حقيقة الختان في المسيحية
الوطن24/ بقلم: رجاء موليو (طالبة بسلك الدكتوراه تخصص الأديان السماوية/ وحدة التاريخ والتراث)
تعتبر مسألة الختان من الأمور المتعارف عليها في جميع الأديان السماوية والحضارات السابقة، وهو فريضة أمر الله بها خليله إبراهيم عليه السلام، وأعاد ذكرها على سيدنا موسى عليه السلام في التوراة، وأوجب إجراءها في اليوم الثامن لولادة الطفل، فريضة على الحر والعبد، لكن في المسيحية نجد تعارض مع هذه الشريعة رغم أن الله فرضها في ديانة المسيح عليه السلام من خلال سفر يوحنا في الاصحاح (يوحنا: 8/22) وفي سفر (لوقا: 8/21) «وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ»[1].
إلا أننا نجد أن المسيحية أو بالأحرى تعاليم بولس تنفي ضرورية إجرائها بدعوى أنها تعطل صلة العبد بالإله، وأن الامتثال للشريعة ينوب عن شعيرة الختان، وجعل ختان المسيح كختان المؤمن به، من خلال هذا الاعتبار سوف نتطرق لدراسة حقيقة المؤسس الحقيقي للمسيحية المتعارف عليها الآن، هل هو المسيح عليه السلام، أم بولس الطرسوسي؟
يعد بولس هو المؤسس الحقيقي للمسيحية المتعارف عليها الآن، وذلك لأنه حَوَّل المسار الحقيقي للنصرانية، وحرّف إنجيل المسيح وهدم تعاليمه ومحاها من عالم الوجود.
ونظراً لاطلاعه الواسع على الفلسفات الاغريقية، والديانات الأسيوية الشرقية في الهند والصين (الديانات الوثنية). بالإضافة إلى عداوته الكبيرة لتلاميذ المسيح في مستهل حياته، وأتباعهم وتعصبه ليهوديته الفكرية، والعقائدية (أعمال الرسل 8/3). «وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالاً وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ».
ومن خلال سفر أعمال الرسل (9/1-2) 1«أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّدًا وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ 2وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ، إِلَى الْجَمَاعَاتِ، حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاسًا مِنَ الطَّرِيقِ، رِجَالاً أَوْ نِسَاءً، يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ»
و(26/9-11) يتضح اضطهاده للحواريين، ومساعدته للسلطان الروماني الوثني، على تقييد المسيحيين بقيود الذل والهوان، وفرض الطاعة للفكر الروماني (رومية 13/1-2). «1لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً»
وللطعن بدين المسيح عليه السلام، غير بولس سياسته الإضطهادية، وأعلن أنه رسولاً للمسيح الذي أعطاه منصب النبوة، إثر الحادثة التي وقعت له على طريق الذهاب إلى دمشق.
(أعمال الرسل 22/6-12). 6«فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ، بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ. 7فَسَقَطْتُ عَلَى الأَرْضِ، وَسَمِعْتُ صَوْتًا قَائِلاً لِي: شَاوُلُ، شَاوُلُ،! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ 8فَأَجَبْتُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لِي: أَنَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. 9وَالَّذِينَ كَانُوا مَعِي نَظَرُوا النُّورَ وَارْتَعَبُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَ الَّذِي كَلَّمَنِي. 10فَقُلْتُ: مَاذَا أَفْعَلُ يَارَبُّ؟ فَقَالَ لِي الرَّبُّ: قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى دِمَشْقَ، وَهُنَاكَ يُقَالُ لَكَ عَنْ جَمِيعِ مَا تَرَتَّبَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ. 11وَإِذْ كُنْتُ لاَ أُبْصِرُ مِنْ أَجْلِ بَهَاءِ ذلِكَ النُّورِ، اقْتَادَنِي بِيَدِي الَّذِينَ كَانُوا مَعِي، فَجِئْتُ إِلَى دِمَشْقَ.
12«ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيًّا حَسَبَ النَّامُوسِ، وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ»
حيث أنه ظهر له المسيح عليه السلام، على شكل نور وقد كلمه باللغة العبرانية، وعاتبه على اضطهاد له. كما أخبره أن الهدف من ظهوره له؛ لكي ينتخبه خادماً وشاهداً، ولكي يفتح أعين الناس حتى يرجعوا من الظلمات إلى النور، ومن سلطان الشيطان إلى الرب، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبها مع المقدسين (أعمال الرسل 26/12-18).
من هنا يتضح جلياً تحول بولس للمسيحية، وإعلانه رسولاً من قبل المسيح عليه السلام، وأنه تسلم منه الإنجيل الذي يبشر به. والذي يعاب على بولس؛ بما أن الإنجيل من عند الرب وحاشاه أن يكون من عنده، فلماذا عرضه على تلاميذ المسيح عليه السلام عندما توجه إلى أورشليم القدس، وهذا أمر متناقض؛ لأن الذي يحمل الرسالة السماوية ليس بحاجة إلى التأكد منها. مما يبرهن أن رسالته لم تكن من عند الرب، إنما هي من افترائه وادعائه. وهذا منبعه كما سبق وذكرنا؛ عقليته الموسوعية والشاملة وذكائه الواسع ونفاقه واحترافه للكذب في سبيل وصوله لغايته.
ولذكاء بولس أكد في رسالته المزعومة أن مصدرها ليس مصدراً بشرياً؛ بل جاءت بدعوة من المسيح حين قابله وجهاً لوجه في طريق دمشق (غلاطية 1/16). «وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ»
كما أن بولس لما رأى تلامذة المسيح وأتباعهم من الحواريين لم يتعاونوا معه، بما يحمل من معتقدات وثنية أخذ يحذر أتباعه من تلامذة المسيح (فيليبي 3/17-19). «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي مَعًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ. 18لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَارًا، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضًا بَاكِيًا، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، 19الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ».
إن بولس هاجم معارضيه من تلامذة المسيح؛ ووصفهم بالكذب والمراء، وذلك نابع من حقده وتحقيره وتقليله من شأنهم.
وبولس لم يضع يده فقط على الشريعة، بل تخطى الأمر إلى الزيادة والنقصان، بما تحتويه من معتقدات دينية، كما سنوضح في الآتي:
ألغى بولس الختان والناموس من شريعة موسى عليه السلام. والختان هو جزء من العهد الذي بين الله وإبراهيم عليه السلام، وهو الذي يميز سلالة إبراهيم عن غيرهم، كما جاء في (سفر التكوين 17/9-14). 9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».
والختان سنة عند جميع الشرائع السماوية؛ كعلامة دالة على أن المختنين هم من أتباع هذه الشرائع، وأنهم شعب داخل مع الله في عهده المقدس، وقد دلت النصوص على أن المسيح عليه السلام اختتن لما تم ثمانية أيام. (لوقى 2-21). فالختان في العهد القديم لم يعد له مكان في العهد الجديد، بل حلت محله المعمودية والميرون. [2]
ونجد أن بولس قد نسخ شريعة الختان على عدة مراحل، فهذه الشعيرة أي الختان كانت طوال مدة حياة المسيح عليه السلام؛ بل حتى بولس اختتن بحسب نشأته اليهودية (فيليبي 3/5).
وقد قلل بولس من أهمية الختان بمراحل:
الأولى: عدم قرن الختان بالناموس الشريعة (كورنثوس 7/19).
الثانية: التخيير بين الاختتان وعدم الاختتان، بجعل بولس العمل بالناموس يقوم مقام الختان، فمن شاء اختتن ومن شاء بقي على غُرْلَته (رومية 2/25-27).
ثالث: جعل بولس الختان هو ختان القلب والروح، لا ختان الجسد (رومية 2/27-29).
رابع: الختان بالإيمان بالمسيح عليه السلام (كولوسي 2/11-13). أي أن ختان المسيح هو كختان كل مؤمن به.
