المغـرب: جدل كبير، وشبهات ترافق الترخيص لإقامة مشروع سياحي بجانب منارة طنجة التاريخية.

الـوطن 24/ كادم بوطيب

من المنتظر أن تدخل الجمعيات المهتمة بالمحافظة على المواقع الأثرية والتاريخية والايكولوجية، لتوبخ وتسائل الجهات التي منحت ترخيصا لإقامة مشروع سياحي بجانب أحد أكبر المعالم التاريخية بدات البحرين، ويتعلق الأمر “بالمنار” ما سيسبب في حجب الرؤيا عن هده المعلمة التي ظلت تفتخر بها المدينة مند العهد الاستعماري، وهي المتواجدة في منطقة تتميز بجمالية منفردة لا مثيل لها بإفريقيا… منطقة بانورامية عبارة عن مرتفع يطل على هضبة سحيقة بعلو أمتار تنتصب عليه في القمة بناية المنارةٍ … والمنارة هذه يتكلف بها فريق ضئيل العدد من القوات المسلحة بحراستها ليلا ونهارا، بحيث يُمنع زوار المكان هنا من الولوج داخلها، إذ يحدها سياج حديدي على محيطها يقف سدا حائلا ومانعا أمام تقدم أي شخص ..إلخ إلخ… فكيف اقترب منها اليوم الإسمنت المسلح…!؟

وعبر وسائل التواصل الإجتماعي والسوشل ميديا تسائل العديد من المهتمين والمتتبعين للشأن العام المحلي حول الجهات التي رخصت لإقامة هدا المشروع بجانب هده المنارة، والدي هو لربما مقهى فاخر لأحد الأثرياء بالمدينة .

المنارة التي شاءت الأقدار أن نتحدث عنها اليوم، دخلت حيز الخدمة لعقود من الزمن، وهي منارة ضمن شبكة المنارات البحرية التاريخية المغربية (39 منارة) التي تمتد على طول 3400 كلم من الشواطئ المغربية، ولها كبرى ودور مهم في ضمان أمن الحركة البحرية.

ويرتبط نشاط هذا النصب التاريخي الرمزي ارتباطا وثيقا بتاريخ النشاط البحري الدولي والوطني، الذي دعم طيلة قرن ونصف من الزمن الموقع الاستراتيجي للمغرب في مفترق طرق يعد من أهم الممرات الرئيسية التجارية، كما دعم جهود الإصلاح لتحديث البنيات الاقتصادية الوطنية خاصة في وقت تعاظمت فيه أطماع القوى الاستعمارية الكبرى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .

وشهدت المنارة عبر تاريخ وجودها العديد من التحولات التقنية، التي بدأت بتثبيت جهاز بصري بقوة تناهز 20 ألف من الشموع العشرية لتوفير نظام متكامل لعدسة ضوئية بسعة كبيرة، كما ثم انشاء جهاز صوتي يستعمل استثناء في الأجواء الغائمة، ووضع جهاز صوتي آخر يساعد السفن العابرة على تحديد موقعها .

ولم تستفد المنارة التاريخية من الخدمة الكهربائية إلا في السنوات الأخيرة، وهو ما مكن هذه المنشأة من إجراء العمليات التواصلية مع السفن المعنية بشكل أوتوماتيكي عوض الوسائل التي كانت تسير يدويا، وساهم ذلك في توسيع قدرات المنارة على مستوى الإضاءة وتعزيز تنظيم الحركة البحرية بمضيق جبل طارق، الذي تطل عليه مدينة البوغاز.

وإلى جانب الخدمات التاريخية والبحرية التي قدمتها وتقدمها المنارة، فانها تعد حاليا أحد أكثر المواقع زيارة في المنطقة، بحكم موقعها الجغرافي والسياحي المتميز، كما تساهم في دعم جاذبية منطقة طنجة السياحية كمثيلتها من المعالم والمواقع التاريخية الخالدة التي تزخر بها طنجة وتزيد مختلف فضاءاتها رونقا، كمنارة كاب سبارطيل ومغارة هرقل والقصبة البرتغالية ومنتزه “بيرديكاليس” وفيلا “دو فرانس” والمدينة العتيقة بكل مكوناتها العمرانية وضريح ابن بطوطة وفضاء المندوبية ومقابر الرومان بمرشان.

وتبرز اهمية هذه المنارة التاريخية إلى جانب ميناء طنجة المتوسطي كبنية استراتيجية هامة بتأثيثهما للورقة المالية والنقدية الوطنية من فئة 200 درهم، باعتبارهما يعكسان انفتاح المغرب على عالمه الخارجي ودورهما الاقتصادي البارز، كمعالم رمزية تحمل أكثر من دلالة.​

ومنطقة “المْنَار” بمدينة طنجة المعروفة بالعالم بشكل كبير”مدينة طنجة” !، ليس فقط هي تلك المنطقة التي ننظر من خلالها للسفن تمخر مياه البحر بين إفريقيا وأوروبا وتنتصب على قمتها منارة ترمز للتاريخ، و… وكل ما تحدثنا عنه فيما تقدم، لا.. إن وضع أقدامك بمنطقة المنار بطنجة، وصول لك إلى عمق “مركز العالم” من حيث الجغرافيا وتأمل في يَنبوع مفرز لعطر ولترنم ولحب ولسحر لا يموت في العمق بتقارب العدوتين..إلخ..إلخ

وكالعادة يتواصل مسلسل التطاول على المآثر التاريخية والملك الغابوي والبحري والعمومي على الشريط الساحلي شمال المملكة وخاصة بطنجة وتطوان والحسيمة، حيث تتكرر كل سنة، ومع حلول، عمليات الاحتكار والاستغلال العشوائي لشواطئ البحر الأبيض المتوسط.

وقد ارتفعت العديد من الأصوات المنددة بهذا السلوك المشين، المنافي للقانون، كما انتشرت دعوات عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، بمبادرة من أبناء المناطق الشمالية الذين عبروا من خلالها عن غضبهم ورفضهم لهذه الأفعال التي يجرمها القانون، لكن يتم التغاضي عنها من طرف المسؤولين في هذه المناطق كما لو أنها خارج الضوابط القانونية ولا تنتمي للمغرب.

وفي كثير من الأحيان ثم ترويج عرائض بهذا الشأن، تطالب المسؤولين بالضرب بقوة على أيدي كل من يستغل  علاقاته أو قربه من ذوي النفوذ والمقربين من السلطة، من أجل عمليات البناء غير القانوني للشاليهات الفخمة والتجمعات السكنية فوق الملك العمومي البحري، وكذا إقامة حواجز وأسلاك وحراسة أمنية خاصة تمنع سكان المنطقة من حقهم الطبيعي في الاستجمام والاستمتاع بالمؤهلات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة…

ويطالب المتضررون، مآزرين بجمعيات المجتمع المدني، بمنع الاستفادة الحصرية من رخص استثنائية تسمح لبعض الشخصيات النافذة أو ذويهم من إقامة مشاريع تجارية على مساحات واسعة من هذه الشواطئ، وحرمان الآلاف من أبناء المنطقة وشبابها من حقهم في أولوية الاستفادة من هذه التراخيص التجارية المؤقتة، والتي من شأنها المساهمة في التخفيف من معاناتهم مع البطالة والفقر جراء إغلاق المناطق الحدودية وتداعيات ما خلفه وباء كوفيد – 19، وغلاء الأسعار

ويرى المتضررون من أبناء المناطق الشمالية للمملكة، أن المسؤولين محليا وجهويا ومركزيا، يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم لجعل حد لهذه الظاهرة التي تمس بسمعة المغرب، الذي خطى خطوات جبارة على درب الديمقراطية ومحاربة الفساد، وذلك بتطبيق القانون وجعل الكل سواسية أمامه، لا فرق في ذلك بين فقير او غني وبين مواطن عادي او آخر مقرب من دوائر النفوذ…

كما يطالب المتضررون، بالحيلولة دون جعل خيرات المنطقة حكرا على فئة محظوظة، في خرق سافر للمقتضيات القانونية  المؤطرة للملك العمومي البحري، ودعوا إلى استفادة المواطنين على قدم المساواة من خيرات المنطقة، وفق مبادئ المساواة والنزاهة والحكامة استنادا إلى دستور البلاد، وانطلاقا من أحقية وأولوية الاستفادة لأبناء المنطقة من معطلين وطلبة ومحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة …

يشار إلى أن المجلس الأعلى للحسابات كان قد فجر سابقا، في تقاريره السنوية، قضية احتلال الملك البحري ووقف على مظاهر السطو علي من قبل العديد من ذوي النفوذ والمقربين من السلطة. ولاحظ المجلس في هذا الصدد أن غالبية المستفيدين من رخص استغلال الملك العمومي البحري لا يتقيدون بشرط استعمال مواد خفيفة في البناء على أراضي هذا الملك.

وكشف المجلس أن العديد من محلات الاصطياف (الشاليهات) المشيدة على الملك العمومي تحولت إلى فيلات فاخرة ومحلات تجارية، يتم بيعها بغير وجه حق بأثمنة مرتفعة، لافتا إلى أن بعض المستفيدين تحولوا إلى منعشين عقاريين يشيدون فيلات ومساكن على الشواطئ ثم يبيعونها؛ بل إن بعضهم قام بتحفيظ هذه الأملاك في اسمه الخاص بغير وجه حق.

وكانت الحكومة قد سحبت مؤخرا، مشروع قانون يتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة وهو ما جر عليها انتقادات حادة من طرف المعارضة، وأعاد جدل احتلال الملك البحري إلى الواجهة.

ولم تقدم الحكومة، آنذاك، أي توضيحات حول أسباب سحب مشروع القانون 03.19 الذي جرى تقديمه في نهاية الولاية السابقة أمام لجنة البنايات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، إلا أن الأمر يرتبط بتنافر المصالح خاصة أن هناك من يستفيد من غياب تعديلات على هذا القانون لوضع حد لامتيازات لا تستند إلى أية مقتضيات قانونية…