درس إستثنائي ومفعم بالعاطفة والحب من نيوزيلاندا

الوطن 24/عبد الوهاب رفيقي

الكل منبهر اليوم بالصورة الرائعة التي قدمتها نيوزيلاندا بكل ما فيها من إنسانية وحب ورقي، انسجاما مع مباديء القوم وأخلاقهم وليس حبا في الإسلام ولا إعجابا بالمسلمين…

لكن السؤال: هل يمكن أن نشهد مثل هذه الصورة في مجتمعاتنا الإسلامية؟ كم هو حجم التضامن الشعبي- ولا أتحدث عن الخطابات الرسمية والسياسية والنخبوية- مع كل ضحايا الإرهاب الإسلامي؟

أكان فقهاء المسلمين سيوافقون على المشاركة في قداس مسيحي أو مجلس عبادة لأي دين أو مذهب تعاطفا مع ضحايا حادث إرهابي غير مسلمين؟

هل كانوا سيرضون بارتداء المسلمين لأزياء ورموز تمثل ذلك الدين أو المذهب تعاطفا وتضامنا؟؟

لن يفعلو.. ولو فعلوا لخانو كل فقهمم وما تلقوه وما يلقنونه لطلابهم وأتباعهم…

حتى حين يتضامن بعض الإنسانيين في بلادنا كما حدث بعد واقعة أمليل أخر من تسمع صوته هم سدنة معابد الفقه…
هل سمعنا يوما اعتذارا علنيا وواضحا عن جرائم داعش في حق الإنسانية؟ هل اعتذرنا للإيزيديات عما تعرضن له من اغتصاب مستند إلى فقه الإماء والجواري وملك اليمين؟؟؟

بإختصار لا يمكن أن نصل لهذا المستوى من الإنسانية الذي رأيناه اليوم، لأن اللاوعي الشعبي يؤمن بما رسخه الفقه عبر قرون من الزمن عن ذلك الآخر..

الآخر الذي يجب إكنان العداوة والبغضاء له أبدا حتى يعلن إسلامه… الآخر الذي نستحضره ونحن نقرأ سبعة عشر مرة على الأقل في اليوم من المغضوب عليهم أو الضالين.. الآخر الذي يحرم التشبه به وتجب مخالفته… الآخر الذي لا يجوز الترحم عليه ولا الاستغفار له…الآخر الذي يجب اضطراره إلى أضيق الطريق… الآخر الذي لا حل معه إلا الإسلام كرها أو الجزية أو القتل… الآخر الذي لا تحل مطاعمته ولا مصاهرته ولا مؤانسته….

و أكثر من ذلك.. الآخر الذي نعتقد خيريتنا عليه.. وأننا أقرب إلى الله منه.. وأننا نحن الأعلون عليه.. وأنه هالك ونحن الناجون.. وأن البراء منه جزء من عقيدة المسلمين ودينهم..

لا زال هذا الفقه بيننا إلى اليوم، ولا زال معششا حتى في عقول كثير ممن يرفعون شعار الاعتدال ويظنون أنفسهم أعداء للتطرف والإرهاب… لذا أنا متشائم جدا في أن نصل يوما ما لهذا المستوى من الإنسانية، مالم تكن هناك ثورة فكرية تقطع مع كل هذه الفقه العدائي.