قوميون في المشرق وهابيون في المغرب…

اختراق الجماعة “التي تلعن رموز المقاومة” إعلام “الممانعة”

الوطن24/ بقلم: ادريس عدّار (إعلامي وباحث في الجماعات المتطرفة)

في الجزء الأول من هذه السلسلة[1] رصدنا مفارقات غريبة داخل المجموعة، التي تحاول احتكار “الدفاع” عن فلسطين، التي يتولاها شخص يلتحف الكوفية ليل نهار بعد أن فقد كل ذوق نضالي، وبعد أن استنفذ رصيده من “الضجيج” و”الصراخ” لم تعد له سوى واجهة واحدة يحاول من خلالها ترميم الصورة المهشمة، التي رسمها حول “النضال” من أجل فلسطين، إلى درجة أن كثيرا ممن يوجدون في الطرف الآخر ليست لهم قناعات وإنما معاكسة لهذا الشخص، الذي ميّع “الدفاع” عن فلسطين.

وبما أننا في لحظة رصد، فإن حديثنا هنا واضح عن أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع. يقدم نفسه في المشرق مناضلا قوميا، لكن في المغرب ليس له من حلفاء ولا أصدقاء سوى أتباع الحركة الوهابية السرورية ذات المرجعية السلفية والإخوان المسلمين، الذين “جاهدوا” لسنوات وما زالوا من أجل رسم صورة “شيطانية” للمقاومة، وكان زعيمه خالد السفياني، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، قد قال في وقت سابق، في تصريح للصحافة المغربية، بأن ما يجمعه بالإسلاميين(يقصد العدالة والتنمية والعدل والاحسان) هو أكبر من سوريا، أي فلسطين، وسكت اليوم أو هرب تحت غطاء الإصابة بكورونا، لأن فلسطين التي كانت تجمعه بالإسلاميين لم تعد من اهتماماتهم، ولا ندري هل سيقول حاليا إن ما يجمعه بالإسلاميين هو أكبر من فلسطين نفسها؟ وويحمان نفسه سبق أن قال في حوار مع صحيفة الأسبوع المغربية: “إنه مع حق الشعب السوري في الديمقراطية”[2]، ولم يعد له اليوم من دور سوى التسويق لأعداء المقاومة داخل إعلام الممانعة، في لعبة تقوم على الاختراق والتدليس.

نتأسف كثيرا لما نشاهد رموزا ساقطة تعتلي منابر إعلام الممانعة، وآخر من قدم لنا من تحف نضالية هو امحمد الهيلالي، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، للحديث عن توقيع سعد الدين العثماني، على اتفاق فتح مكتب الاتصال بين المغرب وإسرائيل. ليس هذا موضوع حديثنا، ولكن حديثنا الآن عن الالتباسات التي يمارسها هذا الشخص من داخل إعلام محور المقاومة الذي يلعن رموزه حلفاؤه المقربون بمن فيهم نائبه في المرصد عزيز الهناوي الذي قاد مسيرات مع رفيقه امحمد الهلالي تدعو لإسقاط النظام السوري ونعته بأوصاف مشينة، وتكرر نفس الأمر مع رموز أخرى. لم يكن ويحمان يعتقد أن الهيلالي سيحل ضيفا على قناة الميادين، في نشرة المسائية يوم 25 دجنبر 2020[3] ، لسبب وحيد وبسيط، خوفا من أن يفضح المجموعة، لأن هذا الشخص معروف بصراحته المتناهية في شتم رموز المقاومة، وله قاموس خاص من المصطلحات البذيئة يستعملها في هذا المجال.

فحسب معلوماتنا المؤكدة أن الشخص الذي رشحه ويحمان، ولا أحد غيره، هو عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة السابق لحزب العدالة والتنمية، غير أنه تفادى التصريح بأي موقف قبل مراجعة قيادة حزبه، وفي آخر لحظة تهرّب وبعث باسم الهيلالي. اعتذر أو لم يعتذر فإن الشخص المذكور يعتبر من رموز مناهضة محور المقاومة، ووصف كلام السيد نصر الله بالمهاترات وتصريحاته مرفوضة بسبب تورطه في مساندة الاستبداد، في إشارة إلى مشاركته في الحرب المفروضة على سوريا[4].طبعا هذا الشخص كان من المفترض أن يشارك في برنامج على قناة محسوبة على الممانعة لمدة ساعة كاملة، غير أن أقدار الله شاءت فضحهم، حيث تمت استضافة امحمد الهيلالي، وهذه أكبر فضيحة يمكن أن يعرفها هذا النوع من الإعلام، ليس لأن الهلالي يختلف عنهم، ولكن لأنه يتميز بوقاحة لا حدود لها في شتم رموز المقاومة.

