لماذا لم يعتصم المعتصم بحبل العدالة والتنمية؟.
الوطن24/ بقلم: د. محمد الشرقاوي
هو سؤال عن خبايا الفرق بين تماسك العقيدة السياسية وبريق المصلحة الظرفية. سؤال لا ينطبق على رجل بعينه، وإنما يختزل استفهامات عدة حول مدى تشبع وجوه النخبة السياسية في المغرب بالالتزام الأيديولوجي ومبدأ الفضيلة السياسية التي بلورها سقراط وغيره من فلاسفة الإغريق أساسا للسياسة والحكامة في المجال العام، قبل أن نصل إلى تموجات القناعات الحزبية المختلفة في مغرب العجائب حاليا.
لا يهمني شخصيا ما يختاره جامع المعتصم، ولا سابقوه من اتحاديين ويساريين وحتى بعض المثقفين عندما تحوّلوا إلى مريدين لشيوخ السياسة الموازية بعدما انتقدوهم بشراسة لسنوات وعقود. لكن ما أنتقده هو محاولته استغباء الرأي العام ضمن رسالة “الاستقالة”، وتلك المفارقة الصارخة بين التلويح بالصفاء والعذرية السياسية في العلن، وميكيافيلية الغاية تبرر الوسيلة ومنطق الغنيمة وعائد المرونة في الخفاء وسهولة تغيير القميص بين المواسم السياسية دون اعتبار لمن لا يهضم النفاق والإدّعاء.
يشير السيد المعتصم في إيماءة شبه ذكية إلى قناعته بضرورة “رفع الحرج عن الحزب” مرتين في نص مقتضب من فقرتين، وهو كمن يدر الرماد في العيون. كان يدرك إدراك اليقين ويتذكر أنه خلال الانتخابات قبل أكثر من عام، كان يناور من أجل منصب حكومي بما يضمن له ميزات مادية ومعنوية من خلال الاستثمار في المودة الشخصية بين عرّابه عبد الإله بنكيران وعزيز أخنوش وبعض أصحاب النفوذ في مربّع الباب العالي.
ثمة عبارةٌ أخرى في رسالة “الاستقالة” تنمّ عن مراوغة غير محبكة بقوله “أرتب على ذلك ما يلزم لتصحيح الوضع”. لكن من يؤمن بحتمية “التصحيح” أو “الإصلاح”، وهي سنة مؤكدة في أدبيات الخطب الرنانة له ولغيره من قادة العدالة والتنمية، ينبغي ألا يزيغ عنها ولو حضر مال قارون أو صلاحيات الحكم كاملة لدى فرعون. فلا وجاهة إذن في منطق السيد المعتصم في تبني شعار التصحيح خطابيا، والتحايل على الرضاعة من بقرة الخصم” حتى إشعار آخر.
الآن، وقد انفلت خيط الحبكة من عقاله وانكشفت زاوية العتم المقصود والتستر عن “الغراميات السياسية” في الكواليس بين المعتصم وأخنوش، يبدو أن صاحب العصمة على الفضيلة العدلوية لا يبالي بمعيارية القيم والشهامة السياسية التي تظل روح الفضيلة السياسية.
كانت الشهامة السياسية تقتضي أن يتمسك بقميص العدالة والتنمية، ويوجه رسالة “الاستقالة” إلى زعيم الحزب الخصم ورئيس حكومة لا يوجد فيها إخوان الزمن القديم ونضال الدرب الطويل. كان سيخسر راتبا شهريا وسيارة حكومية وسكنا يمنحه مقامَ واعتبارَ صفة “الأعيان الجدد”. لكنه كان سيكسب رصيدا لا متناهيا من الاحترام والتقدير من رأس المال المعنوي والأخلاقي، ويؤكد لشباب الحزب خاصة، وشباب المغرب عامة أن لديه عمودا فقريا يمنحه القناعة والعفاف السياسي.
كان سيصبح رمزا نادرا ممن آثروا المصداقية وتحرّروا نفسيا وذهنيا من مركب السلطة والثروة. وبالمناسبة سجل النخبة المغربية هزيل جدا في مجال الاستقالة والعفة السياسية. لكن السيد جامع لا ينوي الجمع بين الأضلاع لمعادلة الالتزام والفضيلة السياسية، بقدر ما يحسن الجمع والطرح والقسمة والضرب:
لماديات السياسة، وليس معنويات السياسة،
وانتهازية المرحلة، وليس مبدئية المرحلة،
ومهادنة الحرج، وليس شجاعة الاعتراف،
والتمثيل على المسرح، وليس المصالحة مع الذات،
وثنائيات أخرى متوالية في شطحات رجل “تجمع أحرار العدالة”…!!
You have remarked very interesting points! ps nice website.
Euro travel guide
Rattling excellent information can be found on blog.!
Hello there, just became alert to your blog through Google, and found
that it’s truly informative. I am going to watch out
for brussels. I’ll appreciate if you continue this in future.
Numerous people will be benefited from your writing. Cheers!