حميد السرغيني… سفير الفرجة الشعبية في المغرب وحارس التراث الغنائي الأصيل.

في زمن تسارع فيه إيقاع الموسيقى وتغيّرت أذواق المستمعين، يبرز اسم الفنان حميد السرغيني كأحد أبرز حماة التراث الشعبي في المغرب، وكمبدع يعرف كيف يُضحك، يُبكِي، ويُعبّر عن نبض الناس بكلمات بسيطة وألحان نابعة من عمق الهوية المغربية.

من قلعة السراغنة، حمل السرغيني رسالة فنية نبيلة، تتمثل في الحفاظ على الموروث الغنائي الشعبي وصقله بروح مرحة وأسلوب ساخر، جعله محبوبا لدى فئات واسعة من الجمهور داخل المغرب وخارجه.
ولم يكن التزامه بالتراث مجرد شعار، بل خياراً راسخاً، تُرجم من خلال أطروحة جامعية خصصها لفن عبيدات الرما و”البّاردية”، حيث تناول نماذج من رواد هذا اللون مثل ولد الخبشة وكرتال ولكبير الصنهاجي، مما يعكس خلفية أكاديمية قلّ نظيرها في الوسط الغنائي الشعبي.

فن ملتزم بقضايا الناس

أغاني حميد السرغيني ليست مجرد ترفيه، بل مرآة تعكس قضايا المجتمع المغربي بأسلوب ساخر، لا يخلو من ذكاء وفكاهة. أعمال مثل “تهلاي ف عدوزتك” و*”لمرا الحاكمة”* تندرج ضمن هذا الإطار، حيث يعالج مواضيع أسرية واجتماعية بطريقة مرحة قريبة من الناس. أما في الجانب العاطفي، فأغانيه “نهار الفراق” و*”ياللي ما تعرفوش الحب”* و*”ميساج”* تُظهر وجهه الرومانسي الذي لا ينفصل عن الواقع المغربي.

أداء مسرحي وروح فنية متكاملة

تكوينه في مجال المسرح والتمثيل أضاف لأعماله بُعداً بصرياً وتعبيرياً قلّما نجده في أغاني الفولكلور، حيث يدمج الصوت بالحركة والدراما، ما يجعل عروضه لحظات فرجوية متكاملة. وقد تجلى هذا الحس المسرحي أيضاً في مشاركته بسلسلة “الفهايمية”، التي أظهر من خلالها طاقاته التمثيلية وحضوره التلفزيوني اللافت.

حضور متواصل في الساحة الفنية المغربية

لم يغب حميد السرغيني عن المهرجانات الوطنية، وظل ضيفاً مرغوباً في البرامج التلفزية والإذاعية، لما يتمتع به من رصيد فني غني وروح قريبة من الناس. فنه يختصر كثيراً من المفاهيم: التراث، الضحك، الحكمة، والحب… كلها ممزوجة بصوت مغربي أصيل، يعرف كيف يُوصل الرسائل دون تصنع أو ابتذال.

فنان مغربي من طينة خاصة

في ظل هيمنة الأنماط الموسيقية السريعة والمحتوى السطحي، يظل حميد السرغيني واحداً من القلائل في المغرب الذين اختاروا طريق الالتزام الفني والتراثي، ليُصبح بحق سفير الفرجة الشعبية المغربية وصوتاً فنياً يحمل هموم البسطاء بلغة يفهمها الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *