عن معنى جغرافية الرماد والدخان!

الوطن 24/ بقلم: عبد القادر العفسي
بالمباشر، إن المؤامرة التي دبرها العديد من مسؤولي أحزاب وهيئات وبعض موظفي الدولة بإقليم العرائش لهو شيء تعاظمت معه الخطورة التي تستهدف الاستقرار وتفصل المواطن عن جسم الدولة بغية التشتيت والتمزيق، بالتالي جر الكل إلى صراع يفرض التشضي والتجزئة وتقطيع كل عوامل الوحدة! مع العلم أن المستنقع الفاسد الآسن هو ضد الطبيعة وصادر عنه الحكم بالزوال لأنه ذاتي مرهون بعصابات منظمة تشتغل بأدوات الدولة حتمية فشلها هي طريقة تركيبها ولأنها كذلك ضد تاريخ هذه الأمة المغربية الطاهرة الزكية.
نعم، إن المسألة هي ابعد من العواطف أي أننا أمام جهات بالدولة وأدواتها الوظيفية (أحزاب، هيئات…) تريد فرض علينا التناقض العميق وتحاول فصلنا عن العرش العلوي المبارك، لأن استمراريتها رهين بإبعاد المواطنين وتفقريه واستلابه وتأيد كل من ينهج هذا النهج المقيت في الاستعباد والترهيب والتفقير وسرقة المؤسسات…لإخضاع الجهات العليا ! أما العلائم و البراهين والبوادر والتجليات هو يأتي عبر الإرهاب والضغط وفي بعض الأحايين يتم الاتجار والتذرع بمآسي المواطنين والتوترات الاجتماعية هم أصحابها ومحركها ومثيرها ..في استهتار فاقع بدستور البلاد وأهدافه، وهذا ما يدفع الكثير منا كمواطنين إلى طريقين اثنين: إما أن نصمت صمت القبور على هذا الطغيان والتجاوز الذي تجاوز كل حدود المعقول ونشجع على مثل هكذا مسلكيات والتصرفات ويساهم كل منا بدفع البلاد إلى حافة الهاوية ونجعلها عرضة للأهواء الأجنبية، وإما أن يبحث كل منا عن المنافع وتقسيم الفساد والمهادنة ونساهم في تعويق المسار والارتقاء بالإنسان و ننثر بذور التخاذل واليأس!
إن الرد الأمثل والأقوى على هذين الطريقين هو الاستمرار في خوض المعارك مهما كانت نتائجها و هذا ما تم إدراكه بحس وطني متقد مليء بالتفاؤل لأنها النواة الصلبة المشعة على الثقة بصرف النظر أن هذه الجهات الخيانية مطمئنة بالتواطؤ، وهي ممسكة بالأدوات الوظيفية و لا تُقِيم أي اعتبار سواء للقانون أو رد فعل المواطنين (غيابهما معا)، ذلك هو الواقع! حقا مدعاة للتشاؤم، لكن لا يمكن أن نتناسى أو نتجاهل المسؤوليات الأخلاقية في مجابهة الفساد والحد من أضراره انسجاما مع الحرية وعدالة قضيانا التي لا تختلف عن الوحدة الترابية للمملكة الشريفة وعن مطالبتنا بعودة الصحراء الشرقية وسبتة ومليلية والجزر المحيطة …
بهذا نقر بصحة المبدأ التي تم إقراره في بداية المقال وهو أن العلاقة التي تحاول وتسعى هذه العصابات المدججة بكل أنواع الأسلحة الاتجار بمؤسسات الدولة بأسلوب الشقاوة ونفسية العصابات، إلى أن تكون العلاقة بين الدولة والمواطن علاقة الشك والتنافس والتناحر والحذر واللا ثقة… بين الطرفين! وعلى سبيل الحصر نعطي أمثلة حول المغانمة في كل ما هو محرم ومقدس لندلل بهذه العقلية وحدود هذا التآمر الى حد تزوير أوراق ومستندات والدوس على ظهائر ملكية! او ليس دوار “البغادة” برصانة الجنوبية ببعيد والحكم على السيدة ” سناء الغرباوي” ومتابعاتها! تحت طائلة أن قوتها العضلية تفكك الكواكب وتسقط قوات عسكرية بساحات المعارك! أو ليس تعين نواب عن الأراضي السلالية والجماعية بالعوامرة وهم خارج الإقليم.. أو ليس توزيع أراضي بين العوامرة والعرائش إلى ثمانية مناطق وتقسيمها على متنفدين …! أو ليس نهب الأراضي كاف! ألا يستحق من الدولة فتح تحقيق شامل حول أقسام التعمير بالعمالة والجماعات وأقسام الشؤون القروية ورؤساء مصالح الماء والتخطيط والكهرباء والتسجيل والتنبر …معهم ومع عوائلهم وإسرار ثرواتهم وحساباتهم البنكية! ألا يسحق من الدولة هذا لتستجيب بصدق وبحرارة وبعمق أننا ” للعلا عنوان” وأن المملكة الشريفة “منتدى السؤدد والحماة “.
