زيارة البابا للمغرب انعكاس للثقة التي يتمتع بها المغرب

الوطن24/ الدكتور مصطفى كرين

قد أكون مبالغا إن قلت أنني أعتبر أن الموقع الجغرافي للمغرب هو نوع من أنواع الإصطفاء، ولكنني حتما لن أكون مبالغا إن قلت أن تفرد المغرب دون جميع دول العالم بوجود السلالة النبوية على رأس السلطة السياسية والروحية به هو اصطفاء بالفعل . وإذا كان الموقع الجغرافي قد مكن المغرب من حمل القيم الإسلامية النبيلة والحضارة الإسلامية إلى الغرب فقد مكن كذلك من التلقي عن هذه الحضارة في سيرورة تلاقح مستمر رغم إكراها سنة الإختلاف . فإن السلطة السياسية والروحية بالمغرب وما تتمتع به من عمق، قد جنبت هذه البلاد الكثير من مواطن التردي وعثرات التاريخ .

إن حصول زيارتين من طرف الحبر الأعظم للحضرة المسيحية إلى المغرب ، في مرحلتين مختلفتين من تاريخ بلادنا ووفي عهد ملكين مختلفين لدليل على استمرارية الوضع الإعتباري الذي تتمتع به المملكة لدى الكنيسة الكاثوليكية بشكل خاص ومعتنقي هذه الديانة بشكل عام . بل إن المصادر التاريخية تتكلم عن زيارات سابقة بكثير ، كان المغرب سباقا للقيام بها إلى روما .

وبهذه المناسبة، وفي سياق الوضع الدولي وردا على تصاعد خطاب التنافر والتباعد، لدي أمنية، وهي أن أرى إشعاع الإسلام المغربي ، باعتباره ممثلا للقطب الإيجابي للتدين السني ، والمنفتح على كل الديانات والحضارات الأخرى والغربية منها أساسا ، أمنيتي في هذه الفترة أن أرى هذا الإشعاع كما قلت ، يتواصل ويتعزز بزيارة رسمية لأمير المؤمنين على طريقته المبدعة والمتميزة إلى حضرة الفاتيكان ، باعتبار جلالته سبطا للرسول الأمين ، بما يمثله ذلك من شرعية ومرجعية في مقابل الشرعية والمرجعية الرسمية للديانة المسيحية الكاثوليكية من جهة ، وباعتبار جلالته ممثلا للإرث الأندلسي المشبع بعقلانية ابن رشد وإشعاع روح قرطبة ، التي عرفت أولى التعدديات الدينية المتسامحة في التاريخ ، بما يعنيه ذلك من عمق حضاري وماض مشترك يفترض أن يشكل أساسا لبناء مستقبل جميل.

وسأعود للموضوع بتفصيل تاريخي وإستراتيجي أعمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *