كَيف أُكَفّيكِ وَجعَ الشّوق

الوطن 24/ بقلم: سليمان الهواري

لِلشّوقِ على أطْلال المساء
رائحة الإحْتِضار
مَن يُخْرسُ في صدري
ضَجيجَ هذه المدن الفاجرة
كَفاك تَسَكُّعا
أيُّها النبضُ المجروح
على أعْتاب الغَواني

أَعشقُ الفقراء
أعشقُ الليل
أعشقُ الغجَر
أعشقُ المشيَ حافيًا في الصحراء
أصرخُ في وجْهِ النّهاراتِ البَليدَة
كَيف تُغازِل الصّلاة بِقلوب مِن نُحاس

أُعانِد الغيماتِ في عُيون الصّبايا
تَأْبى أن تُزيِّن تِلال الصّدر
أمْطارًا مِن مُجون
أَتَهَكّم في وجهِ مَلائِكة الحُب
كيْفَ لا تُمارس الرّذيلةَ
في مَمْلكةِ السّماء

أعلنُ مِلْءَ ضَجَري
أنِّي
أكرهُ النّياشينَ التي تُقسّمُ الظهر
أكرهُ الياقاتِ النظيفةَ
أكرهُ جيش المُطَبّلين
أكرهُ أحمر الشّفاهِ
كَمَا الإِسْفَلتُ المَشْقوق في طُرقاتنا التائهة

مَا أجْملَ الضّياعَ
في جسد أُنثى
تَلتَهِمُك فيهِ حَصيدَةً مِن سنابِل نيسان
أتَسَكّعُ فيه حتى الرّشْفَة الأخيرة

تَتَأوّهُ الأرضُ جَمرا
فَتَنْثُرُ الآلهةُ مِداد القصيدة
مَن يُخمِد ثوراتِ أنهاري المُشتعِلة

نُهزمُ في الحربِ قهرًا
يَهزمُنا الوطنُ غدرًا
ونُهزم في الحُب دهراً

نَعُودُ مِن جبهاتِ الحب
مَكْسُوري الأحْلام
كَمَا جُندي
فَقَدَ أصابعَ يَديْه بِنيرانٍ صديقة

في العَينِ
تاريخُ هزائمٍ
ومَرارات
حتى لَو تَزَيّنت الأكتاف بنياشين الإنتصار

كَم هُو مُتْعِبٌ طريقُ العُشّاق
في زمن الأوْحال

كَمَا الوحْيُ
ارتجّت السماء
فَوُلد عِشقك في قلبي
ويبقى الذي لَكِ بَينَ الضّلوع
أكبرُ من كل الكلام

مَنْ قال أننا نُشْفى مِنْ وجعٍ إسْمُهُ الوطَن
فَكَيْفَ أُشْفى مِنكِ سيدتي
وأنت تتمدّدينَ في قلبِ الدّهشة
تَنْهشينَ مَعَ الخَفقةِ وَريدَ الحَياة
أَضَأْتِني ولَوْ لَمْ تَمْسَسْني نار
نُورٌ أنتِ على نور

أيُّها الفرحُ الهارب
على أعتابِ العُمر
حُبِّبَ لي في دُنْياكُم ثلاث

أُحِبُّ امرأتي
وأعشقُ امرأتي
ولا أتنفّسُ سِوى امرأتي

تقتلني غِيابًا
تقتلني اقترابًا
تقتلني اشتياقًا
تقتلني احتراقًا
رمادي انْثُروهُ لِلْوالِهينَ تِرياقًا
حبيبتي
يا وطني الأخير
أعيشُكِ تَنْهيدةً لا تَرتَد
فَكَيْفَ أُكَفّيكِ وَجَعَ الشّوقِ
وأنتِ الحُبّ جَلاله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *