فرنسا / جمعية “آمال الجديدة” ومحاولات تمثيل المسلمين في أوروبا: تساؤلات وإشكاليات.

الوطن24/ باريس
في خضم التحديات التي يواجهها المسلمون في أوروبا، ظهرت جمعية “آمال الجديدة” التي تتخذ من مسجد باريس الكبير مقرًا لها، مُعلنةً عن هدفها في تمثيل المسلمين في القارة العجوز. ولكن مع تطلع الجمعية لفتح مكتب لها في العاصمة البلجيكية بروكسل، بدأت تُثار العديد من التساؤلات حول مدى مشروعية هذا التمثيل، خاصة في ظل وجود ملاحظات حول تكوين الجمعية والولاءات السياسية لأعضائها.
على الرغم من ادعاء جمعية “آمال الجديدة” بأنها تمثل المسلمين في أوروبا، فإن واقع الحال يشير إلى أن معظم أعضائها ليسوا من مواليد أوروبا، بل إن العديد منهم ينحدرون من الجزائر. وهذا يثير مخاوف الكثيرين من أن تكون الجمعية تسعى لتقديم رؤية مغايرة لأغلبية المسلمين في أوروبا، الذين ينحدرون في معظهم من دول مثل المغرب وتركيا، بالإضافة إلى دول آسيوية مثل الهند وباكستان.
وفي وقت تشهد فيه أوروبا تغييرات ديموغرافية هامة، حيث تزايدت أعداد المسلمين في عدة دول أوروبية، يشعر الكثير من مسلمي القارة بضرورة وجود تمثيل حقيقي يعكس التنوع الثقافي والعرقي في مجتمعاتهم. في هذا السياق، لا يمكن تجاهل أهمية وجود هيئات تمثيلية حقيقية تعتمد على التفاعل المباشر مع واقع المسلمين في أوروبا، بعيدًا عن التوجهات السياسية والتدخلات الخارجية.
ومن خلال محاولتها فتح مكتب في بروكسل، يبدو أن الجمعية تأمل في الحصول على اعتراف رسمي من السلطات الأوروبية، وهو ما قد يمكنها من تعزيز وجودها وتأثيرها في صنع القرارات ذات الصلة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن لجمعية تتكون في معظمهَا من أعضاء من خارج القارة الأوروبية أن تمثل مصالح المسلمين الأوروبيين بشكل حقيقي وفعال؟ أم أن هذا التوجه قد يؤدي إلى الانقسام وتعزيز الانقسامات الداخلية داخل المجتمع المسلم الأوروبي؟
المسلمون في أوروبا يدركون جيدًا أهمية التكاتف والعمل المشترك، وهم يرفضون بشدة أي محاولة لفرض وصاية خارجية على تمثيلهم. لذلك، يتعين على الجمعيات والمنظمات التي تدعي تمثيل المسلمين في أوروبا أن تكون شفافة في أهدافها وأن تعمل على تحقيق مصالحهم الحقيقية دون السعي لأغراض سياسية قد تضر بالوحدة الاجتماعية التي يسعى المسلمون لتحقيقها في مجتمعاتهم الأوروبية.
في الختام، تبقى الجمعية أمام اختبار كبير في محاولتها لاكتساب الشرعية الأوروبية. ولكن التحدي الأكبر يتمثل في بناء جسور حقيقية بين مختلف مكونات المجتمع المسلم الأوروبي، وتحقيق التوازن بين الهوية الدينية والمواطنة الأوروبية في إطار من الاحترام المتبادل والمساواة.