعا صحفيا تناولته جرائد وطنية ومواقع إلكترونية نتيجة تقارير لجان التفتيش والمجلس الأعلى للحسابات بحيث تحول أفراد عائلات إلى الثراء الفاحش جراء عوائد مالية من تلك الجماعات التي باتت تحت تصرفها وتحكمها.
هذا امر خطير عندما يرى المواطن المغربي أن مسؤولين يمثلون الأمة وهم خارج القانون ويراكمون الثروة دون وجه حق ويستمرون في المسؤوليات أكيد أن منسوب الثقة يتراجع والثقة في القضاء تضعف ويتفاقم العزوف ويخسر الوطن.
لعل هذه المتابعات الأخيرة والاخرى التي ستأتي أن تعيد الثقة للمواطن في المؤسسات وفي القضاء وتعطي للسياسة قيمتها الحقيقية بأنها وسيلة لخدمة الوطن والمواطن وليست وسيلة للمصلحة الشخصية والإثراء غير المشروع والظلم والإجرام واستغلال النفوذ ونهب الثروات. اليوم يجب أن يفهم الجميع أن المغاربة سواسبة أمام القانون وأنه أمام مقتضياته لا تنفع الأحزاب ولا المال المسروق ولا النفوذ في توفير الحماية والغطاء الفاسدين.