المغـرب: فوضى الملك العمومي/ هل هي وليدة العدم أم تقصير السلطات؟
الوطن24 / بقلم: بلفساحي عبد الكبير
يُطلّ علينا مُجدداً مشهد احتلال الملك العمومي، تلك الفوضى التي قد تبدو للوهلة الأولى وليدة العدم. لكن التمعن ملياً في المشهد يُظهر اختلالاتٍ وسوء تدبير إداري من قبل السلطات المعنية، سواءً المُعيّنة أو المُنتخبة.
تُشبه هذه الظاهرة إلى حدٍّ كبير مشكلة مدن الصفيح، التي بدأت ببناء صفيحي بسيط أمام أعين السلطات، ولم يُحارب إلا بعد أن انتشر كالسرطان ليصبح حديث الساعة. وينطبق الأمر ذاته على الأسواق العشوائية التي تنشأ من “فراشة” متواضعة أو عربة مدفوعة، ثم يتضخم الأمر ليصبح سوقاً عشوائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى مما يشكل إزعاجا للسكان وعرقلة لحركة المرور.
تجرى كل هذه التجاوزات أمام أنظار السلطات التي لا تحرك ساكنا إلا بعد تفاقم الوضع، مُعلّلةً تقاعسها بانتظار “الأوامر العليا” وكأنّ هذه الأوامر كانت تُشرّع للفوضى سابقاً!
أمّا اليوم، فينصبّ الحديث على تحرير الملك العمومي في كل ربوع الوطن من قبل السلطات المعينة والمنتخبة والقوات العمومية. لكن المفارقة تكمن في أنّ هذه السلطات ذاتها هي من ساهمت في نشأة هذه المشاكل!
إنّ الدعوات لتحرير الملك العمومي وتحسين إدارته، وتنفيذ الأوامر العليا والسياسات الهادئة لمعالجة هذه المشاكل بشكلٍ جدي واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة ورفاهية المجتمع، تبقى مجرّد حبرٍ على ورق ما لم تُواجه بتغييرٍ جذريٍّ في آليات الرقابة والمساءلة، وجعل كل مسؤولٍ يتحمل مسؤولياته اتجاه المصلحة العامة.