تمزق العالم العربي ودور الفن في تبليغ أو تغيير واقعه
الوطن 24/ مليكة العرابي
يعيش العالم العربي تائها وسط نفق مظلم و مخيف وفي غياب لأي أفق نور أونهاية لهذا النفق الطويل، إضافة إلى تمزق يصيب المجتمعات وأبناءها من صراع وخراب يحتل مختلف الأقطار العربية، ونفوس جشعة لا يحدها شيء تصارع عنفا ساكنا في السلوك والعلاقات والتواصل بين الناس وانكسارا يطول المواطنين.
لا يخفى على الجميع الصور القاتمة التي تظهر من خلال ما أصبح يبدعه بعض الفنانين والمبدعين العرب، والذي يتنحى عن تحقيق أعمال متنوعة لا ترقى كلها إلى المستوى الإبداعي المتميز السوي، بحيث تؤكد فعل مواجهة حقيقية للدمار الحاصل في كل مكان بلغة الفن، بالرغم من أن المشهد غارق في جحيم الأرض لأن حركة الإنتاج الفني في شتى أنواع الفنون التي تقدم يوميا هي بحاجة إلى غربلة نقدية سليمة في غياب النقد المطلق. السؤال هنا يطرح نفسه هل تستطيع هذه الفنون أن تؤدي ما يجب وصوله لكي تخفف من وطأة المتاهات اليومية التي يعيشها المواطنون العرب في أمكنتهم أو حتى في منافيهم الداخلية؟ هل يقدم هذا الإنتاج دعما نفسيا وروحيا لمهتمين بالشأن الثقافي والفني العام..؟ على سبيل المثال فلم “الزين اللي فيك” الذي أصدره مؤخرا المخرج نبيل عيوش الذي اثأر ضجة في الوسط المجتمعي بسبب تشويه صورة المرأة المغربية والمغاربة ككل مثلا..؟ وهل يريدون تأمين الحقل السياسي والأمني والعسكري في البلدان الممزقة والمسحوقة بعثرات الاحتلال قديما كان أو حديثا؟ أم الهادفون إلى سلطة أو منصب؟ هل تحمل هذه الفنون كلها بتنويعاتها الإبداعية المتفرقة قدرة على مقارعة الموت الطالع من هنا وهناك وعلى حماية الواقع المعيش من الانزلاق في جنون الفوضى المستحكمة في تفاصيل الوطن العربي..؟
إن المشهد الإنساني العربي الممتد على تشاؤم وواقعية ملتهبة بنبرات الحسرة لما تعيشه بعض البلدان، وتفشي قتلى غرقت في الدماء ماضيا وهو ما يعيشه آخرون في الحاضر الآن بكل من اليمن، سوريا، العراق ليبيا…، وكل أبناء الوطن العربي المتناحرين في ما بينهم في صراعات مذهبية قاتلة أمام الإحتلالات المنتشية بإراقتهم لدماء بعضهم البعض، من دون تناسي معاناة فلسطين القابعة منذ أكثر من نصف قرن في حقول القتل المتنقل بين الأزقة والعقول والنزاعات الدائمة.
لا يثير الوطن العربي في النفوس إلا الخيبة والقهر والألم لما يعيشه الآن ثم ماذا عن البؤس والشقاء في مجتمعات عربية أخرى في شؤون الحياة اليومية كما على مستوى الصراع الفكري بين الظلامية والإنفتاح.. وماذا عن أحزمة الفقر والحرمان، التي تلف المدن العربية الكبرى التي تصنع متزمتين ورجعيين يزرعون الإرهاب الدموي في كل مكان ؟
فبالعودة إلى الإنتاج الإبداعي العربي فهو قادر على إبتكار جزء متنوع، يتيح للمرء التوازن الإنساني الفعلي الذي يقاوم عذاب المشهد العربي المتذمر.
ويل للعرب من شر قد إقترب..!!
لأسف