خامس: نفى نفع الختان، فقال إن الإيمان الكامل والطهارة القلبية تقوم مقام الختان، لأنه لا دخل للختان في تحقق المعاني الروحية (رومية 3/1).
وبهذا المعنى أجهض بولس الختان من الشريعة المسيحية، والذي قد أوصى به المسيح عليه السلام، ومن قبله موسى عليه السلام. حيث رأى أن الختان لا يتماشى مع متطلبات الحياة اليونانية وعاداتها وتقاليدها، لذا شرع لهم مسيحية لا ختان فيها، وأعفاهم من كثير من الأحكام التي جاء بها موسى عليه السلام.
كما أبطل بولس مبادئ الأخلاق والقيم الإنسانية، التي أنزلها الله على البشرية، وهدفه الأساسي تدمير الدين. وبولس ألغى الشريعة الناموس وقلل أهميتها بالطرق التالية:
-جعل التمسك بالناموس وأحكام الشريعة خاصاً بالأشرار والآثمين، دون المحسنين. أي أنها شريعة محدودة لفئة معينة (تيموثاوس 1/8-9).
-كما زعم أن المسيح عليه السلام قد أبطل الناموس، لما قدم نفسه للعجل (أفسس 2/15).
-جعل عقيدة الفداء مكفرة لجميع الخطايا (رومية 3/21-23) أي أنه يقر بترك الشريعة والإيمان بالمسيح عليه السلام.
-التركيز على الإيمان دون العمل به؛ لابعاد الأنفس عن الاتصال بالدين، الذي كرز له المسيح، وهي فكرة معروفة عند الأديان الأسيوية الصوفية والوثنية. التي تنظر للجسد وتعمل للروح (غلاطية 2/16).
-حذر الذين يريدون الحصول على البر (النجاة من النار) عن طريق الشريعة (غلاطية 5/4).
-ربط الإيمان بالمسيح بالإنتساب إلى نسل إبراهيم عليه السلام (غلاطية 3/28-29).
وبذلك عمل بولس على القضاء على المسيحية، التي أوصى بها المسيح عليه السلام وجاء بها من عند الرب.
كما نفى بولس الوصايا العشر التي جاءت بها أحكام التوراة، والتي أقر بها المسيح. (العبرانيين 7/18).
زيادة على ما سبق نجده يتهم الذات الإلهية بالجهل والظلم. (تسالونيكي 2/2-11) ومن يقلل من عظمة الرب ويصفه بالصفات السلبية؛ فكيف له أن يحترم شريعة نبيه؟
إن بولس بعقائده أراد أن يقول للنصارى، لا خوف عليكم من ذنوبكم وأثامكم، فالمسيح فداكم على الصليب، وكفَّر عنكم الخطايا بدلاً من تحذيرهم من عذاب يوم القيامة، ومن هنا نرى المجتمع النصراني يغوص في الذنوب والكبائر (الزنى القتل السرقة…) وهذا كله من عقائد بولس المحرفة.
كما ألغى أحكام النجاسة (رومية 16/15). فأحل ما حرم العهد القديم (أعمال الرسل 15/29).
وتشريعات خاصة بالأسرة، ولقد أشار بولس أنه هو المشرع بقوله أنا وليس الرب. (كورنتوس 7/12).
بالإضافة أنه شرع مراسيم للعبادة: كالتسابيح، والترانيم الروحية، والمزامير، والتراتيل داخل الكنائس (إفسس 5/19).
وحلل أكل لحم الخنزير، وهي محرمة في العهد القديم (التثنية 14/8) وأما الآيات الدالة على تحريمه كثيرة. (المائدة الآية 3) و(النحل 115). لكنه حللها كما جاء في (تيموثاوس 4/4-5).
كما أباح شرب الخمر الذي نها عنه العهد القديم. (حبقوق 2/5) و(المائدة 90-91) حرموا شرب الخمر لكنه حلله في (تيموثاوس 5/23).
كما أبطل أولى الوصايا وأهمها حب الله. (رومية 13/8-10) وفي هذا النص بولس حذفها.