وبعد مرور شاتم رموز المقاومة على قناة الميادين، حاول ويحمان محو آثار الفضيحة بمروره في القناة نفسها[5]، لكن “عاد وبالُ البغي على صاحبه”، حيث أفسد من حيث أراد أن يصلح الجرة، وكسرها حتى ظهرت خبايا كانت غير معروفة لدى الكثيرين، لكن بالنسبة لنا نحن كنا على دراية بها وقلناها في أكثر من مرة، حيث جاء ويحمان إلى هذه القناة، المحسوبة على الممانعة وساعة قبيل مرور السيد حسن نصر الله في حوار العام، لكن كان القصد من ذلك هو فتح فجوة للجماعة للهروب إلى الأمام، التي تلعن يوميا رموز المقاومة، وخصوصا بشار الأسد وحسن نصر الله والشهيد قاسم سليماني.

بدا واضحا أن ويحمان جاء للبرنامج كي يقوم بتصريف رموز الهزيمة، ويسوقهم حيث لا ينبغي ذلك، لكنه كشف عن شيء مهم كنا نقوله ونكرره، لكن قليلا من يصدّق، حيث اعترف بأن عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق، وسعد الدين العثماني، الأمين العام الحالي، للعدالة والتنمية والقياديين المؤسسين لحركة التوحيد والإصلاح وشيوخ للمريد امحمد الهلالي خريج مدرستهم، يقول ويحمان متبجحا بأنهم من أصدقائه ومن مؤسسي المرصد المغربي لمناهضة التطبيع. ويتساءل الرأي العام المغربي الذي يتلقّى ذلك العصف يوميّا: كيف يمكن أن يقوم تحالف منسجم وأخوي وسمن وعسل وتواطؤ استراتيجي بين من يزعمون أنهم مع محور المقاومة مع جماعة كان ولا زال وردها هو سبّ ولعن رموز المقاومة منذ نشأتها وحتى اليوم. لنلق إطلالة مختصرة على من تبجّح ويحمان بصداقتهما في سياق ينضح بالغباء، ومن باب شهد شاهد من أهلها.

غير خفي أن بنكيران من رموز الوهابية السرورية، حيث وزع في المغرب كتبا تكفيرية مثل “وجاء دور المجوس”، لزين العابدين سرور الذي توفي أخيرا في قطر، وكان موقعا باسم عبد الله غريب، ويعتبر شيخ بنكيران في العقيدة، هذا الكتاب هو تكفير لطائفة من الأمة، وكان الغرض منه ضرب الثورة الإيرانية، كما نشر في جريدته الإصلاح كتابا منجما للإخواني السوري سعيد حوى تحت عنوان “الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف”.

وما بدل بنكيران وما غيّر، وما زال وفيا لخطه الذي انطلق منه منذ ثمانينات القرن الماضي، قال في تصريح خص به وكالة “قدس بريس”: إن ما يجري في مدينة حلب السورية،يدمي القلب،وغير قابل للفهم” وأضاف بنكيران: “أشعر بأن العالم قد مات إزاء ما يجري من جرائم في سورية،ولم يبق هناك ذو غيرة إنسانية أو قلب رحيم. وأنا لم أعد أطيق رؤية الأخبار المتصلة بسورية ولا النوم حتى لفظاعة الصور التي أشاهدها. وأفتقد القدرة على وصف ما أشاهده من جرائم”.

ودعا بنكيران، صديق ويحمان، الدول الكبرى إلى التحرك من أجل وقف ما يجري في سوريا وقال: “المفروض أن تتحرك الحدود الدنيا لدى المسؤولين في الدول الكبرى القادرة على التدخل في الشأن السوري لوقف هذه المجازر”.

ودعا بنكيران روسيا إلى المساهمة في حل المشكل لا أن تكون طرفا فيه، وقال: “ما يفعله النظام السوري بشعبه مسنودا بروسيا وغيرها يتجاوز كل الحدود الإنسانية، ولا يمكن فهم أسبابه الحقيقية”.

