كريم زيدان من سلا: المغرب ليس ألمانيا.. و”الوصفات المستوردة” لا تصلح لحل أزمات الداخل!

في تصريح مثير يلامس عمق الإشكالات التي يعيشها المغرب على مستوى تدبير الشأن المحلي، أكد كريم زيدان، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، أن السياسات الأوروبية وعلى رأسها الألمانية لا يمكن تطبيقها كما هي داخل المغرب.

وجاءت تصريحات زيدان خلال ندوة نُظّمت بمدينة سلا، حيث علّق بشكل مباشر على المتابعة القضائية التي يواجهها مصطفى لخصم، رئيس جماعة إيموزار كندر، قائلاً:
“لا يمكن نقل فكرة أو سياسة من ألمانيا وتطبيقها 100% في المغرب.. هذا غير واقعي!”

وأوضح المسؤول الحكومي، القادم بدوره من ألمانيا، أن المغرب له خصوصياته المجتمعية والسياسية والإدارية التي تجعل من الضروري تكييف أي نموذج أو تصور أجنبي مع الواقع المغربي. وأضاف قائلاً:
“أي رؤية أو منهجية جايبها من برا، خاصها تتكيّف مع المجتمع المغربي. وإلا فالفشل هو النتيجة المنتظرة.”

كلمة الوزير زيدان، في جزء منها، صحيحة وسليمة منطقياً من ناحية اختلاف البنيات والخصوصيات المميزة لكل بلد، وإن أي نموذج تنموي لا يستحضر هذه المتغيرات والمميزات لا يُكتب له النجاح. لذلك لا بد من تهيئة النماذج وتكييفها بحسب تلك الخصوصيات لضمان نجاحها واستدامتها.

لكن، غير المقبول أن يتم تحت ضغط الواقع والاستثناء المغربي، التطبيع مع الفساد بدعوى أن “الواقع لا يرتفع”. وهذا ما تجاوزه الوزير في مداخلته، لأن الحاصل اليوم في المغرب هو سيطرة منظومة الفساد وتغلغلها في مفاصل المؤسسات، وتوفير كل الغطاء لها لتستشري وتستقوي. وقد تكون مثل هذه التبريرات مدخلاً من مداخل سوء الفهم، الذي يترتب عنه إيجاد مصوغات لتبرير كل شيء.

فإذا كان أحدهم متشبعاً بخلفية إصلاحية غربية، وبرهن بالملموس على نجاعتها، فوجب الدفاع عنه واعتبار التصرفات التدبيرية الصادرة عنه مثالاً يُحتذى، لا العمل على تثبيطه وثنيه عن تحقيق أهداف آمن بها، تتعلق بالنزاهة والشفافية والإنجاز الرشيد.

من هذا المنطلق، لا ينبغي للحكومة أو لأي وزير فيها أن يبرر ما لا يمكن تبريره، لأن واقع الحال في المغرب يكذّب ذلك جملة وتفصيلاً.

تصريحات زيدان تعكس وعياً متزايداً داخل دواليب الدولة بضرورة القطع مع وهم “النموذج الأوروبي”، والعمل على بناء رؤية مغربية خالصة للإصلاح، تنبع من هموم المواطن المغربي وتستجيب لحاجياته، بعيداً عن الانبهار بالشعارات المستوردة. لكن هذا لا يمنح أي مبرر للتراجع عن مبادئ الشفافية والنزاهة أو التماهي مع واقع مفكك تسكنه أعطاب مزمنة.