زيادة على أنه قلل من أهمية الصلاة، فالمسيح عليه السلام كان يصلي لله، ويسجد له منفرداً ومع تلاميذه (لوقا 5/16) و(سورة مريم الآية 31).
﴿ öçóEö#<Ò÷o%&Aæo ù?pö]ifjB`YöF ù?p\öM[sjAæo BÓ .D÷ar LBö³EöÓ﴾
أما بولس فألغى أهمية الصلاة من خلال قوله: (رومية 8/26). «وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا»
والذي يمكن قوله إن بولس في دعوته؛ لم تنحصر في الشرائع التي سبق وذكرناها، بل أيضا شملت العقائد والتي شكلت بؤرة الدين المسيحي فنجد: عقيدة التجسد (الحلول والاتحاد) –عقيدة صلب المسيح للفداء وتكفير الخطايا-الخطية الأصلية-التثليث-بنوة المسيح.
وبهذا أقر بولس أن المسيحية ليست ديناً لبني إسرائيل فحسب؛ بل هي دين عالمي، وهو الذي وضع قوانين للمسيحيين يتبعونها في حياتهم العامة، فهو الذي أوصى بما نراه في الكنائس؛ من التسابيح والأغاني الروحية والمزامير والتراتيل، وعدم وجوب الختان.
فإنجيل عيسى عليه السلام ضاع بين طيات الأحداث، والصدمات التي تعرضت إليها من الداخل والخارج، فخرت مسيحية عيسى، وقامت على أنقاضها مسيحية بولس.
فهدف بولس تشويه المسيحية وتدميرها، لأنه لم يكن يهتم بها منذ البداية. لذا نقل بولس المسيحية من الوحدانية إلى التثليث، والجماهير نفرت من اليهودية المتعصبة ومن الوثنية البدائية، فوجدت في الدين الجديد (المسيحية) ضالتها خاصة وأنه غير بعيد عما ألفه آبائهم وأجدادهم. [3]
وعليه فالمسيحية وثنية رومانية وخليط من وثنيات العالم القديم، فهي كالثوب المهلهل تكَّون من مجموعة كثيرة من الرقاع، منها المعتقدات التي انحدرت من الأديان الوثنية، وبعضها من ديانة متراس، وبعضها من البوذية والفلسفة الاغريقية، والغنوصية وشيء من تاريخ العبرانيين، ومن الخرافات التي يدين بها البدائيون.
وخلاصة القول فبولس لم يفهم تعاليم المسيح، ولم يلتقي به قط، ولم يكن من حوارييه، ولم يتلقى تعاليمه منه كما ادعى هو، الأمر الذي جعله يطمس تعاليم عيسى عليه السلام. ويحمل المسيحية ما ليس منها، بل تعداه الأمر إلى تخريب التوحيد العقدي فيها، وأضفى عليها الطابع الوثني التعددي، وهو أمر يوضح الحقد الدفين الذي كان يحمله بولس اتجاه الديانة المسيحية المبكرة.
[1] – إنجيل لوقا: 8/21.
[2] – موقف ابن تيمية من النصرانية، مريم عبد الله عبد الرحمن زامل، الجزء الثاني ص: 754-903.
[3] – المسيحية الرابعة، رؤوف شلبي، مكتبة الأزهر 1980، ص: 81/ المسيحية دين الله الذي أنزله على المسيح أم هي ديانة بولس؟، نبيل نيقولا جورج بو خاروف، الطبعة الثانية 2007، ص: 26-29-30-33-36-38-51 والصفحات 111إلى 132/ مقارنة الأديان المسيحية، أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة العاشرة 1998، ص: 127-139-170/ بولس وتحريف المسيحية، هيم ماكبي، ترجمة سميرة عزمي الزين، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ص: 8- 18-29-30-40./ ماذا تعرف عن المسيحية، عبد الفتاح حسين الزيات، مركز الراية للنشر والاعلام، الطبعة الثالثة 2001، ص: 56.