يبدو أن عناصر الإنقلاب على مقومات النظام السياسي المغربي من الداخل لم تعد سرية.

الوطن24/ مصطفى بوكرين

مصطفى بوكرين

نسب المولى إدريس مشكوك فيه” ….
“رسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد أسطورة وغير موجود أصلا ” ….
” اللغة العربية لا تصلح لأي شيء ” …
” المرجعية والقوانين الدولية تسموان على المرجعية والقوانين الوطنية ”
” المطالبة بإعطاء حاملي السلاح حق التصويت في الإنتخابات الجماعية والبرلمانية وبالتالي حق الإنتماء للأحزاب السياسية ” …
وغير هذا كثير …
يبدو أن عناصر الحرب ، أو لنقل عناصر الإنقلاب على مقومات النظام السياسي المغربي من الداخل لم تعد سرية ، طالما أن كل هذا الكلام يتم الترويج له من طرف المحسوبين على حزب سياسي يفترض فيه أنه يعمل في إطار “الشرعية” وفي إطار دستور صوت عليه المغربة بنسبة 98% , دستور يقِر ُّ بأن الإسلام والملكية وإمارة المؤمنين المبنية على النسب الشريف لنبي إسمه محمد ، واللغة العربية ، وحياد حاملي السلاح وغيرها هي من ركائز النظام السياسي المغربي . وللأسف فإن كل عملية الهدم هذه تتم بأموال الشعب المغربي .
إن الغرض والمقصود من كل ما تم ويتم الترويج له كل سنة في مهرجان ثويزا وغيره ، ليس موجها ضد رسول الله ، فرسول الله قد مات ولا أحد يستطيع التهجم على ميت سوى الجبناء ، أو كما قال أبو بكر ” من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ” ، إن هذه الحملة موجهة أساسا ضد مقومات وعناصر الشرعية والوحدة والإستقرار والإستمرارية التي ظل الشعب المغربي يتميز بها . إنها محاولةُُ لبيع الوطن بالجملة من طرف أناس لا ينتمون إليه أصلاً أو فقدوا الإنتماء إليه ، ومن لم يتبرأ من هذا الكلام ويأخذ مسافة كافية مع المروجين له فإنه سيكون منهم حتماً وسيتحمل وزر ومسؤولية مايقع وما قد يقع ، وتجدر الإشارة أن الغالبية الساحقة من البسطاء التابعين بدون عقل لأجندة هذا الحزب إنما يفعلون ذلك مجانا ولذلك يعتبر انسحابهم جماعيا منه خدمةً للوطن كما يعتبر دليلَ براءتهم الوحيد من المؤامرة عليه.
الغريب أنك حين تسأل الناس عن المحاولات الإنقلابية التي عرفها المغرب المعاصر ، فإن غالبيتهم سيذكرون فقط محاولتين انقلابيتين عسكريتين هما محاولة 1971 , و محاولة 1972 , وقليل منهم سيزيد محاولة مفترضة في 1984 , وأقل منهم سيذكرون محاولات كل من عبد الكريم الخطابي والريسوني وبوحمارة ( أو بوحمالة ) في الشمال والهيبة ماء العينين في الجنوب ، ولكن لا أحد سيذكر أو سيتنبه أن أخطر محاولة انقلابية على النظام السياسي المغربي المعاصر والحالي ، وأذكاها على الإطلاق ، هي تلك المحاولة التي أطلق عليها لاحقا إسم ” حزب الأصالة والمعاصرة ” ، وتنويرا للنقاش وجب التأكيد أن هذا ليس تصنيفا إيديولوجيا أو سياسيا وليس موقفا حزبيا بأي شكل من الأشكال ، بل هي حقيقة مرعبة نجا منها المغرب أو يكاد ، ببركة الشرفاء و”نية ” الشعب المغربي البسيط .
وفي تفسير سيرورة وتصنيف الطابع الإنقلابي لهذه المحاولة يكفي التذكير بسيطرة مجموعة قليلة جدا من الأشخاص ، لا يعرفهم أحد ولا قاعدة شعبية لهم ، بشكل سريع ومفاجيء وبشكل شبه كلي ودون أي شكل من أشكال النضال السياسي أو الديمقراطي ، سيطرت بشكل تام ومطلق على كل دواليب الدولة تقريبا ، ونزلت عناصرها ليلا في جميع المؤسسات وأصبحوا يعينون من يريدون ومتى يريدون وكيفما يريدون وأينما يريدون ، دون أي سند دستوري أو قانوني ، اللهم بعض الأوامر التي تصدر من هنا وهناك وتنفذ تحت الترهيب والتهديد . ولم تسلم من هذا حتى الإدارة الترابية ومصالح الدرك والأمن
ينضاف إلى كل ماسبق عملية التحطيم الممنهجة للبنية الحزبية والسياسية
وتحطيم البنية الإجتماعية والمنظومة الأخلاقية . مع إضفاء الصفة القانونية والدستورية على كل ذلك من خلال تقديم التشريعات الدولية ( التي نعرف أين وكيف ولماذا يتم إنتاجها ) على التشريعات الوطنية وكذا تأسيس بنيات عميلة تخترق جسم المجتمع المدني المغربي ويتم تمويلها من الخارج الذي له ولاءها وليس للوطن ، مع تغليف كل ذلك بمفاهيم براقة وشعارات رنانة مثل الحداثة والديمقراطية والمعاصرة وغيرها ، بينما تتسم سلوكات هؤلاء على الواقع بالكثير من التخلف والعمالة والرجعية والاستبداد والاغتناء غير المشروع .
هذه أمور لم يجرأ على فعلها ولم ينجح في الترويج لها بل ترفع عنها حتى المستعمر ، ولذلك أعتبر العملية برمتها مجرد محاولة لإحياء المشاريع الإستعمارية المتعلقة بتفكيك البنية الثقافية والإجتماعية والجغرافية والمؤسساتية للمغرب . يحدث كل هذا بينما المفروض في الأحزاب السياسية أن تحافظ على مصلحة الوطن ومقومات وجوده واستقراره وأن تعمل على الارتقاء به وتطويره .
فهل يكون بنكيران يا ترى على حق في بعض ما يذهب إليه ؟ .