وأضاف: “السؤال هو: لماذا تدمر روسيا سورية بهذا الشكل؟ كان يمكن لروسيا أن تتدخل لإيجاد حل للأزمة وليس لتعميقها”[6].

صديق ويحمان والمؤسس في المرصد، بنكيران موزع كتاب: وجاء دور المجوس، في ثمانينيات القرن الماضي، هو الذي يدعو دول العالم للتدخل في سوريا، ويعتبر ما جرى إبادة تتجاوز كل الحدود، متهما روسيا بتدمير سوريا وبأنها تحرق حلب.

وفي يوم 23 فبراير من سنة 2012 استقبل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة حينها، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عددا من قيادات ما يسمى المعارضة السورية، تمثل هيئة التنسيق والتغيير الديمقراطي، وبحث معهم سبل دعم الثورة السورية.

وأوضح موقع هيئة التنسيق أن لقاء ابن كيران مع هيئة التنسيق والتغيير جاء بناء على دعوة رسمية من رئيس الحكومة، وهي الدعوة الثانية من مسؤول عربي كبير بعد دعوة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي[7].

ولم يأل بنكيران جهدا في دعم ما يسمى الثورة السورية، وبعث أنصاره وأتباعه يقودهم مصطفى المشتري، القيادي في شبيبة العدالة والتنمية، الذي زار سوريا أكثر من مرة وتوجد صور توثق للقائه بالمسلحين من الحركات الإرهابية.

أما صديقه الثاني والمؤسس أيضا سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فلا يقل عن صاحبه الأول حقدا وكراهية لمحور الممانعة، وكان مندفعا نحو إغلاق السفارة السورية بالرباط حين كان وزيرا للخارجية، وقال في مجلس النواب: إن القضية السورية تعد بالنسبة إلى المغرب – يقصد جماعة الاخوان التي تتحدث تدليسا باسم الشعب – مسألة جوهرية وإنسانية بالأساس اعتبارا للمأساة الحقيقية التي يعانيها الشعب السوري. كان ذلك قبيل استضافة مؤتمر أصدقاء سوريا يوم 12 دجنبر 2012، المؤتمر الذي اعترف بالائتلاف السوري ممثلا وحيدا للشعب السوري.

وخلال مقابلة خاصة مع وكالة “الأناضول”، في مدينة إسطنبول التركية يوم الرابع من غشت 2016، أوضح العثماني “أنّ فشل الانقلاب في تركيا سيكون له أثر في تقوية الثورة السورية. وبالإضافة إلى إفشال الانقلاب الذي جرى في اليمن (في إشارة إلى الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، وستكون له تأثيرات نسبية أخرى في عدد من دول المنطقة”[8].

وكتب موقع حزب العدالة والتنمية المغربي خبرا تحت عنوان: “لائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية في ضيافة العدالة والتنمية”، وأكد العثماني خلال، متابعته للوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري، وأعرب عن أمله في أن تنجح الجهود السياسية في وقف نزيف الدم السوري برعاية أممية. ومن جهته، ثمّن رئيس الائتلاف السوري أنس العبده، موقف القيادة المغربية من الثورة السورية، والتي كان أولها الاعتراف الدولي بالائتلاف الوطني في 12 دجنبر 2012، وماتلا ذلك من استقبال المغرب للاجئين السوريين[9].

وعندما كان سعد الدين العثماني، وزيرا للخارجية، ثمّن الاتفاق الذي وقعت عليه فصائل المعارضة السورية في العاصمة القطرية الدوحة، يوم الأحد المنصرم، بشأن إنشاء الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية وتشكيل تحالف واسع يوحد جهودها.

وقال العثماني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء يوم الثلاثاء بالقاهرة على هامش اجتماع وزراء خارجية العرب ونظرائهم في الاتحاد الأوروبي: “إن المملكة المغربية بوصفها عضوا فاعلا في اتخاذ هذه القرارات تثمن ما توصل إليه اجتماع الدوحة من خلق ائتلاف يضم ويجمع أوسع فصائل المعارضة السورية”، واصفا هذا الحدث بـ”الخطوة المهمة” في لم شمل مختلف أطياف المعارضة السورية[10].

