لا تطمعوا ان تهينونا …!

الوطن 24/ بقلم: عبد اللطيف الصبيحي

عن غير هدى مضى حزبي “فوكس” و “بوديموس“ (إسبانيا) في مسارات سياسية معاكسة لمصالح المغرب ضاربة عرض الحائط بمجهودات كبيرة لم تتوقف من أجل إحداث تقارب فعلي مبني على قاعدة صلبة تُزيل ما علق بها في غابر السنين من سوء فهم كبير ومن أجل ما يمكن أن يؤسس لتعايش متكامل لصالح كل شعوب المنطقة، بدئ بإلغاء كل أشكال التعالي والتحرر من ترسبات قديمة وأفكار تلجمها من معاكسة ذهنية طبعت بها فترة القرون الوسطى…

ان هدين الحزبين وللأسف! العالم بالنسبة لهما عبارة عن حلبة مغلقة كحلبات مصارعة الثيران لا يكتمل عندهما إلا برؤية الآخر مُنهارا مَسلوب الإرادة  مُنهك القوى خَائرا متوجعا من شدة الجروح، ولا ينتهي عندهما المشهد إلا بتقطيع ما تيسر وما استطاعوا إليه سبيلا من الجسد المُمدد على الأرض ليضعوها نياشين على اكتافهم المنهكة والمثقلة بغبار النسيان، لمجد مفتقد غير مسترشدين لما وقع لسلفهم ” ازنار ” بعد ارتمائه الغير الموفقة على جزيرة ” ليلى”، فولى خائبا بعد أن زأر من بعيد ” كولين باول ” مذكرا اياه بحدوده التي عليه الوقوف عندها بعد أن اعتقد أن مشاركة بلده في الحرب ضد ” العراق ” إلى جانب ” امريكا ” ستطلق يده بالمنطقة بدون رقيب ولا حسيب، باستباحة معلنة لسيادة المغرب على اراضيه بمبررات واهية فهم حقيقة ما  ” تياسر” وما ” دمقرطوا ” ولكن شبه لهم ! نعم شبه لهم وأكثر من دالك ، وصور عنف اجهزتهم الامنية اتجاه المطالبين  بانفصال إقليم الباسك مازالت ماثلة أمام أعين العالم بأسره وهم بسلوكهم هدا آخر من يمكن أن يعطي دروسا تُذكر بالمبادئ الدولية لحقوق الإنسان وبالقضايا المدرجة بالأمم المتحدة … أن المصارحة البينة بمعاكسة قضايانا ومصالحنا أفضت إلى افهامهم أن زمن ارضاءهم لم يعد قائما وسنكرر مع أحد شعراءنا دوما ومن الآن قوله:
لا تطمعوا ان تهينونا ونكرمكم _ وان نكف الادى عنكم وتؤدونا.

لسوء حض هدين الحزبين أن وزيرة خارجية بلدهما التي طالبت بإلغاء الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بادعاءات تقتات من معجم الحقبة الاستعمارية، أنها اصطدمت بجيل من نخبة سياسية مغربية انتقلت من دائرة التأثر بالتاريخ ومساراته الطبيعية إلى دائرة صناعة التاريخ وفق منطق استراتيجي متميز ولما لا يصنعه وهو الذي خبر المنطقة خبرة سحيقة ويمتلك براءة معرفية لكل تضاريسها وجيناتها وشفراتها، ولهدا لا يمكن لنا أن ننظر إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة المغربية في القطع مع تجارة التهريب المعيشي واقفال الحدود إلى المقاربة التنموية المندمجة التي تنشد انتشال شباب المنطقة بأكملها من براثن البطالة والتهميش والشروع الجدي في حماية المنتوج المغربي من منافسة الغير شرعية الحقت ضررا مهولا بالصناعة المغربية إلا استهلالا لمحو ضعف طالما وسم السياسات السابقة.

لسنا من هواة التبريرات ولم نكن ابدا كدالك وتاريخ المغرب غني بأحداث كثيرة، تنازل ومنح ووهب وضحى، بدئ بدعمه لجيش التحرير ب ” الجزائر ” وتضحيات ابناءه في الحرب العالمية الثانية  وما قدمه من دعم لـ “حزب المؤتمر الافريقي”  في صراعه ضد نظام ” الابارتايد ” وباعتراف “نلسون مانديلا”، وبدون جنوح عن موضوعنا اليس من حق الدولة المغربية ان تنظر الان إلى مصالحها. بنظرة برغماتية تنتفع بها  ويستنفع بها الاخرون الدين تجمعنا بهم اواصر متعددة ؟

اعتراف ” بريطانيا ” و” أمريكا”  بمغربية الصحراء نَقل الضغط وبكل قوة على الجارة ” إسبانيا ” بالدرجة الأولى وجردها من ورقة أساسية لطالما ساومت بها على مصالحه، وهي الآن تراه قد قام بنقلة نوعية في مساره السياسي ستلحق الآن أو بعد غد وبكل اطيافها السياسية  بهذا الاعتراف  لتطوي نهائيا صفحتها الاستعمارية وتداعياتها ولا نقصد بكلامنا هدا الصحراء المغربية فقط ولكن حتى ” سبتة ” و “مليلية ” و الجزر ” الجعفرية ” و جزر ” الخالدات (الكناري )” لتكون كل حدودنا الأربعة في امن و امان وكل حدود وأنتم….