مدينة سوق أربعاء الغرب, ها قد حان الوقت..

الوطن 24/ بقلم: فؤاد العنيز

كطفلة أرخت جدائلها على كتفيها
حملت ابتسامتها على كفها
ولوحت للشمس
وهي تغني أملا طال أمده
رصت مزهرياتها
على طول الطريق المقفر
لوحة تزهو بالألوان
وانطلقت
تحكي للريح
حكايتها المخضبة بالأسى والحسرة ,
رسالة توجهها عبر الأثير لمن
بعيدا هناك
, حصّن نبضه من وخز العناق .
كطفلة أهملتها القبيلة
ورمت بها عارية
إلا من حزنها
, لغياهب النسيان..
وكانت الأزمنة
تطارد بعضها قدُما
غير آبهة
بما اعترى المدينة
من شحوب وامتقاع..
تقدّم بها السن ,
هرمت
توسدت مفاتنها القديمة
عانقت حكمتها المسالمة
ونامت على الرصيف
وهي تعاتب النجوم البعيدة في السماء.
الماء وطن
يا مدينة يلعنها الماء
ويعصف بها
إلى طوابير
تستجدي شربة زلالا
من آبار تناسلت على جنباتها
ممعنة في التشظي
أو
لعلها
تنعي ما انسكب
عبر صنابيرها من سموم
تسمّي نفسها قسرا ماء.
كبُر الأطفال يا مدينتي
وأنت طفلة لا تكبرين .
صاروا شبابا يافعين
وأنت لم تبرحي طفولتك بعد .
شاخ الشباب في دروبك
بعدما
برم من انتظار الذي لا يأتي
وبعد أن
أعيته الأناشيد المنمقة بسحر اللفظ
وبلاغة الأقوال المحنطة
وتاه بعضه
في مناكب الأرض
يتوخى فضيلة
افتقدها فيك
وانزوى البعض الآخر
في دهاليز معتمة
تحاكي ليلا لا نهاية له .
أيتها المدينة الثكلى التي
شق صارم منتصفها فأرداها
نصفين تباعدا وتنافرا
حتى
كادت تفتك يمناها بيسراها.
ها قد حان الوقت
لتلملمي مفاتنك المتعبة
وتشمري عن أكتاف
كاد يهدها الإنتظار
ها قد حان الوقت
لتنهضي
شامخة
وتطاولي
هامات السحاب
عشقا مترفا يمجد على ناصيتك
زهورا يانعة
لا تحني رأسها للريح
مهما عصفت .
ها قد حان الوقت
لتنكتبي من جديد
إليادة
لا تحبسها الكتب خلف السطور
كما
” نوّارة الشمس ”
لا تتعب من رفع رأسها عاليا
كما
نخلات الدعادع
تحكي للسماء كل ليلة
حكاية
ها قد حان الوقت
لتحرري بسمتك
من شظف الداكن
لفساحة العنفوان
ها قد حان الوقت
لتنسجي للتاريخ رداء
من شموخ وعزة
وكرامة وحب دافق
وتطلقي لنبضك العنان .
ها قد حان الوقت
يا مدينتي
لتغيري العنوان.