اليسارهو من حول بن بركة إلى ايقونة

الوطن 24/ بقلم: الدكتور إدريس الكنبوري

حلت أول أمس ذكرى إختطاف المهدي بن بركة الذي أختطف في باريس عام 1965 رحمه الله، وقد مرت الذكرى باردة لأن الحزب الذي بناه لم يعد في حاجة إليه. ولماذا يفعل؟ تم توظيف الرجل القتيل أيام زمان لمناكفة الدولة، وقد وصل الحزب إلى الحكم وانتهى الماضي، فلماذا الإستمرار في المطالبة بالعظام ولا يوجد تناوب آخر؟ الرجل القتيل قدم خدمة لحزبه من قبره والسلام.

ولكن بن بركة رحمه الله ما كان ليبقى مهيمنا كصورة رمزية لولا اليسار الذي حوله إلى أيقونة، فقد تم خلق أساطير كبرى حوله لإدامة هذه الصورة البهية غير الصحيحة. كنا صغارا نسمع بأنه أجرى عملية حسابية معقدة على ظهرعلبة الوقيد توصل فيها إلى أن كل مواطن مغربي يستحق عشرين درهما يوميا من مداخيل الفوسفاط، وأنه قام بجولة في شوارع الرباط دون أن يصطدم بالضوء الأحمر بعملية حسابية دقيقة، وأنه مرة أزعجه تلميذ في القسم فأعطاه عملية حسابية معقدة فبدأ التلميذ يعالجها حتى تجاوز السبورة فطلب منه بن بركة الإستمرارفي الجدارثم وجد التلميذ نفسه يتبع العملية إلى أن خرج من القسم فأغلق بن بركة الباب.

ولكن العمليات الحسابية الوحيدة التي قام بها بن بركة هي عمليات الاغتيال للاستيلاء على الحكم. الرجل كان شيوعيا دمويا على نهج ستالين ويمينيا على نهج فرانكو قام بتصفية كل من عارضه داخل الحزب، ومن قرأ كتابات علال الفاسي مثلا خلال فترة انقسام الحزب سوف يفهم بعض ما جرى. من ضحاياه الفقيه العالم عبد العزيز بن إدريس الذي قتل في تاحناوت لأنه كان معارضا له وكان رجعيا يكتب عن القرآن. كان جميع”المحافظين” داخل الحزب هم خصومه الذين يعرقلون الثورة. ويمكنني القول إن بن بركة رحمه الله كان أول إنفصالي في المغرب قبل ظهور نزاع الصحراء، فقد ناصر الجزائر في حرب الرمال وكان ذلك بالنسبة له خطوة في هدف أكبر هو إضعاف النظام الملكي، ونتيجة حرب الرمال هي خلق البوليساريو.

نحن نخلق أساطيرنا بأيدينا ثم نصدقها.