وفي تصريح لصحيفة الحياة اللندنية يوم 11 دجنبر 2012 نفى العثماني، وكان حينها وزيرا للخارجية، طابع الثورة من أجل التغيير الديمقراطي عن ثورة البحرين، وأكد تضامن بلاده مع النظام الملكي في البحرين ودعمه له.

ووصف العثماني البحرينيين الذين يتظاهرون بأنهم يمارسون العنف ويرغبون في تغيير الحكم بالقوة، بينما وصف باقي الثورات العربية بالسلمية. وقال إن: “الثورات التي تحققت في الدول الأخرى هي ثورات سلمية شعبية، أما في البحرين فهناك من يمارس العنف لفرض الرأي، وهذا مرفوض”[11].

وفي الوقت نفسه طالب العثماني من المنتظم الدولي تمكين السوريين من أجل اختيار حاكميهم، كما يبارك المغرب رسميا المجلس الوطني السوري ويعتزم استقبال مؤتمر “أصدقاء سوريا” المدعمين للثورة السورية التي ترغب في الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد بقوة السلاح[12].

ويوم 11 غشت 2012، نشر موقع الحزب مقالا جاء فيه أن: سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، انتقد الضعف الكبير الذي اتسم به بلاغ وزارة الخارجية بخصوص سوريا مقارنة بالأحداث الجسيمة التي يتعرض لها الشعب السوري، مضيفا: “لا يمكننا إلا أن نرحب بالبيان وإن كنا نعيب على مختلف الدول العربية تأخر ردة فعلها فيما يخص الأحداث الأليمة التي تقع في سوريا”.

وفي السياق ذاته، شدد العثماني، على أن بلاغ وزارة الخارجية كان ضعيفا بسبب غياب مواقف حازمة من أحداث سوريا، مبرزا أن الاكتفاء بإظهار القلق مما يقع لا يكفي في مثل هذه الأحداث المأساوية التي تقع في سوريا.

وقال مسؤول العلاقات الخارجية، إنه: “كان مطلوبا بحكم موقع المغرب في الساحة العربية والإسلامية والدولية أن يدعم بقوة مطالب الشعب السوري، أما القلق الشديد والانشغال العميق الواردين في البلاغ فإنهما غير كافيين”. مبرزا أن البلاغ دعا الأطراف إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس، في حين أن الواقع غير ذلك، إذ لا يوجد سوى طرف واحد يجب أن يوجه له الخطاب وهو النظام السوري الذي يستعمل الدبابات في ضرب المدنيين ويقود حملة واسعة من الاعتقالات.

وشدد العثماني، على أن البلاغ كان عليه أن يوجه خطابه مباشرة لنظام بشار الأسد بدعوته بالتحلي بالحكمة وضبط النفس والتوقف عن تقتيل وتشريد الشعب السوري والإسراع بالإصلاحات السياسية من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي[13].

صديقان لويحمان والسفياني هما من أشد أعداء محور المقاومة، لم يعارضا ولو ببيان واحد من قبلهما، ولم يكتفيان بالتأكيد على صداقة والتحالف معهم خلال سنوات العدوان على ركن أساسي في محور المقاومة، بل يحاولون حتى بعد سقوطهم تسريبهم كالماء العفن داخل إعلام الممانعة.

لسنا ممن استيقظوا متأخرين لنكتب حول هؤلاء، ولكن نراقبهم منذ زمن، ويكفي أنه منذ سبع سنوات كتبت عن “فرسان القومية بالمغرب”، قلت فيه “كيف يساند القومي الكبير سوريا الدولة ويدافع باستماتة عن العدالة والتنمية؟ ألم يتبن إخوان بنكيران مشروع إسقاط الدولة في سوريا؟ ألم يساندوا النصرة؟ ألم يرسلوا أبناءهم إلى ريف إدلب حيث قضوا أسبوعا في ضيافة تنظيم القاعدة؟ ألم يلعبوا أخطر دور في الحرب على سوريا؟ أين كان فرسان القومية وهم الذين يبحثون عن ميكروفون التلفزات بالفتيلة والقنديل؟ كان السفياني يأخذ صورا مع بنكيران”[14]. تغيير النغمة لم يأت إلا بعد أن تبين لهم أن سوريا لن تسقط وأنها منتصرة. وهو كان يقول “ما يجمعنا مع الإسلاميين أكبر من سوريا، إنه فلسطين”، واليوم يقول قائد المقاومة نفسه بأنّ صواريخ الكورنيت التي غيرت المعادلة بغزة جاءت من سوريا وتم إيصالها عن طريق قاسم سليماني إلى غزة بإذن من الرئيس بشار الأسد. المعادلة صعبة ومعاملاتها لا تنفصل. لا يمكن أن تكون مع المقاومة وضد سوريا لأنه لا مقاومة دون هذا البلد.

