فتوى جيولوجية متأخرة.. مصطفى المعتصم يمارس السرقة العلمية بطريقة مكشوفة

الوطن24/ بقلم: إدريس عدار
لا قيمة لأي تفسير أو فتوى جيولوجية، كالتي قدمها مصطفى المعتصم، زعيم البديل الحضاري، لصديقه المجهول، إذ جاءت متأخرة بأيام عن حدوث الهزة الأرضية. فهذه المعلومات لمعلم جيولوجيا وليس عالما خبيرا في هذا الاختصاص، هي متوفرة في محرك البحث غوغل، والبلاجيا وصباغة الحمير في سرقة المحتوى، لا تنفع الرأي العام ، لأن الغالب عليها الاستعراض الذي لا يرافقه أي محتوى جديد. جواب مصطفى المعتصم يذكرنا بكمية البلاجيا في كتابه المليء بالإنشاء والبيانات المنقولة، وهو المعنون بدول في مهب الجيوستراتيجية، جاء مليئا بمعطيات معروفة في محرك البحث غوغل مع فن صباغة الحمير للمحتوى.
جاء ذلك في تدوينة طويلة على صفحته بفيسبوك، حيث يقدم مصطفى المعتصم درسا مكررا في مقرر دراسي، ولكنه لا يقول ما يجب سوى أن نقوم بتحقيق نصيحة غريبة هي تحويل الساكنة، مع انه يؤكد انه لا يعلم الغيب، فالزلازل تداهم كل المناطق التي تعرف نشاطا من هذا القبيل. ما يقدمه معروف، لكن هناك شيء واحد غير معروف في فتوى المعتصم، هو صديقه المجهول الذي سأله، قبل أن يعطيه درسا مبتدئا ومتوفرا حول الزلزال.
يأتي توقيت فتوى مصطفى بعد انعقاد اللجنة العلمية، التي شكلتها وزارة الطاقة والمعادن، وهو كرر محتواها مع التوسع، ويضيف عليه مما امتلأت به صفحات الويب، في الوقت الذي تحدث فيه خبراء الجيولوجيا والزلازل في المغرب طيلة 5 أيام، أصبحت الجدات تعرف عن الزلازل أكثر من درس قديم في كناش تعليمي أكلته الأرضة.
قال المعتصم في التدوينة:
“لا أدعي علما بالغيب فذلك شأن إلهي والإرادة الربانية فوق كل القوانين والسنن الطبيعية .. وحينما قلت أنه من المستبعد وبالنظر إلى طبيعة الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز يوم 08-09- 2023 أن نشهد زلزال كبيرا يليه ، وأن الهزات الارتدادية ( توابع الزلزال ) ستستمر إلى أن تستقر المنطقة على توازنات صخرية جديدة . اعتمدت في ادعائي هذا على معطيات ونظريات علمية تحاول تفسير قوانين طبيعية استودعها الله سبحانه وتعالى في الكون وأجرى بها السنن”.
يوحي من الفقرة الأولى أنه أول من قال بأن الزلزال لن يكرر ضربته وتبعه الآخرون. عدت إلى صفحته بالفيسبوك فوجدت أنه كتب التالي:
“هناك مواقع تواصل اجتماعي تنشر أخبارا لتنبآت يقوم بها بعض الدجالين عن زلزال محتمل. هذه الأخبار تثير الرعب لدى المواطنين لدى يتعين على النيابة العامة التحرك للضرب على أيدي من يروج لتنبآت هؤلاء الدجالين.
الزلزال الذي ضرب حوز مراكش لا علاقة مباشرة له وأقول مباشرة بتكتونية الصفائح وبالتالي هو لا يشبه الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا ومن المستبعد أن يحدث زلزال آخر هذه الأيام – والله أعلم – نعم ستكون هزات ارتدادية (توابع) قد تستمر حتى يحصل التوازن الذي اختل بين التكوينات الصخرية للمنطقة وستكون هناك انهيارات صخرية وجفاف آبار ومنابع وظهور منابع جديدة الخ…
من جهة أخرى استغربت موقف الأمريكيين اللذين حذروا من التسونامي والحال أن خبرائهم الجيولوجيون يعرفون أن مثل هذا النوع من الزلازل القارية لا تسبب في جملتها بالتسونامي”.
