حراس الأمن الخاص في المغرب: حان وقت الإنصاف القانوني.

الوطن24 / بقلم: جواد اغويلم.
في قلب كل مؤسسة، خلف كل باب مؤمَّن وكل منشأة محروسة، يقف حارس أمن خاص، صامتًا في حضوره، حاضرًا في دوره، مغيَّبًا في حقوقه. في المغرب، حيث تتكاثر الخطابات حول العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، تعيش هذه الفئة أوضاعًا لا تليق بمجتمع يُفترض أنه في مسار إصلاحي حقيقي.
حراس الأمن الخاص ليسوا مجرد “حضور ميداني”، بل هم عين ساهرة ودرع واقٍ لعدد لا يُحصى من المرافق الحيوية: المستشفيات، المدارس، الإدارات، الشركات، البنوك، وحتى المؤسسات السيادية. ورغم هذا الدور الجوهري، يُتركون في هوامش القانون، يعملون 12 ساعة يوميًا دون تعويض، يتقاضون أجورًا زهيدة لا تضمن الحد الأدنى للعيش الكريم، ويُحرَمون من الأقدمية ومن التعويض عن فقدان الشغل، بل يُستغلّون دون حتى التصريح الكامل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
هذا الواقع المأساوي لا ينحصر في حالة معزولة، بل أصبح ظاهرة مؤسسية تُغذيها ثقافة الإفلات من العقاب، وغياب الإرادة السياسية لسنّ قانون خاص ينظم المهنة ويضمن كرامة ممارسيها.
لقد تابعنا كجمعية وطنية لحارسات وحراس الأمن الخاص بالمغرب، التصريح الأخير للسيد وزير الشغل، الذي تحدث عن تعديل بنود مدونة الشغل لتحسين وضعية هذه الفئة. ومع احترامنا للمبادرة، فإننا نعتبرها مجرد خطاب مناسباتي يتكرر كل فاتح ماي، دون أن يترجم إلى قرارات ملموسة. فمدونة الشغل ليست هي المشكلة، بل عدم تفعيلها وضعف مراقبة تطبيقها.
ما نطالب به اليوم بوضوح هو إصدار قانون خاص بحراس الأمن الخاص، على غرار القانون الذي صدر لفائدة عاملات البيوت، قانون يُلزم المشغلين ويوفر الحماية الاجتماعية والمهنية، وينهي حالة “الاستغلال المنظم” التي تعاني منها هذه الفئة لعقود.
نحن لا نطالب بالامتيازات، بل بالحد الأدنى من الكرامة. لا نطالب بالمعجزات، بل بالقانون. حراس الأمن الخاص ليسوا مجرد موظفين في الظل، إنهم العمود الفقري لأمننا الاجتماعي، وجب الاعتراف بهم، حمايةً لهم ولمستقبل الوطن.
*الكاتب العام للجمعية الوطنية لحارسات وحراس الأمن الخاص بالمغرب.