لا يهمنا قادة العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح (الحلفاء الاستراتيجيين للسفياني وخادمه ويحمان)، ولكن يهمنا أن ويحمان الذي سوقهم داخل إعلام الممانعة عن طريق ثقوب غير مراقبة جيدا في إعلام الممانعة على أنهم من مناهضي التطبيع، وهو الذي ينتفض لمجرد وجود “تمرة” إسرائيلية، يحاول إيجاد ألف حجة لصديقه المؤسس للمرصد سعد الدين العثماني، الذي وقّع إلى جانب مايير بن شبات، ولم يُصدر بيانا كما ألف ذلك. لسنا في وارد مناقشة هذا الموضوع الآن، ولكن من أجل تفكيك تناقضات ويحمان.

مثلما حاول تسويق الوجوه الكالحة لأصدقائه من أعداء محور المقاومة هو من سرّب امحمد الهيلالي إلى قناة الميادين. الهيلالي ليس أي واحد، إنه عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ونائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وتولى بفضل بنكيران منصب مدير التشريعات بوزارة السكنى والتعمير. هذا المنصب كان إخفاء له بعد أن شتم قائد المقاومة اللبنانية واصفا إياه بالحقير وكان ذلك في مسيرة حضرها أتباع العدالة والتنمية وحركة الإصلاح والتوحيد وفي حضور من ويحمان والسفياني ولم يصدر عنهما أي شجب لذلك.

وفي وقفة بساحة البريد يوم 10 غشت سنة 2011، وكان حاضرا فيها العثماني أيضا، “دعا امحمد الهلالي، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الشعب المغربي إلى الخروج في مسيرات مليونية دعما للشعب السوري في محنته من اجل الحرية والكرامة، مضيفا أن دماء الشهداء من أبناء الشعب السوري إن عاجلا أو آجلا ستقود الخائن بشار الأسد إلى القضاء والمحاكمة أو الموت.

كما دعا المتحدث في تلك الوقفة النظام المغربي إلى طرد سفير سوريا بالرباط باعتباره رمزا من رموز النظام السوري البعثي الظالم لشعبه كما قال.

واستغرب المتحدث لماذا لم يخرج الأحرار من الشعب المغربي والحقوقيين وخاصة المنظمات الحقوقية المعروفة في مسيرات داعمة للشعب السوري الأبي. كما دعا من جانب آخر العلماء المغاربة وكافة المغاربة إلى التوجه بدعاء القنوت في التراويح والتهجد ضد من سمّاه بمصاص الدماء بشار الأسد”[15]. الوقفة نظمتها المبادرة المغربية للدعم والنصرة، التابعة لحركة التوحيد والإصلاح، التي يشغل فيها عزيز هناوي نائب الرئيس وهو نفسه نائب ويحمان في المرصد.

وقاحة الهيلالي واضحة، ففي وقفة أخرى مؤرخة بيوم 17 نونبر 2011، وكان يقف إلى جانبه عزيز هناوي صديق ويحمان ونائبه في مرصده، وتوأمه في “الصراخ”، هاجم الدولة السورية، ووصف بشار الأسد بالمجرم، وطالب بإسقاط النظام السوري عن طريق القوة، ودعا إلى طرد السفير السوري وإغلاق السفارة، بل دعا إلى المساهمة في إسقاطه عن طريق قوة الجيش وإرسال كتيبة مثلما أرسل المغرب كتيبة إلى الجولان، كما حث على إرسال الشباب إلى سوريا إلى القتال إلى جانب “الثوار”، وقال إننا مستعدون للذهاب إلى هناك[16]. وقال: “من أرض الرباط نرفع التحية إلى هذا الشعب على الصمود الأسطوري أمام بطش هذا المجرم الجبان بشار الأسد”[17]. من وصفه الهيلالي بالمجرم الجبان هو نفسه الذي اشترى الكورنيت من الروس وبعثها إلى حزب الله وإلى المقاومة الفلسطينية.

