سياق كلام وزير وهبي بين المتصل والمنفصل

الوطن24/ أبو آية
في هذه المقالة الصغيرة لا نروم الدفاع عن وهبي كشخصية عامة،وإنما نروم من ورائها بيان وتبيان الحق والباطل والصواب والخطأ في الحرب الكلامية الضارية والحماية الوطيس التي تدور رحاها يوميا التي تصل إلى حد العنف اللفظي في الوسائل التواصل الاجتماعي،أتوخى من هذا الرصد أن ترقى نقاشاتنا وتعليقاتنا في المجتمع المغربي إلى مستوى نبل النقاش بعيدا من الاسقاطات الشخصية ، والاستعمال السيئ لآلية النقد المتحامل والمتحيز إلى جمهور المتكلمين ، دون استعمال آليات البرهان العقلي.
كثر الكلام وكثرت التعليقات وكثر الجدال والحوارات بين الناس، والناس هنا حسب طبقات تفكيرهم يمكن أن تقسم إلى ثلاث فئات وهم:
1)عامة الناس ليس لهم حظ في العلم، وهم معذورون لقصور إدراكهم في تحليل الخطاب، لأنهم لا يميزون بين ظاهر الكلام وباطنه.
2) وخاصة الناس وهم يجادلون من أجل الجدل، سفسطائيين في تناول موضوع ما ، فهم يحترفون التلاعب بالكلمات ،ولديهم قدرة كبيرة في تأويلها تأويلا فاسدا وتوظيفها توظيفا خاطئا قصد الإساءة للآخر والإطاحة به.
3) و خاصة الخاصة من الناس وهم نخبة المجتمع من صفوة القضاة ومن المثقفين من المحامين وأساتذة الجامعات.
لقد عرفت تصريحات وزير وهبي تعقيبا عن سؤال طرح عليه بشكل غير لائق من طرف أحد الصحفيين ولم يكن في مسار النقاش ولا موضوع الكلام الذي كان بصدد الحديث عنه، الذي جاء فيه “ولدك نجح”، فأحس الوزير أن الصحفي يريد أن يستفزه علما أن الكل كان يعلم أن ابنه اجتاز المباراة ونجح ، وحتى يستهجن بسؤاله رد عليه بأن ولد له إجازتين من موريال أباه قراه بالفلوس ولباس عليه ” .
إذن كيف قرأ هذه التصريحات عامة الناس ؟ اعتبروها أنها موجهة إلى الطبقة الفقيرة وقصد إهانتهم علما أن سياق كان هو الرد على الصحفي وأراد أن يقلل من سؤاله المستفز الذي يراد منه تحقير بابنه وتقليل منه ،فرد عليه بنفس الأسلوب ” أي أراد أن يداويها بالتي كانت الداء” ولم يكن يقصد الشعب المغربي لأن السياق هو الكلام عن المباراة، المقصود “اباه لا بأس عليه” هو أن أباه له إمكانيات ليدرسه تدريسها متينا وتكوينه تكوينا عالي المستوى، واعتبرها عامة الناس أنه يتباهى على الشعب المغربي وأنه اهانهم بكلامه هذا وأنه موجه إليهم وما إلى ذلك من التفسيرات المبالغ فيها وإذا كان وهبي قد أخطأ في التعبير والطريقة التي صاغها فإنه لم يستهدف في تصريحه الشعب المغربي الذي هو جزء منه .
اشتعل فيسبوك ليل نهار فسح العنان وفتح المجال لكل من يسترزق منه، اعتبرت تصريحاته مادة دسمة لاستجلاب أكبر عدد من المتتبعين لربح المال ولو على حساب أعراض الناس.
