” طاح النيفو” أغنية بلون التمرد

الوطن24/ بقلم: عبد القادر العفسي

يعود الفنان ” عبد العزيز شبايبة ” إلى جذوره العرائشية ليطرح لنا طبقا شهيا مُنسما بعبير البحر من خلال أغنية ” طاح النيڨو “، الكاتب والملحن ” شبايبة ” الفنان المهووس بالأحياء الشعبية يُلقي بتعويذاته وذاته على هذا الواقع المتدحرج إلى الوراء المتخم باللهث وراء المال والتخلي عن كل القيم والفضائل وعن الصداقة والوطن والخيانات والابتسامات المصطنعة وعن خناجر الغدر المرفوعة بين الأيادي للطعن في الظهور.
 

هي إذن عودة الروح والإحساس بالواقع واكتشاف زيف مجموعة من النمطيات التي آلفها الناس حتى أضحت من المسلمات وهي في واقع الأمر قشور الحياة وسحر الساحرين لتبظيع الإنسان حيث أضحى مادة قابلة للبيع والشراء.. هي عودة كذلك إلى واقعية الفن ورسائله وأثره في تربية الحواس واكتشاف الصفات  في العالم الخارجي من خلال تحويل المجهول إلى المعلوم ورفع منسوب الوعي الذي يقدمه الفنان “عبد العزيز شبايبة ” على وجه التخصيص، إدراك المعاناة والإقصاء والحرمان كشكل ذاتي المقترنة بالفرح الشديد بالقوة الإنسانية كموضوعة حياة ممتعة يتجانس بها البصري بالأساس السمعي والتذوق الشامل المتدفقة في الدم والعقل،  بالتالي التحرر من المأساة و اختزالها في أثر خطابي هو التميُز الذي يمنح الفنان “شبايبة ” خصوصية مسائلة الفن في الساحة الوطنية المغربية المدعومة والمحتضنة رسميا ذات الطابع السطحي على غرار الطاقات الخلاقة الممتلكة للكثير من التحرر والعمق والكثافة والوطنية المتقدة .

إن التجربة الفنية للفنان والكاتب والموسيقي “عبد العزيز شبايبة ” التي لا تقل عن ثلاثين سنة مكنته من التميز وتقديم مساعدة الغير المتلقي لأعماله الفنية مَلمس وتصميم للحياة والوعي بالتركيز على تجارب المعاناة الذاتية المستمرة، وهو بلا شك بأعماله الفنية وليدة الألم كونه مستعدا للمجازفة أكثر لإيصال النشاطات الانفعالية الإنسانية عبر اللغة والموسيقى بصوت صادح كوظيفة توصيل وتعبير في آن تقبل التأويل وإخراج المكنون ومعالجة القضايا الإنسانية بأسلوب يفرض التفكير والتفسير بعلاقتنا مع الآخر.

وبصرف النظر أن الإساءة للفن كآدة تواصلية ورسالية وتقدميها بشكل مشوه مقابل مصالح مادية وغالبا ما يطبعها الإسفاف والتهريج والنذالة والابتذال … فلا زال بهذا الوطن طاقات قوية وشابة تعبر عن الروح والأشياء الملائمة المتقنة  إبداعا وجمالية وتحاكي الحس المشترك وتحتوي ترجمات للواقع، وما الأغنية الأخيرة  للفنان العرائشي “عبد العزيز شبايبة ” وبدقائقها المعدودات “طاح النيڨو ” تتميز بنوع من الحساسية والتمرد على واقع الحال والذات بحيث أنها لغة خاصة منفصلة عن المفردات بالمجتمع وعن الكثافة المادية في الإنتاج تُعبر عن الواقع الحقيقي وتدعو إلى التحرر وليست عاكسة له وناقلة محققا بذالك الهدف الرسالي للفن .