حياة .. بلا حياة
الوطن 24/ بقلم : سليمان الهواري
الصحو قبل الفجر صعب .. لكن العبور إلى الضفة الأخرى اليوم يستحق المجازفة .. نصف ناعسة وقفت حياة أمام مرآة مشققة وهي تمشط ظفائرها وبعض شيب بدأ يغزو شعرها كما غابات الانتظار التي تسكنها .. في زاوية متوارية ظل هناك حلم يراودها أن الشمس تشرق غدا .. وكل غد أطل لم يحمل لها شمسا ولا حمل لها صباحا .. فقط جرعات هواء بالكاد تكفي للبقاء على قيد التنفس ..
السنون تطوي بعضها، تراكمُ فقط دمعا وشهادة جامعية مطرزة بالجوع ، هي كل ما جادت به عليها هذي الأرض .. اليوم عناق الأفق البعيد القريب ولا من يوقف امرأة ضيعت حلمها ..
تسللت حياة مع أشعة الشمس الأولى لتتكوم وراء صخرة مطلة على الموج الصاخب ، تنتظر هديرا قادما من عرض البحر، يحمل شهقة البداية التي لم تأت أبدا .. وكما طلقة شهوة عانقت الركن الأقصى في فلك الرب المقدس ..
إنكِ بأعيننا أو هكذا سمعت صوت أمها قادما من مقبرة المجاهدين بمدينة البوغاز .. وأي عين تحمي هاربة من حدود وطن القهر ..
الليل والموج والخوف ولا رب هنا الليلة يحمي امرأة مزقت حبل وريد الفرح .. وحدها بنادق سراق الحياة هنا وهذا الليل المتسربل بالموت لا يرحم ..
طلقة واحدة تكفي لشنق الأحلام الهاربة في رقاب البحر..
طلقة واحدة تكفي لقتل امرأة طلقها حضن الوطن ..
رصاصة لم تكن طائشة هذه المرة ومات الوطن ..
ووحدها شهادة جامعية ظلت تطفو على سطح البحر .. مكتوب عليها ..
سلام على روح حياة .. شهيدة وطن ..