حرق القرآن الكريم جريمة شنعاء
الوطن24/الكاتب محمد بوقنطار
حرق القرآن الكريم جريمة شنعاء، الأشنع منها…
أن يعتقد المسلم زمن الوهن متوهما في من سفه هذا الكتاب معتقدهم وكسر صلبانهم ونسف محرف دينهم موادعته وتوقير سطره وتعظيم أحكامه والإقرار بميزة توحيده في مقابل خذلان تثليتهم.
وأن يطنب المسلم كفرد ومؤسسة في إيغال مخل متشبعا في سذاجة بقيم التسامح، متكلما أينما حل أو ارتحل عن قواعد العفو والصفح، رافعا شعار الوسطية متدركا في ضعف ومذلة، ولعمري متى كان للضعيف الواهن حظ ومنطق في عفوه عن ظالمه الأقوى.
وأن يقيم الدنيا ويملأها صراخا وعويلا في دائرة احتجاجه على حرق – من يعتقد فيهم الكفر كما يعتقدونه فيه – القرآن الكريم، ثم يضرب صفحا ويصمت صمت من في القبور على ما يقارفونه بنو جلدته من استهزاء طافح واستجهال كالح بأحكام وشرائع هذا الكتاب المبين، ولك أن تجول طولا وعرضا منتقلا من جراءة إلى صفاقة إلى صلادة وجوه دأب أصحابها في سر وإعلان على شن هجوماتهم، وتمرير خططهم الرامية إلى تسور محراب شرائع الإسلام وهدر نصوصها، مسوغين هذا الاقتحام الغائر الصائل مرة تحت طائلة تأويل حداثي للثرات لا يبقي ولا يذر، ومرات تحت ذريعة تاريخية النصوص الشرعية، وأن عالم اليوم قد تجاوزها فباتت لا تستطيع أن تواكب منطقه ولا أن تساير فرط سرعة عجلة تطوره، ومرة تحت مسوغ معارضته للقوانين الكونية المتسامية المعاني الإنسانية، ومرة تحت مبرر ضرورة إعادة قراءة النصوص تطويعا لها وليا لأعناق أحكامها حتى تصالح الواقع، ومن ثم يصير الدين مجرد خاتم وتوقيع وظيفته ودوره مقصور على منح الواقع تأشيرة المرور للتحكم في الأعناق والأرزاق والأنساق، ومرة تحت زعم حتمية جعل النص مفتوحا منفكا متحررا عن هالة الفهم الأثري الحامي له من كل عبث واعتساف، ومن ثم تحميل مبناه الحرفي كل معنى يجعله موافقا على كل إتراف حداثي مارق، إنه فهم مؤدلج في مناخ تطبعه التعددية الفكرية التي لا تؤمن ضوابطها إلا بنسبية الحقائق لا يقينية مسلماتها، ورحم الله الإمام ابن القيم حيث تناول هذه الجراحات في كتابه “الرسالة التبوكية” فقال:”فسبحان الله، كم من حزازة في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص، وبودهم أن لو لم ترد، وكم من حرارة في أكبادهم منها، وكم من شجى في حلوقهم منها ومن مواردها…”
ولذلك فلئن كان هؤلاء قد استطاعوا أن ينفذوا إلى مسطوره الورقي وما أكثر ما يطبع فلله الفضل والمنة، فلا يزال المحبور محفورا في الصدور، تتلقاه سخائم الخير وأجيال الطهر في مشارق الأرض ومغاربها كل يوم وحين بحفظ تسمع له صلصلة تملأ مناكب الأرض نورا وضياء، فلا يكاد ينسى حرفه ولا تمل تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، بل لا تزال سطوته هنالك بين ظهرانيهم تحرز المفاوز وتنفل الغنائم تلو الغنائم من جنسهم الأبيض ونوعهم المتميز المتفوق، وهذا ملحظ إعجازه، وملمح حفظه من فوق سبع سماوات فلله الحمد من قبل ومن بعد.
إننا إن كنا نملك الحق مرة في شجب واستنكار واستقراف حرق مسطوره الورقي من بني الأصفر وهو أمر على قبحه وفظاعته يجب أن يكون متوقعا منتظرا من قوم لا يزال مبنى القرآن وصوت حرفه دون معناه يكسب الجولات تلو الجولات مسجلا الانتصار والانتصارات، فإننا في المقابل نملك هذا الحق المرات والمرات في استنكار واستقباح أن يعمد بنو الأخضر بنو علمان من بني الجلدة إلى تعطيل دوره وتنحية شريعته الغراء عن ميادين وأوراش تحكيمه في الأعناق والأرزاق والأنساق، وذلك حرق نرى أنه أدهى وأمر، وأعتى وأخطر، نسأل الله أن يردنا إلى دينه ردا جميلا، آمين يا رب العالمين.