علاقة الأزواج في ظل حالة الطوارئ الصحية

الوطن 24/ بقلم: رحيمة عسو  

رحيمة عسو

بعد إنتشار فيروس كورونا المستجدّ، وبعد إعلان العديد من الدول عن الحجر الصحّي وحالة الطوارئ (تلك التي وضعت على المحك التوازن الكلاسيكي الهش بين الحريات والأمن) والذي أجبر الجميع على لزوم منازلهم لأجل غير مسمى. كان من أعظم مساوئ هذا الحجر الصحي ما كشف عنه من هشاشة لبعض العلاقات الأسرية، وقد ارتفعت خلاله وثيرة المشاكل والنزاعات ببن الأزواج عبر العالم. لكن طبعا لكل قاعدة استثناء، وهذا لا يعني على أن هذه الأزمة فقط قد كشفت عن الجانب السيء، فهناك جوانب أخرى كثيرة تفوقت فيها بعض فئات المجتمع واستطاعت إستغلال هذه الظروف أيما إستغلال ونجحت في جعل هذا الحجر صحيا بالفعل. وإذا عدنا لذلك الجانب السيء، نجد أن له أسباب ودوافع: قد يعود الأمر لمشاكل كانت موجودة بالأساس وقد يعود لأسباب مادية، بسبب توقف العمل وتأجيل الكثير من الخطط والطموحات، أو ربما إلى الخوف من الإصابة بالمرض، و رُبما يكون لشبح الموت الذي أصبح جاثما على صدور الجميع يلوح بيديه مُحذرا ومُهددا، كذلك القلق والتوتر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى العنف والمشاكل. في حين أنه وفي ظل هذه الظروف يجب على الناس أن يساندوا بعضهم البعض خصوصا الأزواج، ويواجهوا هذا البلاء بصبر وثبات ورضي، حتى نتعدى هذا الإمتحان جميعا ونخرج منه سالمين. ومن هنا أحببت أن أقدم بعض النصائح لعلها تنفع الأزواج وذلك من باب ”ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين“ واعتماداً على قاعدة ”النساء أولا” سأبدأ معك حواء.

 أولا: التقبل يتطلب منكِ سيدتي تقبل حال زوجك كما هو، لا تحاولي تغييره، فمحاولتك تغييره تجعله يشعر بأنه محكوم ومتلاعب به ومرفوض وغير محبوب .

 ثانيا: ” المساندة والمواساة ” يحتاج الرجل في هاته الفترة العصيبة للتفهم خصوصا إذا كان غير مقتدر ماديا كفاية، فهذا قد يشعره بالنقص مما يجعله يحاول التهرب من نظرات عائلته بالعصبية

 ثالثا: خفض حالة التوتر لأقصى حد ممكن تقديرا للأوضاع العامة لتجنب الانفصال النفسي والجسدي بينكم وللخروج من هذه الحالة بصحة نفســــــــية وإجتماعية جيدة وقوية على جميع أفراد الأسرة

 رابعا: كوني مصدرا للحنان والحب و تفادي مناقشته في حالات انزعاج أو مرض أو تعرض لضغوط ولا تزيدي من ثورته أثناء غضبه بالسخرية أو باللامبالاة، والأهم لا تقارنيه بأحد  

خامسا: علمي أبنائك الأسلوب الأمثل في التعامل مع والدهم وتأكدي أن أبناءك سيعاملون أباهم كما تعاملينه، (فهم لن يرفعوا أصواتهم يوما عليه إن لم يروا أمهم تفعل ذالك) لا تجرحيه بكلمة أمام الأبناء ولا تتشاجرا أمامهم.

 سادسا: الإتفاق على توزيع أنشطة يومية جماعية تشمل الحوارالإيجابي والتوعية: صلاة جماعة، قيام الليل، قراءة القرآن والمنافسة على حفظه. بالإضافة إلى ممارسة أنشطة رياضية داخل المنزل لإضفاء جو مرح وتقليل التوتر.

 سابعا: لا تنسي أختي الكريمة فطاعة اللّٰه وتقواه هي مفتاح السعادة وكذا الدعاء فأثره عظيم: ((والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما )) سورة الفرقان.

 ثامنا: حافظي على دوام الاتصال بالله عز وجل وذكره فذكر اللّٰه من أسباب السعادة والطمأنينة والراحة النفسية: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد.

 تاسعا: تذكري حسنات زوجك عند نشوب أي خلاف بينكما، ولا تجعلي مساوئه تسيطر على عقلك فتنسيك حسناته ومزاياه ، بل اسعي دائماً إلى استرجاع الذكريات الجميلة التي مرَّت بكما والتي لها وقع حسن في نفسيكما.

