النموذج النسائي التراثي الفريد في مقابل النسوية الحداثية العالمية
الوطن24/محمد بوقنطار
النموذج الفريد الأول “أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها”
عندما زار رسول الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأول مرة في غار حراء وهو يتحنث الليالي ذوات العدد، وحصل ما حصل من المعلوم من السيرة بالضرورة، هرول عليه الصلاة والسلام في مسعى زوجه خديجة فزعا من هول اللقاء التأسيسي الأول، حيث قال لها معبرًا عن خشيته: “لقد خشيتُ على نفسي”، فأجابته رضي الله عنها إجابة الواثقة المحسنة الظن بربها، الخابرة لمعاني السمو في ما سلف من أخلاق وصدق وأمانة سيد الخلق، فأقسمت في يقين واستبشار قائلة:
“كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.
إنها كلمات خرجت من وجدان صادق في موقف كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج فيه إلى سند وتعضيد معنوي لينطلق نور وهدى الرسالة المحمدية، ولتعمر أنفاسها التوحيدية مناكب الأرض وما زوي للنبي منها.
إنه قسم يقيني انبنى على قواعد المودة والرحمة وحسن التبعل وجميل التكفل، حيث كانت العلائق الأسرية مقامة على قواعد الرحمة واختيارات اليسر ومبادئ الأخوة والتعاون وفن التغافل، لا الخصومات والعداوات والجفوة الطافحة والشكوك الموبوءة والندية المارقة واليقظة المتطرفة التي صارت أصلا قد راكم طابورا ضاربا في الطول من المطلقات، وركاما طانبا في العرض من العنوسة، ما فتئت هذه الكيانات النسائية الحائف ركزها تتكتم وتتستر بقصد مدخول على معدلات نسبها المهولة مخافة رمي تعديلاتها المتهارشة على مدونة الأسرة بالفشل والإفلاس، نسأل الله أن يعيد نساءنا ورجالنا إلى تحكيم شرع الله وسنة نبيه في الأعناق والأرحام والأرزاق والأولاد والأحفاد آمين.