ومن أوقح ما قاله الهيلالي في مسيرة حول القدس، شعار لم يجرأ أن نطق به أحد من قبل، شعار: “نصر الله يا حقير عاقت بك الجماهير (أي كشفت حقيقتك الجماهير)”، ولا ندري عن أي جماهير يتحدث وهو وسط أعضاء من تنظيمه الإخواني-السّلفي، وفي تلك المسيرة التي تم تنسيقها وبحضور السفياني وويحمان والهناوي وكل المجموعة التي تحتلّ الساحة حيث لا تسمح بأي جهة أخرى أن تظهر على الواجهة. وقامت الجماعة بحذف التسجيل من اليوتوب، غير أنه بقي مسجلا كعنوان، غير أن الهيلالي المفضوح، كتب مقالا ردا على المفكر المغربي إدريس هاني، أكد بنفسه أنه رفع بالفعل هذا الشعار، حيث كتب مقالا تحت عنوان: “عندما يسقط القناع ويتحول مقاوم للصهيونية بالأمس إلى عميل للفارسية اليوم”، قال فيه :”في معرض رده على سؤال يتعلق بوصفي لحسن نصر الله بـ”الحقير” في معرض ترديدي لشعار سياسي في وقفة احتجاجية تضامنا مع فلسطين، أكد إدريس هاني أنه “لا مجال للتعليق على هذا السخف والتهريج، قبل أن يعقب ويتعبر ذلك “مجرد نهيق لحمير مستوحشة فرت من قسورة (قسورة هو الأسد)”[18]. يعني أكد بنفسه أنه شتم السيد نصر الله.

وكان السفياني وويحمان بجانبه، إذ هما من كانا في قيادة المسيرة حول القدس، وأقصى ما استطاع فعله الشخصان، هو التواري والتخفّي، حتى لا تضبطهم كاميرات التلفزة التي كانت تغطي الحدث. ولم يكن الهلالي وحده من يردد الشعار السابق، بل كان يقود مجموعة يرددون معه الشعار ومنهم كل المجموعة التي ترافق الهناوي وويحمان. لكن السفياني وويحمان لم يصدرا بيانا للاحتجاج ضد هذا السلوك الحقير، ولم يحتجّا ضده، بل استمرا في مشاركته ومشاركة من معه في كافة الفعاليات التي تنظمها حركة التوحيد والإصلاح والجمعيات التابعة لها، وظلّ التنسيق والصداقة والودّ، بل وكان جزاؤه أن كرّمته حكومة العثماني وأصدقاء ويحمان بمنحه وظيفة على رأس إحدى المديريات، وذلك لكي يتوارى عن الأنظار قليلا بعد أن بات مرصودا وعنصر إحراج للسفياني وويحمان إلى أن ظهر على شاشة إحدى القنوات ليخرّب مخطط التدليس الذي حرص عليه الإثنان.

كنا ننتظر من هؤلاء التعبير ولو ببيان بسيط لكن ذلك لم يحدث. وبعد استشهاد الحاج قاسم سليماني وصفه الهلالي على صفحته بالفيسبوك بالجنيرال الدموي، ولم نسمع من هؤلاء أي رد فعل ولو ببيان بسيط، مع العلم أن الجنرال الشهيد هو من أوصل السلاح إلى المقاومة بغزة، التي يقول السفياني إنها تجمعه بالإسلاميين.

جمع الهيلالي كافة المساوئ والشرور بشتمه لقادة المقاومة ورموزها. ولكن ما يؤكد عمق المودة والعلاقة العميقة بين الهيلالي وويحمان اليد اليمنى للسفياني هو حين يكتب في مديح ويحمان، عندما افتعل مسرحية التمور بمدينة أرفود جنوب شرق المغرب[19]، وكال له كل الأوصاف التي لا يمكن أن تنطبق إلا على صديق للتوحيد والإصلاح التي تحرض ضد محور المقاومة وتكفر بعض أجنحته إن لم يكن أغلبها، ولذا كرمته الجمعية الوهّابية تكريما كبيرا نظيرا للخدمات التي قدّمها لحركة التوحيد والإصلاح ذات المرجعية السلفية -الإخوانية.