 عاشرا: كوني صادقة في كل الأحوال فالصدق يعد بمثابة طوق النجاة من الكثير من المشاكل الزوجية فهو يبني علاقة قوية لا يمكن أن تدمر في يوم من الأيام، ويخلق بيئة خصبة لتحقيق الإستقرار والهدوء والود والتفاهم والانسجام .

 وأما بخصوصك عزيزي الرجل فخير ما يجب أن أنصحك به وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم «رفقاً بالقوارير » . يجب عليك أن تعلم:

 أولا: أن زوجتك ليست أنت، فعلى الرغم من نقاط الإتفاق التي تجمع بينك وبينها، فينبغي عليك أن تقدر ما تنفرد به عنك من نقاط إختلاف فلا يمكن لإثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين فلابد أن يكون كل منهما متفرداً بشخصية مميزة وذاتية، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.

 ثانيا: عليك أن تهدئ من روعك وأن لا تغضب فالغضب أساس الشحناء والتباغض. وإن أخطأت تجاه زوجتك فاعتذر لها، ولا تنم ليلتك وأنت غاضب منها وهي حزينة باكية. استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وهدئ ثورتك، وتذكر أن ما بينك وبين زوجتك من روابط ومحبة أسمى بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة، أو ثورة انفعال طارئة.

 ثالثا: إمنح زوجتك الثقة بنفسها. لا تجعلها تابعة تدور في مجرَّتك وخادمة منفِّذةً لأوامرك. بل شجِّعها على أن يكون لها كيانها وتفكيرها وقرارها. استشرها في كل أمورك، وحاورها ولكن بالتي هي أحسن، خذ بقرارها عندما تعلم أنه الأصوب، وأخبرها بذلك وإن خالفتها الرأي فاصرفها إلى رأيك برفق ولباقة.

رابعا: اثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « من لم يشكر الناس لم يشكر الله » [رواه الترمذي ]

خامسا: توقف عن توجيه التجريح والتوبيخ، ولا تقارنها بغيرها من قريباتك اللاتي تعجب بهن وتريدها أن تتخذهن مثلاً عليا تجري في أذيالهن، وتلهث في أعقابهن.

 سادسا: حاول أن تغض الطرف عن بعض نقائص زوجتك، وتذكر ما لها من محاسن ومكارم تغطي هذا النقص لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم ” لا يفرك (أي لا يبغض) مؤمنٌ مؤمنة إن كرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر”

سابعا: لاطف زوجتك بعبارات تشعل ما في قلبها من عاطفة وغريزة، وتأس برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك «فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك» [رواه البخاري] وحتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو القوي الشديد الجاد في حكمه ـ كان يقول: ‘ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي ـ أي في الأنس والسهول ـ فإن كان في القوم كان رجلا.

 ثامنا: واعلم أن قوامة الرجل على زوجته لا تعني البطش والتعالي والتكبر، وإنما تعني الرعاية والحفظ والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه ، ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى نقيض السعادة.

 تاسعا: أسعد زوجتك تسعد: في أمريكا قاعدة شهيرة “زوجة سعيدة حياة سعيدة ” أعط لتأخذ، هذا هو أحد قوانين الحياة، فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي؛ لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب.  

عاشرا: تفهم نفسية زوجتك فقد تتعرض المرأة في كثير من الأحيان لضغوط نفسيه سواء من أطفالها وكثرة متطلباتهم وتعليمهم أو مشاكل أسرية تتعلق بأسرتها أو مرض جسدي كل ذلك يحتاج إلى تفهم من الزوج وتقدير لهذه الظروف فينبغي التلطف معها وإشعارها باهتمامك وحبك لها مما يزيح الكثير من ألامها فتسعد برفقك ولطفك ثم وكنصيحة أخيرة عزيزي الزوج حاول ما أمكن تقليل ساعات استخدام الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي للابتعاد عن الشائعات التي تزيد من الخوف والهلع والقلق في نفوسكم والمرجو استغلال هذا الوقت الثمين في توطيد أواصر المحبة بينك وبين حبيبتك وضع نصب عينيك أن الزواج مودة ورحمة و تقوى وتغافل وحب وحياة أخيرا أسأل الله أن يسعد بيوت المسلمين أجمعين ويملؤهم حبا ومودة ورحمة، ونخرج من هذه الأزمة بخيروسلامة وقد تعلمنا منها الدروس والعبر. هذه فقط بعض النصائح للوصول بالبيت المسلم لشاطئ السلام فإن أصبت فبفضل الله أحمده عليه وأسأله المزيد، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.