المغرب يكرّس ريادته الإقليمية بمقاربة إنسانية لقضية الهجرة.

في ظل تعقّد التحديات المرتبطة بالهجرة على ضفتي المتوسط، أعاد المغرب التأكيد على موقعه الريادي في هذا الملف، من خلال خطاب قوي لرئيس مجلس النواب المغربي، راشيد الطالبي العلمي، ألقاه خلال الجلسة العامة الثامنة عشرة لجمعية الاتحاد من أجل المتوسط، المنعقدة يوم الجمعة بمدينة مالقة الإسبانية.

الطالبي العلمي أكد أن المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعتمد مقاربة إنسانية ومسؤولة لقضية الهجرة، تُوازن بين متطلبات الأمن واحترام حقوق الإنسان، وتنسجم مع الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، المعروف بـ”ميثاق مراكش”، الذي احتضنته المملكة سنة 2018 وتحول إلى مرجعية أممية في هذا المجال.

وأشاد المسؤول المغربي بالتعاون الوثيق بين الرباط ومدريد، واصفاً إياه بـ”النموذجي” في تدبير تدفقات الهجرة القادمة من بلدان الجنوب، مؤكداً أن هذا التنسيق لا يقتصر فقط على ضبط الحدود، بل يشمل جوانب إنسانية وتنموية تهدف إلى حماية المهاجرين وضمان كرامتهم.

الهجرة ليست أزمة… بل نتيجة

وفي تحليل معمّق للظاهرة، أشار الطالبي العلمي إلى أن الأسباب الحقيقية للهجرة تتجذر في اختلالات بنيوية تمسّ بلدان المنشأ، مثل النزاعات المسلحة، والتغيرات المناخية، والفقر، وغياب التنمية المستدامة. وقال إن هذه العوامل تُنتج موجات نزوح جماعي لا يمكن مواجهتها بحلول ظرفية أو مقاربات ضيقة.

كما نبّه إلى الكلفة التي تتحملها بلدان العبور، ومن بينها المغرب، داعياً إلى الاعتراف بدورها المحوري في احتواء الظاهرة، وضرورة تقاسم الأعباء والمسؤوليات على المستوى الإقليمي والدولي.

الهجرة النظامية حاجة لا تهديد

الطالبي العلمي شدد على أن الهجرة يجب أن تُفهم كظاهرة طبيعية وتاريخية، وليست استثناءً أو خطراً، مشيراً إلى وجود طلب متزايد على اليد العاملة المهاجرة في العديد من الدول الأوروبية. وقال إن توظيف قضية الهجرة في النزاعات السياسية أو الخطابات الشعبوية يؤدي إلى نتائج عكسية، ويسيء إلى صورة المهاجرين رغم مساهماتهم في اقتصادات الدول المستقبلة.

إشادة بخيار الرئاسة الإسبانية

وفي ختام مداخلته، نوّه الطالبي العلمي باختيار الرئاسة الإسبانية لجمعية الاتحاد من أجل المتوسط إدراج الهجرة ضمن أولويات جدول أعمالها، لا سيما في سياق دولي يتسم بعدم الاستقرار وتعدد بؤر التوتر، خصوصاً في الشرق الأوسط وأفريقيا.

المغرب… صوت الحكمة في ملف الهجرة

من خلال هذه المشاركة، يؤكد المغرب مجدداً أن التعامل مع ملف الهجرة يتطلب إرادة سياسية، وتعاوناً إقليمياً فعّالاً، ومقاربة شاملة تضع الإنسان في صلب السياسات العمومية. وهي رسالة تنسجم مع التوجهات الكبرى للمملكة في الدفاع عن العدالة الدولية والتضامن بين الشعوب، خصوصاً في القضايا العابرة للحدود مثل الهجرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *