ســـم قــــاتـــل
الوطن24/ بقلم: ياسمينة الواشيري
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي نقمة على المجتمع بأكمله، وسم قاتل يهدد سلامة عقول الأفراد وباتت وسيلة لنشر الرذيلة وتفشي كل مظاهر الانحلال الأخلاقي، إذ نجد أشخاصا يفتحون قنوات ويجلسون أمام الكاميرا للقيام بدور الواعظ والمحلل والخوض في مواضيع تافهة، ناهيك عن من يقومون بتصوير أنفسهم وهم يقومون بنشاطاتهم اليومية أو ما يسمى بالروتين اليومي، كل ذلك لتحقيق نسب مشاهدة عالية وجني أموال قد تغنيهم عن إيجاد عمل يضمن لهم العيش الكريم.
هذه الظاهرة المجتمعية والتي خلفت وراءها دمارا شاملا للعقول، وجعلت الأفراد يلهثون وراء محتويات لا فائدة لها، بالإضافة إلى أنها تفسد أخلاق الأجيال الصاعدة فكيف لمجتمع يسعى إلى التقدم والنمو على جميع المستويات أن يجد نفسه تحت رحمة هؤلاء الأشخاص؟ والذي أصبح لهم تأثير كبير على جميع الفئات العمرية بلا حسيب أو رقيب والأفضع من ذلك أنهم يحضون بقاعدة جماهرية كبيرة ولهم متتبعون في كل مكان، وهذا ما يزيد من انتشار قنواتهم بل وأصبحوا نجوم عصرهم، فأين هي مراقبة الدولة لمثل هؤلاء وأين هي الرقابة الإلكترونية؟ وما السبيل للحد من انتشار هذه الفوضى التكنولوجية؟ والتي أصبحت تهدد المجتمع برمته وجعلتنا نتخبط في الجهل وقلة الوعي.
إن وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يتم استغلالها في طرح ومناقشة مواضيع تهم المجتمع بسياساته وطرح القضايا الاجتماعية والمشاكل التي يعاني منها، لتكون وسيلة فعالة لنشر المعلومة ولتعم الفائدة وكذلك الرقي بالأفراد وتوعيتهم ونشر كل القيم الإنسانية، وصناعة جيل صاعد مؤثر في مجتمعه ومحيطه ومساهم في تطور ورقي المجتمع بأكمله.
إن هذه الفوضى التي أصبحنا نعاني منها ما هي إلا نتاج لتدني الوعي الفكري، فلو لم يكن لهؤلاء الأشخاص متتبعون لما استطاعوا تحقيق ما يسمى “بالبوز”، فكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “أميتوا الباطل بالسكوت عنه”، فمن الضروري محاربة هذه القنوات بعدم مشاهدتها لأنها أصبحت تجعل الأفراد تائهين ويدورون في دائرة لا يمكن الخروج منها، وجعلتهم يعيشون في عزلة فقد أصبح لكل عالمه الخاص في حين أنها جعلت كل القيم الإنسانية في اندثار، فلم يعد هناك ترابط عائلي ولا محبة ولا إخاء ولا تآزر، وأصبحت صلة الرحم التي يحث عليها الإسلام غير موجودة داخل مجتمعنا فأي عالم هذا الذي أصبح موحش وغريب وخال من كل القيم المجتمعية والإنسانية؟
علينا أن نقف وقفة تأمل ومحاربة هذه الفوضى كل من موقعه، وذلك في غياب المسؤولية الأخلاقية حيث باتت الرداءة والابتذال عنوانا لكل مواقع التواصل الاجتماعي فإلى أين نحن نسير ومتى سوف تستيقظ هذه الأمة؟ ومتى سوف تصبح هذه الوسائل مصدرا لنشر الفضيلة وللاستفادة؟ فالويل لما نحن فيه والويل لما سوف نزرعه ونعلمه للأجيال الصاعدة فكفى من العبث والفوضى.