انضمت إليهم الطبقة الثانية من الناس وهم الخاصة التي تجادل من أجل الجدل وليس للبحث في العلل وحقيقة القول من خلال سياق الكلام ،كما ترى المدرسة السياقية انه لفهم كلام واي كلام يجب وضعه في سياقه للتمييز بين المفهوم المخالفة والمفهوم المطابقة ، وحتى نكيل كلام الوزير ، يجب الرجوع إلى السؤال لأن الكل تعرض لتعقيبه دون التعرض للسؤال المطروح الصحفي.
فلم يتم التطرق إلى صيغة السؤال وطريقة طرحه، حتى يتم الإحاطة بالسؤال يجب الأخذ بالاعتبار زمان ومكان طرحه،
والزمان هو إعلان عن نتائج المباراة ،والمكان هو ليس في ندوة أو محاضرة وإنما جاء في هواء الطلق عابر.
إن هذه الفئة انجرت وراء عامة الناس وأحسنت توظيف ” أباه لا بأس عليه” وأضافت إليه أنه عندما قال يقرأ ابنه في موريال في كندا يقصد به إهانة التعليم في المغربي، وهذه الفئة نعلم أنها تتلاعب بالكلمات ولها قدرة باهرة في الإقناع ، وتم توظيف مكان دراسة صاحب الجلالة حفظه الله توظيفا سيئا ، وتم قياس الشاهد على الغائب قياسا فاسدا لا يمكن المماثلة بين الحكمين ، فسياق كلام وزير وهبي ليس فيه لا على المستوى العباري ولا على مستوى الإشاري ما يمس فيه التعليم في المغرب او قلل منه ، والدليل على ذلك كثير من أبناء الفقراء درسوا في الخارج وحصلوا على شواهد كبيرة وهم الآن يضرب لهم الف حساب في المؤسسات كبرى في العالم وهل ننعت باهم لا بأس عليهم ونحقد على هؤلاء لأن الظروف حالفتهم بغض النظر عن الأسباب .ومن ثم فإن ليس أبناء لا بأس عليهم فقط يدرسون في الخارج، وهناك من أبناء الأثرياء من يدرسون في الخارج لا صيت لهم أو لا يستكملوا دراستهم .
أما الفئة الثالثة وهي خاصة الخاصة الكثير منهم سكتوا عن الكلام في الموضوع فهم عقلائهم، ونعم الرأي أما المتكلم منهم فقد انجروا وراء ما كتبته الفئة المجادلة والتي تتقن الجدال والحوار ولو على حساب أعراض الناس أي الفئة الثانية، وهم أكثرية المحامين الذين لهم حسابات بينهم وبين الوزير وبالغوا في النقاش وحرفوا كلام الوزير وخاصة العملات منهم مستعملين التأويل الفاسد والنهج الملتوي لإثبات على تصريحات وزير العدل تمس بكرامة المواطن والتعليم المغربي و حطت من قيمة المحاماة التي هي من أجنحة العدالة المهمة .
ولقد زاد الطين بلة بلاغ جمعية هيآت المحامين الذي سكب الزيت على النار ،في الوقت الذي كان عليها أن تأخذ لنفسها مسافة في النقاش الدائر خرجت ببيان كله أخطاء وتعبير عامة منحاز دون تحليل مقنع وعقلاني دون التعرض الى الخروقات التي شابت المباراة .
السيد وهبي ليس الأول في تاريخ البشرية من وقع له تحريف كلامه وتأويله تأويل الإساءة، فقد أولوا كلام عظماء الفلاسفة والمفكرين والمثقفين للإساءة إليهم عنوة .من بينهم في العصر الحديث طه حسين عندما نداه الجمهور في ندوة فاليسقط الأعمى احتجاجا عما شيع حول كتابه المشهور في الشعر الجاهلي، ورد عليهم الحمد لله انا اعمى حتى لا أرى وجوهكم واتهم نجيب محفوظ عندما حاز على جائزة نوبل للسلام على أنه من المهادنين للاسرائيل لينال الجائزة وتبين أن نصف مال الجائزة منح لأطفال فلسطين