عش من حجر

الوطن 24/ بقلم: فؤاد العنيز

الأستاذ فؤاد العنيز

ما بال أشيائي تكلست كالحجرْ
الورود في حديقتي أضحت من حجرْ
باب غرفتي نافدتي والشجرْ
الكل أضحى من حجر
تحجّرت الشمس فوق رأسي
تحجر الشاي في كأسي
وقطعة الخبز الحزين
وسادتي سريري والأنين
أحلامي
أوهامي
أقلامي
الكل أضحى من حجرْ
أصابع كفي والذراع
السحاب والمطر
الطرقات الحجرية على الباب الحجري
صوت حجري يناديه صوت حجري
النجوم حجر
الكواكب والقمر
الخطب الصمّاء
إبريق الصباح
قِدر المساء
كل الأشياء
أضحت من حجر
*
مؤتمر من حجر
تخلّف عن حضوره الكثير
غاب الرئيس وحضر الوزير والمدير والغفير
في سيارات فارهة من حجر
ناقشوا كل القضايا المتحجرة
بكلام من حجر
ناقشوا الإرهاب
وما يمثله عليهم من خطر
ناقشوا البطالة
ناقشوا العمالة
ناقشوا السفالة
ووقّعوا قراراتهم بمن حضر
على أوراق من حجر
*
على التلفاز الحجري
أشاهد أخبارا كالحجر
هذه أم أضحى بيتها
ركاما من حجر
دفنت به أولادها
والقلب الذي انفطر
لم تكن الأم إرهابية ولا أولادها
لكن الأوامر كانت من حجر
ومن حجر كانت القلوب
مات الأبرياء
مات الأشقياء
جفّت العروق من الدماء
تشظى الحب واندثر
*
خبر أخير
سبقته ابتسامة
لمذيع كبير
كل أخباره من حجر
متحجّر لكنه يهوى السفر
بصحبة سيادة الوزير
وأسعد أوقاته أن يطير
كالذبابة بين الحفر
أعلن المذيع ببشاشة
اخترقت الجدران والشاشة
أبشروا بني قومي
قررت حكومتنا الموقرة
بعد اجتماعات مطوّلة
أن تستورد الحجر
مساؤكم حجر
وعلى حجر تصبحون
دام لنا الحجر
*
غيرت القناة عساني
أصادف شيئا أراه
أنساني الحجر أنساني
أن التلفزة من حجر
والقنوات من حجر
الأخبار
الأفكار
الأسرار
الكل من حجرْ
فلأنفجر كما الحجر
أو
فلأتصالح مع تحجري
وأنتظر
سأنتظر
أن تتحجر حمامة السلام وغصن الزيتون
وكل البنادق والمدافع
سأنتظر
أن تتحجّر الدمعة في العيون
سأنتظر
أن ينتصر الحجر على الحجر
لعل الحجر يَعتبر