هذا التشبيك الذي يسعى عن طريق أحمد ويحمان لاختراق إعلام الممانعة من خلال الحضور في برامج والإدلاء بتصريحات، والغرض هو الوجود في كل مكان. لكن ويحمان يقدمهم على أنهم مع المقاومة، لكنها مقاومة دون سوريا ودون حزب الله ودون إيران ودون اليمن ودون حتى الفصائل الفلسطينية ما عدا حماس، والتي انتهت بعد سنوات من التنسيق لإصدار بيان تصفهم بالخذلان.

بعد الإحراج الذي تسبب فيه الهلالي الذي فضح المستور من مواقف حلفائه، يسعى كل من ويحمان والسفياني للملمة الوضع والبحث عن مبررات للهروب من الموقف بتمثيليات وخطاب أصبح محلّ تندّر الرأي العام المغربي العارف بأساليب من كان لهما خطابان: أحدهما موجه للمشرق والثاني موجه للمغرب، وفي المغرب حيث تتبعنا مواقفهم وتصريحاتهم بحكم المهنة، كوني محرر في الصحافة اليومية، وبحكم اهتمامي بتتبع ودراسة خطاب جماعة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية وحلفائهم. لقد فرضت خرجة الهلالي الأخيرة على ويحمان ورئيسه أن يخرجا من مخبئهما وينخرطا في سيناريو جديد من الدعاية للتغطية على مسار حافل بخداع الرأي العام.

في كل خرجات الهلالي ضدّ سوريا يوجد عزيز هناوي، كما في كل خرجات ويحمان يوجد عزيز هناوي نائبه ورفيق عمره، المجموعة نفسها تتكرر في المشهد، تنسيق دائم، تحالف دائم، تخطيط دائم، ومع أنّ ويحمان يتقاسم أدوار قيادة الخرجات مع نائبه هناوي إلاّ أنهم سرعان ما يجتمعون جميعهم حين يتعلق الأمر بوقفات لا تثير انتباه محور الممانعة، لا سيما في المسيرات التضامنية حول فلسطين، بينما اجتمع كلهم في وقفة للدفاع عن مرسي وتضامنا مع رابعة.

 مع كلّ هذا، فإنّ قراءة متأنّية للصور والتسجيلات التي تجمعهم جميعا وتصريحاتهم وتناقضاتهم، يؤكد أنّنا إزاء تحالف كان له الدور الأكبر في التحريض على سوريا، وبعض أعضائه حضروا مؤتمر القاهرة الذي دعا للنفير في سوريا، ناهيك عما رصدناه في تصريحاتهم الخاصة ومن خلال التسريبات التي تظهر تدليسهم قبل أن يرتدوا قناع المُداهنة والتماهي مع خطاب من يلعنهم حلفاؤهم ورفاق دربهم وما تتطلبه مهنة التدليس من تبادل الأدوار وتقاسم المهمات. 


[1]https://www.alyaoum7.ma/6450.html

[2]الأسبوع الصحفي الصادر يوم 13 أكتوبر 2013

[3]https://www.youtube.com/watch?v=m7rVgQjFmiQ&feature=youtu.be

[4]https://www.goud.ma/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A-%D8%AC%D9%8A-%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AA%D9%8A-%D9%8A%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D9%86-609631/amp/

[5]https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=845733322926939&id=100024708372047&sfnsn=mo

[6]https://www.qudspress.com/index.php?page=show&id=25857

[7]https://www.maghress.com/almassae/151326

[8]https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B3%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D8%B4%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%8A%D9%82%D9%88%D9%91%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-/621442

[9]http://pjd.ma/node/64194

[10]http://www.assahraa.ma/journal/2012/152853

[11]https://www.islamtimes.org/ar/news/210895/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B6%D8%AF-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%88%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7

[12]نفسه

[13]http://pjd.ma/node/1190

[14]إدريس عدار، الفرسان الثلاثة، النهار المغربية 21 ماي 2013

أعيد نشره فيhttps://www.maghress.com/annahar/4455

[15]http://www.pjd.ma/node/1154

[16]https://www.youtube.com/watch?v=kc_a3cEeIlI&feature=youtu.be

[17]نفسه

[18]https://www.hespress.com/%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%B3%D9%82%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%B9-%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88-130762.html

[19]http://howiyapress.com/%D8%A7%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84/