المغرب: وزارة الصحة ومعاناة المرضى اللامنتهية

الوطن24/ بقلم: ملاك العرابي

ملاك العرابي

   تعلن دائما وزارة الصحة المغربية ببلاغاتها الترهيبية فقط عن المصائب والحالات الخطيرة التي ترعب المواطن، بينما لا تعلن عن اختلالات شتى ومعانات مرضى المغاربة كل ساعة ويوم وشهور وسنوات بالمستشفيات العمومية، ولا تقف عند الإشكاليات والاختلالات الحقيقية التي يعيشها القطاع، كما بدورها تعطل وتفرمل مسيرة النهوض بالقطاع الصحي.  

عندما نرى انه من بين المجالات الحيوية التي تشتغل عليها حكومات الدول وتهتم بها أيما اهتمام من دون كلل ولا تهاون، وتعتبر من الركائز والأولويات ذات الأهمية القصوى والأساسية لتلبية حاجيات المواطن المعنوية والصحية، وتخصص لها اعتمادات مالية ضخمة ومؤسسات وموارد بشرية على أهميتها بمكان، بالطبع في دول تستشعر بمكانة هذا المجال ومدى قيمته التي لا تقاس بأية قيمة مادية مهما بلغ شأنها، نجد ما يتعلق بصحة المواطن التي لا تقدر بثمن، فتأخذ أكبر قدر من الاهتمام في برامج الحكومات في شخص وزاراتها ومؤسساتها وأطرها على حد سواء، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو، ماذا عن وزارة الصحة ببلادنا المغرب؟ إن ما يسجل من خلال ملاحظاتنا الأولية حول مجال الصحة به، الذي يعتبر قطاعا قائم الذات وله مؤسسات وأطر، كونه يعرف عدة اختلالات وإشكاليات تقض مضاجع المغاربة، خاصة البسطاء والفقراء وذوي الدخل المحدود، وحتى من يعتبر من الطبقة الوسطى إن كان لهذه الطبقة وجود بداخل الهرم المجتمعي، منها ما يتعلق بإشكالية سياسة ترشيد القطاع مؤسساتيا وبشريا، ومنها ما يخص أخلاقيات المهنة الطبية والتمريضية، وأخرى تتعلق بالإجراءات المتبعة للمعالجة والتمريض.. وهنا نتحدث، طبعا، عن الشق العمومي في قطاع الصحة بالخصوص، الذي تتكفل به الدولة وتعتمده كمجال عمومي في سياساتها العمومية المتبعة ضمن القطاعات الحيوية التي لها السيادة المباشرة في تدبيرها والسهر عليها.

 إن النقص المهول في المؤسسات الصحية العمومية والخصاص في المعدات اللوجيستيكية وكل ما يتعلق بالبنيات التحتية، التي بدونها لا يمكن استقبال ولا إيواء المرضى ولا معالجتهم ولا تمريضهم، يشكل أزمة عميقة تعصف بالقطاع الصحي العمومي في المغرب، إضافة إلى النقص الفظيع في الأطر الطبية والتمريضية، الذي يضرب صحتنا في العمق بضربات قاتلة لها، الأمر الذي يخلق معه أزمة بنيوية تمس كل بنيات المجال الصحي، مما يجعلنا ندخل في دوامة لا نقوى على فك مشكلاتها ومصاعبها وأمواجها العاتية التي لا نقدر على مواجهاتها، وتقذف بنا من  شط إلى شط دون هواد.

والأنكى من ذلك هو أنها لا تعمل على إبداع الخطط والبرامج وكل ما له صله بالمتطلبات الحثيثة والسياسة الصحية لتجاوز المعضلات والمثبطات لأجل صحة المواطن.

ففي هذا الإطار يحضرنا، على سبيل الحديث المضني في هذا المجال، ما يعرف بالتماطل في الإجراءات للوصول إلى الطبيب المختص أو الطبيب المعني، ومعها المواعيد الطويلة الأمد في كثير من الأحيان، مما يستنزف صحة المريض، وقد يقضى عليه قبل موعد علاجه، ولا يولى اهتمام لظروف المريض الصحية أو المادية والمعنوية، والسؤال المطروح دائما هل هناك متابعة ورصد ومراقبة فيما يتعلق بهذا المسار المعطوب لقطاع صحتنا العمومية بالمغرب؟ وكيف بنا العلاج والمعالجة والعناية والسهر على حياة المرضى ومداواتهم،؟ ماذا يعني وجود طبيب وحيد يشرف على مرضى المستعجلات المكتظة يوميا في كثير من المؤسسات الصحية لدينا؟ هل من ترشيد للسلوك ولغة التواصل وكيفيات المعاملة مع المريض؟..

أيسرهم ما يدفعه المرضى من مصاريف وأثمنة فوق طاقتهم …؟ وما خفي أعظم.. كفى من استنزاف جيوب المواطنين المغلوب على أمرهم واتقوا الله في أبناء جلدتكم. 

إن شأن صحتنا العمومية الذي يضربنا في مقتل، يشكل غيضا من فيض، بكل إشكاليات أزمته البنيوية، حيث لا يسعنا إلا القول بكون قطاعنا الصحي العمومي إنه ليس على ما يرام، بل أنه يسهم في المزيد من تراكم المعطيات السلبية ولا يساهم في تنمية وتقدم المواطن المغربي في كل مستوياته، بل وجود صحة مواطن معتلة ومهترئة في كل بنياتها العضوية والنفسية.

تعليق واحد