ولكن إعلان إحدى التعاونيات لرجال التعليم على أنها ستنظم جمع عام عادي قبل عيد الأضحى بيوم واحد وهي غير قانونية، هي المفارقة والتحدي والتغلغل والتحام الإداري بالسياسي بالمالي، وهو في ذات الوقت استهتار بالدولة والمواطنين! إذ كيف يُعقل لتعاونية صرفت عليها المليارات السنتيميات ويموت رئيسها الذي لم يحترم يوما ضوابط القانون 112.12المتعلق بالتعاونيات، وعلى نهجه سار رفيق دربه الذي عُين رئيسا دون الجمع العام بإيعاز من منظمة تشتغل بأدوات الدولة! الجنون ليس هنا بل هي الاشتراطات 13 القانونية التي حددتها مجموع من مؤسسات الدولة التي تعرف بـ ” السكريبت الموحد” من اجل التعامل مع هذا المكتب من بينها: آخر جمع عام؟ المفاجأة هي أن التنسيق فضح الكل! فمدير القرض الفلاحي مكنهم بسحب الأموال، وكتابة الضبط المحكمة لم تعلن عن الخروقات فحسب المستخرج الخاص بالتعاونيات بتاريخ 2022 به 48 متعاون، ونائب المحافظ تعامل مع تعاونية غير قانونية وتم التلاعب والمضاربة في العقار من خلال البيع والشراء مع العلم أن أخر جمع عام توفر على 302 عضو والذي يناقض أخر مستخرج وهو نفس الأمر لمصلحة التسجيل والتنبر والتي يشتبه أنها سجلت عقود قسمة الإسناد دون التأكد من صفة أشخص الموقع على الوثائق وما يثبت صفته! بل تم الاستعانة بأحدهم! الذي استغل النصوص القانونية الذي تمنح الحق في تحرير محررات رسمية (قانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية المادة 3) والكثير، أما جماعة العرائش سلمت التسليم المؤقت دأبا على منهج الوكالة الحضرية! والمضحك أن بعض مسؤولي (لاراديل) حصلوا على امتيازات كبيرة…!
إن هذا الجمع العام للتعاونية ليس بإعلان عادي يمكن تمريره بل هو أولا: تكريس وشرعنة الخروقات ونظمه في القانون العام خاصة التهرب الضريبي والتلاعبات في الانخرطات بتمزيق المستندات وتحوليها إلى رماد بالتالي تعويضهم بالعصابات و خدمة لزعماء “دهن السير يسير”، ثانيا انعكاس لأمراض وتناقضات مستوطنة في جسم الكثير من مؤسسات الدولة بالعرائش التي أضحى بعضها يسير في اتجاه مخالف لطبيعتها، وهذه التناقضات توضح بشكل جلي التجزئة والفرقة والتشضي التي تحاول إذكائها هذه التنظيمات الإرهابية، خاصة بعدما حاولت أطراف في المجلس العلمي المحلي (التي تقع ضمن الإيقاع) بمعية تنظيم سياسي يدعي العمل الديني! بإيجاد تبريرات وفتوى تقع ضمن مقاصد عامة بأعمار الأرض على ضوء منهج الله (كما عبر أحدهم بسماجة) متناسين هؤلاء المتنطعين نصوص المقاصد في درء المفاسد وتقرير الحقوق وكرامة الإنسان وتحقيق العدل وإسقاط الوسطاء والإنصاف ….
إن الإيمان بهذه القضايا لا تحتمل التأويل الشخصي أو اللباقة أو الكياسة بل هي حاجة وطنية وأهداف عميقة نستجيب لها لا إراديا، لأنها معركة مصير تقع في منزلة البديهيات حيث تتطلب الحشد والثقة والجهد والحدس الصافي، لأن أصنام التزييف بهذا الإقليم الذين جردوا أدواتهم وحملوا أحمال حقدهم بدأت تتساقط وبداية تعريتها وانقشاع الغشاوة على أعين البعض، ثم إن استنشاق نسيم المعركة المصيرية التي تُخاد اليوم ونحن في مواجهة الأدوات الوظيفية (تيارات، تنظيمات، بعض الأحزاب، بعض موظفي المؤسسات الرسمية…) تخلق تلك النظرة الايجابية والمناخ النظيف الخالي من الشوائب المصطنعة، وغير هذا فهو الانحدار وفرض الإرادة السلبية لتفسر لنا وتحيلنا إلى معنى جغرافية الرماد والدخان!