لكن متى كتب هذا؟ بعد مرور يومين على الزلزال وبعد تصريحات ناصر جبور، رئيس قسم بالمعهد الوطني للجيوفيزياء، الذي أكد أن الزلزال لا يمكن أن يعود ليضرب مرة أخرى كهزة أصلية، وهذا لا يحدث إلا بعد سنوات، وهذا التصريح أدلى به لمواقع كثيرة مباشرة بعد الهزة الأولى.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الهزة، التي حدد مركزها بجماعة إيغيل (80 كلم جنوب غرب مدينة مراكش) ، تم استشعارها بالعديد من المدن المغربية في محيط بلغ 400 كلم.
وأضاف أن ” الهزة الرئيسية تلتها مئات من الهزات الارتدادية بلغت أقواها حول 6 درجات ” مشيرا إلى أن الهزات الارتدادية تكون عموما أقل قوة من الهزة الرئيسية.
وحسب المسؤول، فإن الهزات الارتدادية تفقد قوتها كلما ابتعدنا عن مركز الزلزال.
وقال ” إنها المرة الأولى منذ قرن التي يسجل فيها المركز هزة أرضية عنيفة بهذا الشكل بالمغرب.
لماذا لم يذكر المعتصم تصريحات جبور وهو خبير.
وأضاف المعتصم:
“اصطدام الصفيحتين الأوروأسيوية والإفريقية يولد انضغاطا متزايدا ذاخل المناطق القارية – هنا جبال الأطلس الكبير – مما يؤدي في النهاية إلى انهيار التوازن وزحزحة الكتل الصخرية عند الفالق أو الصدع . عادة ما تكون قوة هذه الزلازل أقل قوة من الزلازل الناتجة عن اصدام الصفائح . وإذا كان زلزال الحوز عنيفا فلربما- والله أعلم- لأن الصخور الصلبة الماقبلكمبرية précambrien والصخور العصر الجيوبوجي الأول ère primaire قد قاومت كثيرا وأخرت تحرك الصدع لسنوات مما راكم الكثير من الطاقة. اللآن وقد أخرجت الأرض أثقالها فمن المستبعد حدوث زلزال كبير آنيا – والله أعلم- نعم ستستمر الزلازل الارتدادية أو التوابع الزلزالية repliquesوانهيار التربة و الصخور glissement de terrains et éboulements لمدة حتى الوصول إلى توازنات صخرية جديدة”.
أليس هذا هو نفسه كلام اللجنة العلمية؟
قالت اللجنة العلمية “في الزلزال الأخير في سياق من الضغط شمال-جنوب والناتج عن تقارب الصفيحتين الأفريقية والأوراسية، واستنادا لما نشرته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن الصدوع من الدرجة الأولى قد تكون عرفت نشاطا مكثفا وبشكل عكسي، بينما تحركت صدوع الدرجة الثانية على شكل فوالق ذات اتجاه ميسري وصدوع الدرجة الثالثة على شكل تراكب.
وبالنظر لمعطيات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، سواء تلك المرتبطة ببؤرة الزلزال الرئيسي أو الهزات الارتدادية، يتبين أن صدوع الدرجة الثالثة قد تكون المسبب الرئيسي لهذا النشاط الزلزالي”.
تجدر الإشارة إلى أن أستاذ الجيولوجيا لا يمكن أن يكون خبيرا في الجيولوجيا ناهيك أن يكون خبيرا في الجيوفيزياء. قد تكون على معرفة واسعة بالجيولوجيا فيما تخص المعلومات المتوفرة في الكتب والموسوعات ويمكن العودة إلى الموسوعة البريطانية في الزلازل لتجد ما يهم ذلك. لكن معرفتك بالجيولوجيا وبمسببات الزلازل لا يعطيك الحق في الخبرة في الزلازل.
اللجنة العلمية كانت واضحة وقالت إنها انتزعت خلاصاتها بناء على معطيات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني المرتبطة ببؤرة الزلزال الرئيسي والهزات الارتدادية، على أي معطى وأية معلومة اعتمد المعتصم؟ لو كتب المعتصم باعتباره أستاذ الجيولوجيا مقالا بناء على خلاصات اللجنة العلمية لكان معقولا، لكنه اختار السرقة في واضحة النهار. كنا نعتقد أن صاحب الفتوى مولع بالبلاجيا فيما هو ليس من اختصاصه، قبل أن نكتشف أنه أولع بالبلاجيا حتى فيما هو اختصاصه التعليمي.